اختتمت فعاليات ملتقى الشارقة الدولي للراوي ال21 في مركز إكسبو الشارقة، في حين تتواصل الفعاليات في مقر معهد الشارقة للتراث، وكذلك تنطلق اليوم (السبت) فعاليات المنطقة الشرقية، على مدار يومي 25 و26 سبتمبر الجاري في كل من مدينة خورفكان في مجلس خورفكان الأدبي، ومدينة الذيد في جامعة الشارقة فرع الذيد، وكلباء في جامعة الشارقة – فرع كلباء، ودبا الحصن في نادي دبا الحصن الثقافي الرياضي، وتتنوع بين جلسات وأنشطة وورش وبرامج عديدة، حيث تكتمل افتراضياً حتى ال30 من سبتمبر الجاري على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بمعهد الشارقة للتراث إصدارات عديدة توثق قصص الحيوان في الأدب العربي والتراث الشعبي. وقال الدكتور مني بونعامة مدير إدارة المحتوى والنشر في معهد الشارقة للتراث رئيس البرنامج الفكري والمحتوى في الملتقى: قمنا بانتخاب مجموعة من القصص الثقافية والتراثية المهمة التي تتسق مع شعار هذه الدورة، وأولها موضوع قصص الحيوان في التراث العربي، وقد أصدرنا نخبة أو مجموعة مختارة من أبرز المصادر العربية القديمة، من أمهات الكتب، من بينها كليلة ودمنة لابن المقفع، كتاب الحيوان للجاحظ، وكتاب البغال للجاحظ، كتاب المسالك والممالك لابن فضل الله العمري، كتاب الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي، كتاب مباهج الفكر ومناهج العبر لمحمد الوطواط، وغيرها، وهي في الحقيقة 10 كتب، بهدف تقريب هذه المعارف الشعبية التراثية للقارئ العربي العادي، حيث جاءت فكرة هذه المختارات كمحاولة لتقريب المادة التراثية بحلة جديدة دون الرجوع إلى المصادر بسلسلة منتخبة من ذخائر التراث العربي. وتابع الدكتور مني بونعامة: كما أصدرنا أيضاً سلسلة أخرى غير مصنفة تعالج مختلف موضوعات الحيوان في التراث العربي، من خلال الدراسة أو الاستلهام، تتناول قصص الحيوان في التراث العربي من خلال الرصد والتجليات، ووثقت واستلهمت بعض القصص بين دفتيها، من بينها: كتاب الحيوان في التراث الشعبي العربي للدكتور مصطفى جاد، كتاب تناولات قصص الحيوان في التراث العربي لإيهاب الملاح، وكتاب عن الأمثولة الحيوانية في ألف ليلة وليلية للدكتورة رؤى قداح، وغيرها. وأضاف: جاءت هذه الإصدارات في مقاربات مركزة حول مظاهر وتجليات حضور قصص الحيوان في التراث الأدبي العربي القديم، مع تقديم إطلالة على تناولات هذه القصص، كما قمنا بإصدار كتب أخرى، من أبرزها: كتاب الراوي الذي يوثق لمسيرة 20 عاماً من الاحتفاء بالكنوز البشرية الحية ودور معهد الشارقة للتراث في هذا الشأن، وكتاب أعلام الرواة وحملة التراث الشعبي، الذي سير الرواة الذين تم تكريمهم من قبل المعهد على مدار 21 سنة، إضافة إلى إصدار خاص من مجلة مراود الشهرية عن الملتقى ال21، وكتاب الدكتور سعيد يقطين عن ذخيرة العجائب العربية، ونشرة يومية تغطي مختلف فعاليات الملتقى. وتابع: حاولنا من خلال هذه الإصدارات تقديم مادة تراثية للقارئ بهدف إبراز تجليات حضور قصص الحيوان في التراث العربي، حيث تم توقيع الإصدارات والحديث عن مضامينها