الجو يلفه صمت رهيب.. والشمس راحت تعانق التل البعيد.. جاء الغروب وبين كفيه حفنة من تراب أحمر.. من بقايا النهار المؤلم.. سيدفن بها جسد الشمس.. ويواريه القمر.. وبعد أن أمضى النهار مكفناً أبيض لا يلفت النظر.. سعيداً بما يجري الآن.. فخوراً بهذا النحيب.. تورد وجهه من جديد.. وراح الدم يجري في شرايينه.. واعتلت محياه ضحكة صفراء.. نسائم رائعة.. خيوط حريرية.. لا ملمس لها.. ولا وصف يدركها.. هي أروع من عبير الربيع.. وأزهى من بياض الثلج.. هي النفس البارد الذي تجمع عند احتضار الشمس.. ثم راح يداعب أنفاس البشر.. عمَّ وانتشر.. راح يبشر.. راح يغري.. لا أدري إلا أنه عم وانتشر.. واستشرى الخبر.. وراحت النجوم واحدة فواحدة تمد أعناقها من وراء حجاب.. لترى ما الخطب يا تُرى؟! عندها.. وفي أجمل صورة راحت السماء صامتة وبحزن عميق تلبس ثوب الحداد الأسود.. رويداً.. رويداً.. وبدا وكأن الكون كله بهذا الذي يجري حزين سعيد؟ لقد حلّ المساء.