لم يعد الاهتمام بالأكاديميات الرياضية، والفئات السنية في الأندية، من أجل تصعيد اللاعبين وتعزيز الفريق الأول فحسب، بل أصبح ضرورة ملحة كذلك في زيادة مداخيل الأندية، في ظل التضخم الهائل في التكاليف من رواتب للاعبين وأجهزة فنية وإدارية، ومقدمات عقود للاعبين وغيرها من المصاريف الأخرى، وذلك من خلال تسويق عقود عدد من اللاعبين المميزين ممن لم يجدوا الفرصة لتمثيل الفريق الأول على الأندية سواء على المستوى الداخلي والخارجي. وحينما تلقي نظرة سريعة على جداول ترتيب الدوريات للفئات السنية في المملكة، تجد تميزا وتقدما كبيرا لنادي الشباب على مستوى هذه الفئات، حيث يحتل المراكز المتقدمة في أغلبها، ما ينبئ عن توافر العديد من المواهب في المستقبل القريب في الفريق، والذي قد لا تستوعبه القائمة المحددة بعدد معين من اللاعبين، الأمر الذي سيشكل خطورة على المستوى الفني لهذه المواهب، والتي ستبقى حبيسة الدكة أو المدرجات بسبب عدم منحهم الفرصة للظهور ضمن القائمة الرئيسة للفريق الأول. وفي ظل العزوف شبه الكامل من أعضاء الشرف على دعم الفريق كما هو الحال في أندية أخرى، والاكتفاء بالإيرادات الرئيسة للنادي من قبل الرعاة ودعم الوزارة، يجب على مسيري النادي الالتفات بشكل جدي للفئات السنية والاعتماد على الأكاديمية لتطوير مخرجاتها، وبالتالي ضمان دعم الفريق بعناصر جديدة مؤهلة فنيا بشكل جيد، إضافة إلى دعمه ماديا، عبر تسويق عقود هذه المواهب، أسوة بأندية أوروبية كبرى اعتمدت بشكل كبير على الأكاديميات لديها في ميزانياتها وتسيير أمورها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد نادي أياكس العريق يعتمد بشكل كبير على بيع عقود مواهبه، على الأندية الكبرى، وقد نجح في جني 225 مليون يورو من بيع نجوم الفريق الأول الذين وصلوا لنصف نهائي أبطال أوروبا في موسم 2018 - 2019، مع الإشارة إلى أنه بقي منافسا وبطلا للدوري الهولندي، مع وصوله للأدوار المتقدمة في أبطال أوروبا. أياكس أمستردام وبروسيا دورتموند وسبورتينج لشبونة، وغيرها من الأندية العالمية نماذج ناجحة في تحقيق معادلة البقاء في المنافسة والصورة، مع النجاح في توفير الأموال لسد احتياجاتها من خلال تسويق عقود لاعبيها، وذلك لا يتأتى إلا من خلال الاهتمام العالي بالمدارس الكروية، واستقطاب أفضل الأجهزة الفنية والإدارية المتخصصة في صقل وصناعة المواهب الكروية على الصعيد البدني والفني.