خلال أيام الملتقى، وهي عموماً تعبر عن اهتمام معهد الشارقة للتراث بتوثيق الرواية الشفوية قبل أن تستحيل إلى نصوص مكتوبة وموثقة بين دفتي كتاب. جلسات تُثري الحضور في اليوم الأخير في مركز أكسبو الشارقة نظم الملتقى جلسة بعنوان «قصص الحيوان في التراث العربي»، أدارها إيهاب الملاح، وتحدث فيها كل من الدكتور أحمد بهي الدين العساسي من مصر، والدكتورة وفاء المزغني من تونس، والدكتورة نهلة إمام من مصر، والدكتور عبد الرحمن الغانمي من المغرب، والدكتور خير الدين شترة من الجزائر. للمنمنمات أثر في ثقافة الحضارة الإسلامية وتناول الدكتور أحمد العساسي في ورقته الحيوان في سرديات مصر القديمة، التي لها علاقة بالأسطورة، ولها علاقة بالحكايات الشعبية عند المصريين القدماء، ولها أثر حتى الآن، في كثير من المرئيات. أما الدكتور خير الدين شترة من الجزائر، قسم التاريخ في جامعة الشارقة، فتناول فن المنمنمات الإسلامية في الحضارة الإسلامية، وأخذ منها نموذجاً هو الحيوان، وقدم مفاهيم حول مصطلح المنمنمات وتطورها التاريخي ونشأتها في الحضارة الإسلامية، مع الحديث عن أشهر المدارس التي عرفتها الحضارة الإسلامية من القرن السابع حتى القرن التاسع عشر، مؤكداً أن الحضارة الإسلامية أبدعت في هذا الفن. من جانبها، عرضت الدكتورة وفاء المزغني من تونس في مداخلتها حول قصص الحيوان، وصورة الحيوان في قصص الأطفال، وقدمت نماذج من التراث الشعبي التونسي، وتحدثت حول إيجابيات وسلبيات هذا الأمر، وكان عرضاً نظرياً وتطبيقياً. وتداخل الدكتور عبد الرحمن الغانمي من المغرب، وهو أستاذ الآداب والعلوم الإنسانية بإحدى الجامعات المغربية، إذ قدم نصاً سردياً لابن طفيل ممثلاً الأسلوب الأندلسي والمغربي في تناول مثل هذه الحكايات الشعبية، وكانت طبيعة النص سردياً على لسان الحيوان الحاضر في معظم الأحداث، كما له حضور رمزي، وهذا النص فيه مزج بين الإنسان والحيوان، وله طبيعة فلسفية، وهذا يعطيه قيمة في طريقة البناء الفكري، كما أن هذا الأمر يتناسق مع المدرسة المغربية والإسلامية، ومن هنا نشأ الفكر العقلاني مع ابن رشد. وتحدثت الدكتورة نهلة إمام من مصر حول أسطورة القطط التي تتقمص التوائم أثناء النوم ووجدتها أنها معتقد موجود عند أهل الصعيد ممتداً حتى بني سويف والمنيا وسوهاج والأقصر وأسوان والنوبة إلى السودان ودول إفريقية أخرى. «العلاقة بين الانسان والحيوان في الأدب الشعبي» أما الجلسة الثانية فكانت بعنوان «قصص الحيوان في التراث العربي والعالمي»، أدارها الدكتور محمد الجويلي، وتحدث فيها كل من الدكتور راشد المزروعي من الإمارات، والدكتور سعيد يقطين من المغرب، والدكتور صالح اللهيبي من العراق، والدكتور مصطفى جاد من مصر، كما تحدثت فيها أيضا الدكتورة أنيسة فخرو من البحرين، والدكتورة نجيمة طاي طاي من المغرب. وتحدث الباحث في التراث والأدب الشعبي الإماراتي راشد المزروعي عن القريض على لسان الحيوان في الشعر الشعبي الإماراتي، وقدم نماذج مختارة، كما تحدث عن الحيوان وكيف كانت علاقته بالإنسان في