تتمتع المملكة بسجل حافل في حفظ القرآن الكريم ونشره في ربوع الدول الإسلامية كافة، في خطوة تعكس مكانة المملكة ودورها الريادي في نشر الدعوة الإسلامية، باعتبارها مهبطاً للوحي، وأرضاً للحرمين الشريفين، ومنها انطلقت الرسالة المحمدية إلى البشرية كافة، وتخصص من أجل هذا الهدف ميزانيات ضخمة، لم تنقطع يوماً. وتؤمن المملكة بأن حماية القرآن الكريم ونشره أحد واجباتها الراسخة، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، ومن بعده أبناؤه البررة، الذين جعلوا منه دستوراً تسير على هديه البلاد، ولا تحيد عنه قيد أنملة، وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، اللذين أوليا القرآن الكريم عناية خاصة، من خلال آلية تسهم في حفظه من التحريف، ليصل بكل يسر وسهولة وفي أحسن صورة، إلى مسلمي العالم صحيحاً وخالياً من أي عيوب أو تحريف. ويجسد مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينةالمنورة حجم الاهتمام الذي توليه حكومات المملكة بالقرآن الكريم، وتوزيعه بمختلف الإصدارات والروايات على المسلمين في شتى أرجاء المعمورة، وبترجمة معانيه إلى كثير من اللغات، وطباعة كتب السنة والسيرة النبوية، وهذا الأمر ليس مستغرباً من السعودية، التي قامت بإعلاء كلمة التوحيد، ورفعت رايته عاليةً، وعُرفت بنبل مقاصدها وعلو همتها، وسمو أهدافها وحرصها على كل ما من شأنه خدمة الإسلام والمسلمين. ولا تنقطع هدايا المصحف الشريف التي يطبعها المجمع، ويوزعها على الدول الإسلامية، ولعل آخرها ما وجه به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بتسليم 100 ألف نسخة من إصدارات المجمع إلى دولة مصر الشقيقة، وهي الدفعة السادسة التي تتسلمها القاهرة من المصحف الشريف، ليصل إجمالي ما تسلمته مصر من كتاب الله إلى ربع مليون نسخة، لتوزيعها على الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية. ويعتبر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف أكبر مطبعة شيدتها المملكة لخدمة القرآن الكريم، ويرتفع معدل إنتاج المجمع من تسعة ملايين نسخة، إلى عشرين مليون نسخة سنوياً، وبلغ إنتاجه حتى نهاية العام الماضي (2021) أكثر من 345 مليون نسخة، وزع منها أكثر من 320 مليون نسخة كهدية من حكومات المملكة للمسلمين في أرجاء المعمورة. وينظر المسلمون إلى المجمع على أنه من أبرز الصور المشرقة والمشرّفة الدّالة على تمسك المملكة بكتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، اعتقاداً ومنهاجاً وقولاً وتطبيقاً.