استهل المقهى الثقافي المقام ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية ندواته المخصصة لمواكبة الحدث الثقافي بجلسة علمية تحت عنوان: «التراث الثقافي وأفق المستقبل»، شارك فيها كل من الدكتور عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العُليا المنظمة للأيام، والدكتور عمر عبدالعزيز، والدكتور سعيد يقطين والأستاذ سلامة الرقيعي. وخلال كلمته أشار الدكتور عبد العزيز المسلم إلى أن اختيار «التراث والمستقبل» شعاراً لدورة هذا العام انبثق من فكرة اعتماد الشارقة في نهضتها وتنميتها الشاملة على محوري الأصالة والمعاصرة، في تمسك عميق بقيم وهوية الماضي وتطلع واثق يصنع المستقبل ويستشرفه. وأكد المسلم أن هذا النهج يتجسد في اهتمام الإمارة بصون التراث وحفظ الهوية الأصيلة بما فيهما من أفكار ومعتقدات وقيم موروثة وإقران كل ذلك بانتشار المؤسسات العلمية والبحثية المتقدمة وأرقى مراكز الابتكار والتكنولوجيا والفضاء والفلك. فيما تناول د. عمر عبدالعزيز خلال مداخلته العلاقة بين التراث والتشكيل، ببعديهما الماضوي والمستقبلي، مؤكداً تأبيّ التراث وامتناعه عن معتريات الاضمحلال والتلاشي طالما توفر الترابط والربط الصحيح مع المستقبل. وأشار إلى أن التشكيليين يتأثرون بالمفردة التراثية على اختلاف بيئاتها من جبال وبحار وصحارى وسهول، وإن كانت الفنون تدخل ضمن التراث المادي، إلا أن التراث المعنوي غير المادي أكثر أهمية بما فيه من لغة خفية متجددة وإبداع يخاتل الزمن ويستعصي على التلاشي. ومن ذلك التراث الموسيقي باعتباره عملاً إبداعياً يضمن أنساقاً ومؤثرات ينسج منها تفاصيل السجل التاريخي الأنثروبولوجي لدى الشعوب. بدوره اختار الأكاديمي والناقد المغربي د. سعيد يقطين العلاقة بين التراث السردي ورهانات المستقبل، ليستعرض من خلالها عدداً من التحديات التي تواجه التراث السردي العربي الذي لم ينل حقه الكافي من الاهتمام في الثقافة العربية قديماً وحديثاً بالمقارنة مع ما حظي به الشعر. ولفت يقطين إلى أن الغرب تجاوز مرحلة التساؤل عن حالة التراث، لأنهم نجحوا في تطويره وجعله مكوناً طبيعياً في حياتهم وممارساتهم اليومية، عبر اعتنائهم بمن مضى من أدباء ومفكرين وشعراء والاحتفاء بمنجزاتهم في الجامعات والعمران، ولا يتم الاكتفاء لديهم بالتذكر الآني والاحتفاء الموسمي بتراثهم. ودعا يقطين إلى التخلص من التراكمات والرواسب المقيدة للتفكير الثقافي والأدبي المنفتح، مشدداً في الوقت نفسه على أهمية تجاوز عدد من الثنائيات المقيدة والعقد السائدة في الفكر المرتبط بالموروث الثقافي مثل الأصالة والمعاصرة، والثقافة العالمية والشعبية، والإيجابي والسلبي، والشرق والغرب، بهدف الوصول إلى علاقة طبيعة موحدة ومتكاملة مع تراث شامل وقابل للمستقبل، وقائم على المأسسة والدراسة الأكاديمية وبرامج التحقيق والترقيم للنصوص والمخطوطات والبحث الميداني في مجال التراث، فضلاً عن التفاعل مع وسائط التكنولوجيا الحديثة. بينما أشاد الأستاذ سلامة الرقيعي خلال ورقته إلى دور إمارة الشارقة في رعاية التراث والثقافة وصون الموروث الثقافي عبر جهودها ومنجزاتها ومشاريعها التي تخطت بأثرها ونفعها حدود الوطن العربي، وأسهمت في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيزها، مشيراً إلى أن ارتباط التراث بين الماضي والحاضر والمستقبل هي حلقة متسلسلة متواصلة لا انقطاع فيها كما هو الأمر في انتقال الثقافات والمهارات والحرف بين الأجداد والأحفاد بصور وأنماط متطورة. كما شهدت الندوة عدداً من المداخلات من بينها مداخلة ثرية للأستاذ الدكتور أحمد علي مرسي مستشار التراث الثقافي لمعهد الشارقة للتراث سابقاً، تناول فيها عدداً من القضايا المتصلة بأهمية الحفاظ على التراث مع التمسك بمواكبة متطلبات المستقبل. وكانت فعاليات الدورة التاسعة عشرة من أيام الشارقة التراثية، قد انطلقت في وقت سابق في قلب إمارة الشارقة، وتستمر حتى يوم 28 مارس الجاري، تحت شعار «التراث والمستقبل»، وتشهد مشاركة محلية وإقليمية ودولية واسعة تتمثل في أكثر من 33 دولة، إلى جانب استعراض العديد من الفلكلورات الشعبية والأنشطة التراثية المحلية، إضافة إلى مشاركات تراثية وثقافية دولية. من العروض الفلكلورية المقامة ضمن أيام الشارقة التراثية جانب من المشاركات الفلكلورية في المهرجان التراثي