سَأَبكي عَلى ما فاتَ مِنّي صَبابَةً وَأَندُبُ أَيّامَ السُرورِ الذَواهِبِ كنا توقفنا في مقالتنا السابقة من سلسلة هذه الزاوية عند كلمة «غال» من باب الغين، وهذا اليوم نبدأ مع كلمة «فات» من باب الفاء الثلاثي: جاء في الغني: فَاتَ الْوَقْتُ: ذَهَبَ وَمَضَى. فَاتَهُ: لَمْ يُدْرِكْه فَاتَهُ فِي السِّبَاقِ: تَجَاوَزَهُ، سَبَقَهُ فِيهِ. فَاتَنِي بِعِلْمِهِ: سَبَقَنِي بِهِ. يقول قيس بن الملوح: سَأَبكي عَلى ما فاتَ مِنّي صَبابَةً وَأَندُبُ أَيّامَ السُرورِ الذَواهِبِ ويقول الإمام الشافعي: مَن فاتَهُ التَعليمُ وَقتَ شَبابِهِ فَكَبِّر عَلَيهِ أَربَعاً لِوَفاتِهِ وفي المعنى الشعبي لهذه الكلمة لم يتغير عن معناها الفصيح، فنجد الأمير الشاعر خالد الفيصل: و لاني بندمان على كل ما فات أخذت من حلو الزمان و رديه ويقول الشاعر خلف هذال العتيبي: جاء نهار الخميس وفات يوم الربوع والوعد طاف والاقدام مشقينها «فاج» جاء في الوسيط: فاج يفوج، فوجا. فاج المسك: انتشرت رائحته. وجاء في اللسان الفاج من الفج والفَجُّ: الطريقُ الواسعُ بين جَبَلينِ، وقيل: في جبَل أَو في قُبُلِ جَبَل، وهو أَوسع من الشِّعْبِ. يقول الكميت بن زيد: كأن رغاءهن بكل فجٍّ إذا ارتحلوا نوائح معولات وفي المعنى الشعبي لهذه الكلمة لم يتغير عن معناه الفصيح، يقول شاعر من الظفير: يا ماحلا التتن الخديجي وناسه مع جادل غرمول زاهي لباسه الجادل اللي كن «فوجات» راسه مسك لفانا مع قفول الحجيجي وعلى المعنى الآخر تقول الشاعرة ظاهرة الشرارية: هجهوج جاكم ياهل البل عادي مع كل فج قيل هجهوج مشيوف والفاج الوادي بين تلين يقول الشاعر عبدالله الشمري: نطيت طعيسن شمال الفاج والفاج المقصود وادي في شمال المملكة وأما المعنى المجازي لهذه الكلمة فيقول الشاعر: أسباب ما فاج الحشا وابتلاني غروٍ طغى بالغَيّ طلقٍ لسانه «فاح» جاء في المحيط: فاحَ المِسْكُ فَوْحاً وفُؤوحاً وفَوَحاناً وفَيْحاً وفَيَحاناً: انْتَشَرَتْ رائِحَتُه. يقول أبو نواس: سُلافُ دَنٍّ ، إذا ما الماءُ خالَطَها فاحَتْ كمَا فاحَ تُفّاحٌ بلُبْنانِ وفي العامية وعلى المعنى نفسه، يقول الشاعر محمد الدسم: ريح النفل بأطراف ريضانها فاح صندوق عطار شغل به وفاحي «فار» جاء في المحيط فارَ فَوْراً وفُؤُوراً وفَوَراناً: جاشَ، وفُرْتُه وأفَرْتُه، فارَ العِرْقُ فَوَراناً: هاجَ، ونَبَعَ، وضَرَبَ. يقول بديع الزمان الهمذاني: ورب سيل حرون من ثقبة الفار فارا وعلى المعنى نفسه بالعامية، يقول الشاعر غريب عمر: نفس على بدع المثايل رغيبه من منهل يزمي كما الفور يافار وفي فورة العرق، يقول الشاعر خضير الصعيليك: من هاجس بالصدر ياكود حره لافار يضرب بالنواظر شراره «فاز» جاء في الوسيط: فَازَ فلانٌ بالخير فَازَ ُفَوْزًا، ومَفَازًا، ومَفَازَةً: ظَفِر به. وفي القرآن الكريم: الأحزاب آية (71) «وَمَنْ يُطِع اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا»، وفي الشعر الإسلامي يقول خالد بن الوليد في أهزوجة: اليوم فاز فيه من صدق لا أرهب الموت إذا الموت طرق وهي كذلك في العامية، يقول الشاعر محمد بن لعبون: صلاة الله مني والسلاما على من فيه بالغفران فازي الفاج وادي بين جبلين تفوح رائحة العشب من مسافة بعيدة