الماضي، وعن الحياة والحضارة الحديثة وأثرها على الحيوان، كما قدم بعض النماذج من الشعراء الذين أشاروا إلى الحيوانات في أشعارهم. من جانبه تحدث الدكتور سعيد يقطين من المغرب حول الحيواني والسردي، نشأة نوع سردي وتطوره، مشيراً إلى أن حكايات الحيوان موجودة لدى كل الشعوب وكل الأمم بل وموجودة في كل زمان ومكان. وتقدم هذه الحكاية من خلال مختلف الوسائط الكتابية والشفوية والرقمية والشفاهية وغيرها. وانطلق من نشأة هذا النوع السردي في التراث العربي خلال كتاب كليلة ودمنة، مستعرضاً الكتب التي جاءت بعده، مبيناً أن هذا الكتاب كان طبيعياً والمقدمة التي كتبها عبد الله بن المقفع كانت نموذجاً صار يحتذى لدى الكثير من الكتاب الذين كتبوا في قصص الحيوان، مثل النمر والثعلب، والأسد والغواص، وغيرهما. وقدم الدكتور مصطفى جاد عميد المعهد العالي للفنون الشعبية بأكاديمية الفنون ورقة عن توثيق الحيوان في التراث الشعبي العربي، مشيراً إلى أنه اكتشف بأن هناك ترابطاً وثيقاً في تعاملات الإنسان مع الحيوان في شتى مناحي الحياة، بما في ذلك تعليق بعض الحيوانات المحنطة في المنازل مثلاً درءاً للحسد، حتى دم الحيوانات، وكذلك الفنون الأدائية الخاصة بالحيوان، وحتى الآلات الموسيقية المستخدمة من جلود الحيوانات وكذلك الأزياء الشعبية. وتحدث الدكتور صالح اللهيبي من العراق، وهو الأستاذ المساعد في قسم التاريخ والحضارة الإسلامية في جامعة الشارقة، وقد صب حديثه في إطار المخطوطات العربية التي تناوبت الحيوانات، وركز على أبرزها، خصوصاً مخطوطة الحيوان للجاحظ، وحياة الحيوان الكبرى للدميري، وكليلة ودمنة لابن المقفع، ومنافع الحيوان لعبد الله بن بختيشوع. فخرو: بعض الحيوانات لها رمزية خاصة في التراث الدكتورة أنيسة فخرو من البحرين، وسفيرة السلام والنوايا الحسنة في المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام، تحدثت عن علاقة الحيوان بالتراث الشعبي في الخليج العربي، بدءاً من الحيوان في التراث الإنساني، ثم الحيوان في التراث الشعبي بشكل عام عربياً وخليجياً، ثم تحدثت عن ثلاثة محاور أساسية هي: الكائنات الخرافية وعلاقتها بالحيوان، علاقة الحيوان بالأمثال الشعبية، وعلاقة الحيوان بالحكايات الشعبية، وحصرت أعداد الأمثال لعدد من الحيوانات، فمثلاً هناك أكثر من 50 مثلاً شعبياً عن الحمار، وكذلك أكثر من 50 مثلاً شعبياً عن الكلب، وأكثر من 50 مثلاً شعبياً عن القط، إضافة إلى حيوانات أخرى. وكذلك رمز كل حيوان، فمثلاً البقرة ترمز إلى الخير الوفير، والثور يعني الفحولة والقوة، والذئب يعني الحيلة والمكر أو يرمز إليها وهكذا. الدكتورة نجيمة طاي طاي من المغرب، والأستاذة الباحثة في المعهد الجامعي للبحث العلمي في جامعة محمد الخامس، ومؤسسة مهرجان الحكايات الذي يعنى بالرواة، تمحور حديثها حول قراءة في كتاب «أصول العالم»، الذي قامت بنشره من خلال إحدى دور النشر الباريسية، والذي يتناول موضوع الحكايات الشعبية السببية، والكتاب يضم سبعة أجزاء في أكثر من 450 حكاية وعدد الرواة 64 راوياً، من