ما معنى أن تعيش في جسد لا تملكه؟ وما معنى الحياة بلا سعادة والتي هي ملح الحياة؟ الكثير من الأسئلة التي تطرح حول وجود الإنسان ومصيره وهي بلا شك أسئلة فلسفية مهمة تطرح نفسها وتنتظر منا الإجابات الشافية لها. كلاهما سكن الأدب العالمي، وكلاهما سطر فلسفته الخاصة به حتى أصبحت كتاباتهما ضرباً من المجون تارة وضرباً من الجنون تارة أخرى وهما يعبران عن إرادة واحدة وهي الإرادة الإنسانية فكان لكل واحد منهما رأيه حول البقاء والفناء والحب والدنيا والآخرة. يعتبر أبو العلاء المعري وهو أحمد بن عبدالله بن سليمان التنوخي حكيم المعرة الأوحد وشاعرها الذي لم يتكسب بالشعر بل لقد طغت الحكمة على شعره حتى اشتهر بالحكمة وهو فيلسوف الشرق وفيلسوف الوجودية قبل أن تعرف الوجودية على يد جان بول سارتر وصديقه البير كامو بقدر ما كانت الحكمة في شعر المعري بقدر ما كان القلق الوجودي وهو حالة مرضية بلا شك وداء خطير يسيطر على الإنسان فيصبح مرتاباً خائفاً كما في حالة أيضاً الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور وهو الآخر رهيناً للمحبسين وأبو العلاء المعري وشوبنهاور؛ كلاهما قد جسدا حالة مرضية يجب أن تدرس في علم النفس ولكن من يستطيع أن يعمي عينيه عن عبقرية أبي العلاء المعري وهو ذلك العبقري الذي سطر لنا أجمل أبيات الشعر وكتب رسالة الغفران وهي تحفته الشاهدة على عبقريته إلى جانب سقط الزند ولزوم ما لا يلزم وهو في اللغة العربية بمكان ولا يضاهيه في العربية سوى المتنبي عبقري الشعر والنظم الذي يقول: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم هذا المتنبي وذاك أبو العلاء المعري. وأما بالنسبة لفيلسوف فرانكفورت فقد كتب كتابه الذي ظن أنه قد وضع فيه كل فلسفته وعبقريته وهو كتاب (العالم إرادة وفكرة) وبالرغم من أن الجميع قد رأوا فيه مجموعة تفاهات جمعت في كتاب إلا أن فيلسوفنا كان يرى أن هذا الكتاب هو آية العصر ولعله بالغ في ذلك كثيراً. لقد خلق الله الخلق وقدر لهم المقادير فأسعد الناس هو من رضي بما قسم الله له والعبد التعيس هو من يجادل ويخاصم ويتسخط على أقدار الله وشتان بين الصنفين فالصنف الأول سعيد والصنف الثاني شقي وقد دعا الإسلام إلى التفاؤل والسعادة والمرح وحسن الظن بالله ونهى الإسلام عن التطير وسوء الظن بالناس كأنهم كلهم شر وهذا الجنون بعينه.