هي المرة الأولى التي أكتب في شأن يتعلق بالرياضة، وليس سبب ذلك تعالياً أو تقليلاً، لكنه ربما لقلة المعرفة بخباياها وخفاياها، وإلا فإن الرياضة اليوم وكرة القدم على وجه الخصوص هي المتنفس الأكثر جذباً على الكوكب، ولعل أغلبنا شاهد المسيرات المليونية التي خرجت لاستقبال منتخب السنغال المتوج بالعرش الإفريقي قبل أيام. منذ مدة وعلى قاعدة «من مأمنه يؤتى الحذر» ساقني الفضول إلى تتبع الحراك الرياضي الإعلامي المتعلق بكرة القدم، والذي تغذيه نتائج المباريات وما يدور في فلكها من أحداث، وفي أثناء هذه المتابعة العابرة التي شملت البرامج التلفزيونية، ومساحات تويتر الحوارية، بالإضافة إلى حسابات أصحاب التأثير من إعلاميي ومشاهير الرياضة، وخرجت من هذه المتابعة بحصيلة تستحق التأمل وربما الدراسة. في الوقت الذي يبني الإعلامي عامة والرياضي بشكل خاص عمله على أحقيته في النقد والتحليل والاعتراض، إلا أنه في الوقت ذاته أكثر الأطراف حدة ورفضاً عند توجيه الانتقاد له، بل إني سمعت بعضهم يتحدث بلهجة مملوءة غطرسة يقول لأحد منتقديه: ألا تعرف مع من تتكلم؟ يجب عليك أن لا تتجاوز حدودك، يجب أن تعرف أنك تتحدث مع فلان. إن أبسط أبجديات الناقد الحقيقي هي تقبل النقد الموجه له، خاصة إذا كان موضوع النقد وميدانه شأن شعبي فهمه والتعمق فيه متاح على نطاق واسع، ولا أعرف كيف يمكن لصحفي أن يجمع بين حشر أنفه في كل شاردة وواردة، بينما يضيق صدره وتنتفخ أوداجه ويفقد رشده عندما تكون آراؤه هي مادة الانتقاد، إنها قمة التناقض والنرجسية. وإلى جانب ذلك شعرت من خلال متابعتي لكثير من الطرح الإعلامي الرياضي أنني أمام ما يشبه صراع الأحزاب السياسية، وأنني أمام تجسيد واقعي لمقولة شكسبير الشهيرة «كل شيء جائز في الحب والحرب»، حيث تشعر من خلال اللغة المستخدمة بين الخصوم أنك أمام أحزاب سياسية منقسمة بين اليسار الشرقي واليمين الغربي، وأن كل الأسلحة اللفظية جائزة الاستخدام، سمعت من يكذب ويتهم ويفتري ويتهكم ويسخر، يزعم ذلك نصرة لحزبه، أقصد لفريقه، أو بدعوى صنع إثارة مفتعلة، دون رادع ولا وازع، وليس أدل على كثرة التجاوزات في هذا الجانب من كثرة الأحكام الموجبة لاعتذار الصحفيين. ثالثة الأثافي كثرة ترديد عبارات من نوعية «الجمهور عاطفي» أو «هذا طرح مدرجات» وكأن المتحدث يقدم مادة توعوية، أو معلومة مثرية، أو نقداً رزيناً، والحقيقة أن المشجعين اليوم قد تجاوزوا أو تجاوز أكثرهم هذا المستوى من الردح والردح المضاد، الذي يمارسه البعض. خاتمة: الرياضة فن وفروسية، والصحافة مهنة تحكمها أخلاق، فلا رياضة بلا فروسية، ولا قيمة لصحفي لا أخلاق له.