مختلف المناطق المغربية، وبمختلف اللهجات المحلية من أمازيغية إلى الحسانية وغيرهما، وركز الكتاب على كل ما له علاقة بالحكايات السببية أو التعليلية، وهي الحكايات التي تجيب عن تساؤلات. محاضرات وفعاليات متنوعة ضمن مشاركات الجهات الحكومية مجلس شما محمد للفكر والمعرفة شارك مجلس شما محمد للفكر والمعرفة في فعاليات ملتقى الشارقة الدولي من خلال عدة ورش وجلسات وأنشطة كان من أبرزها تقديم حكايات للأطفال وقصص باستعمال (الدمى) وكان لدينا محاضرات عديدة من بينها محاضرة بعنوان (قصص الحيوان والأثر الباقي في الذاكرة)، قدمها الكاتب شريف مصطفى محمد. كما قدمت الدكتورة فاديا دعاس أيضاً محاضرة عن دمى الحيوانات في قصص الأطفال رموز ورؤى، وتم تقديم قصة الهدهد والغاف قدمتها آية مصطفى وتدور في ذات الإطار، وقدم المسرحي محمد غباشي محاضرة بعنوان «قصص الحيوان بين بلاغة القرآن والأثر الإبداعي المسرحي»، أدار المحاضرة الكاتب شريف مصطفى محمد. وقدم الحكواتي عبد الناصر التميمي بعض الحكايات وتحدث عن الحيوان في الأساطير العربية، كما قدمت أمل فرح الكاتبة في مجال الطفل محاضرة بعنوان (هل نجح أدب الطفل العربي في بلورة بطل من عالم الحيوان؟). وبدوره قدم الفنان التشكيلي ماجد الكفراوي بعض قصص الحيوان في تاريخ الفن التشكيلي - الحيوان من جدار الكهف للقرية، إضافة إلى نورة العامري، عضو مجلس إدارة مركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي، التي قدمت محاضرة بعنوان (قصص الحيوان في التراث الإماراتي) وأدارتها آية مصطفى. وجاء الهدف من مشاركة المجلس في فعاليات الملتقى هو نشر الثقافة وثقافة القراءة بين الأطفال، وأن هذا هو هدف رئيسة مجلس إدارة المجلس الشيخة شما بنت محمد آل نهيان، التي لديها عدة مؤسسات تهتم بالثقافة والقراءة، ولها هدف يتعلق بنشر الثقافة وبإيجاد مكانة مرموقة للمجلس في الساحة الثقافية. هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة تضمنت مشاركة هيئة البيئة والمحميات الطبيعية عرضاً لبعض الحيوانات والطيور البرية المحنطة، وأنواع من عينات المعشبة، وعدد من الورش التعليمية التي تتعلق بالحيوان والنبات من مركز الذيد للحياة الفطرية، إضافة إلى توزيع بذور الغاف على زوار الملتقى وتعريفهم بأهمية أشجار الغاف. ولاقى جناح الهيئة إقبالاً حيوياً لافتاً من قبل الزوار والجمهور، الذي جاء يستفسر عن دور ومكانة وجهود الهيئة في الحفاظ على البيئة وصون التنوع الحيوي، وجهودها التوعوية والتعريفية بأهمية البيئة والمحميات الطبيعية. نادي تراث الإمارات تنوعت مشاركة نادي تراث الإمارات حيث تضمنت قسم الحرف اليدوية والقسم البحري وقسم المشغولات النسائية، وكذلك مشاركة مركز زايد التابع للنادي، بإصدارات شعرية وإصدارات ثقافية عن جميع المثقفين والأدباء في الدولة. ويحرص النادي على المشاركة في مختلف الفعاليات التراثية على مستوى الدولة عموماً، وفعاليات معهد الشارقة للتراث خصوصاً، والذي يأخذ على عاتقه مهمات عدة، من أبرزها صون التراث وحمايته ونقله للأجيال.