بينما كان العالم يترقّب الإعلان عن اتفاق نووي جديد مع إيران في أي لحظة، أعلن الاتحاد الأوروبي الذي يتولى تنسيق المباحثات الهادفة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، الجمعة، عن الحاجة إلى "توقف" مفاوضات فيينا بعدما كانت بلغت مراحل حاسمة. وقال مصدر أميركي مطّلع على المحادثات في فيينا ل"الرياض" إن المفاوضات كانت قد وصلت إلى مرحلة متقدّمة وكان "النص النهائي جاهزا للإعلان" قبل أن تقلب روسيا الطاولة على المفاوضات وتتسبب بوقف المحادثات. فما الذي فعلته روسيا؟ كان من المفترض أن يؤدّي الاتفاق إلى رفع مجموعة من العقوبات عن إيران، بما في ذلك العقوبات على صادرات النفط الخام والبتروكيميائيات الإيرانية، إلا أن الحرب في أوكرانيا والعقوبات الجديدة المطبّقة على روسيا ألقت بظلالها على محادثات فيينا وأدّت إلى انهيار فرص التوصّل إلى اتفاق. ففي اللحظة الأخيرة قبل الإعلان عن التوصل لاتفاق مع إيران، اشترطت موسكو، تعهّد واشنطن بعدم معاقبة أي نشاطات تجارية بين روسياوإيران بمجرّد توقيع الاتفاق. ودعا وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إلى ضمانات يتعهّد من خلالها الغرب بعدم تأثير العقوبات على التجارة الحرة والكاملة بين طهرانوموسكو، واستمرار التعاون الاقتصادي والاستثماري والعسكري والتقني مع إيران، أي أنّ روسيا ترغب بالاستفادة من فرصة رفع العقوبات عن إيران لتستورد عبر إيران المواد والمعدّات التي تحتاجها ولا تستطيع أن تستوردها الآن من الغرب في ظل ترسانة العقوبات الكبيرة المطبقة على روسيا. من جانبه يقول بيهنام بين تاليبو، كبير باحثي الشأن الإيراني في معهد "FDD" الأميركي ل"الرياض" إن التوقف هذه المرة عن المفاوضات قد لا يكون مؤقتاً بل ربما أغلقت آخر الفرص للتوصل إلى اتفاق جديد فروسيا هي وسيط ومفاوض أساسي في هذه المحادثات، وعلى الرّغم من الانزعاج الإيراني من تصرف موسكو الذي ضيّع عليها فرصة ذهبية لرفع العقوبات، يصعب أن نرى اتفاق غربي مع إيران دون وساطة روسية. مضيفاً، بالتأكيد لن ترضى موسكو الآن عن اتفاق يطرح غاز ونفط إيران الوفير في الأسواق العالمية، بينما تتعرض روسيا إلى عزلة اقتصادية واسعة النطاق، لذلك ستصرّ موسكو على مواقفها وتتمسّك برغبتها بالاستفادة من رفع العقوبات عن إيران. مصير "البرنامج النووي الإيراني" يقول بين تاليبو ل"الرياض" "لا بد من أن تهدأ الحرب في أوكرانيا، كي يكون هناك توصّل إلى تفاهم ما مع إيران، أما الان فسيكون من الصعب جداً التوصل إلى اتفاق يشعر موسكو بأنها تركت واقتصادها وحيدين، وأن الصفقة الجديدة مع إيران تمر على جثة الاقتصاد الروسي، حتى لو كلّف الأمر موسكو التخلّي عن إيران وازعاجها في عدة ساحات ومنها الساحة السورية حيث تتضارب المصالح الروسية - الإيرانية إلى حد بعيد". ويضيف "ما طبّق على روسيا مؤخراً، يعتبر أقسى حزمة عقوبات تطبّق على أي بلد في العالم في التاريخ الحديث للغرب، ولا أستغرب أن تدفع هذه العقوبات روسيا إلى تغيير تحالفاتها وخاصة فيما يتعلّق بعلاقتها مع طهران". من جانبه قال وزير الخارجية الأيرلندي سيمون كوفيني، الذي ساعد في رعاية محادثات آخر أسبوع في فيينا "مما لا شك فيه أن الحرب في أوكرانيا صعّبت الوصول إلى اتفاق مع إيران" مضيفاً "كان الدبلوماسيون يحاولون الدفع من أجل التوصل إلى اتفاق قبل اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا لأننا كنا نعلم أنها ستخلق الكثير من التعقيدات ولكن هذا لم يحدث".