مع أنها فوضى, ومع أنهم قتلى, .. مع أن الإشراق يشي بلون الدماء, والشمس تصهد كالنار, والإنسان في البعيد لا يأخذ من لون بيته ما ينقي دخيلته, ولا الآخر هناك يتخذ من قوته درعاً للسلام, ولا هناك في مجلسه ما يتم بأمان.. مع كل موبقات حقيبة الواقع, إلا أن صبح هذا اليوم أبيض كقلبها الجميل, ووجهها الذي توارى, كجديلتيها المعلقتين في الذاكرة..!! ولأنني أحدثها اللحظة بأنها السعيدة بمغادرتها الأرض الملتهبة, الصاخبة بالعبث, فلتبقَ روحها في سلام !!.. لكن, لأنها تشيع بحضور طيفها في فضائي السلام, فإن الصبح هذا حنون,.. حنون,.. حنون!!.. وإنه نسيمٌ, والأصداء عصافير, والرفقة قطة ذكية تعرف التوقيت, تحسن التربيت..!! مع أن التقويم يشير لأول واحد في العد, والساعة لم يتقدم بندولها الخامسة فجراً وتزيد, فإن الوقت صبح يتنفس عبق ياسمينة جوار السور تهلل بالبياض,.. وتوتة يافعة تنهض في خضرتها تباهي الأسوار, وفُلَّة حبلى بزهورها تومئ بالحصاد, وخرير ماء كلما تساقط استدار, يغسل في كفيه الغبار!!.. اليوم, يشي صبحه بطيبه, بهدوئه, برونق خفي, بكلام حسن جميل!!.. أبيضَ كالحليب, نقياً كقلب التي ذهبت وبقي حليبها أول كوب للشرب في ابتداء طُلعته, قبل شروقه وانتشاره..!! اليوم يبدو طيباً كقلبها..! ماءً كوضوئها!.. يغسل دكن الذي تراكم في الصدور!.. الذي أربك المخيلات!.. الذي قيد التفاؤل!.. الذي بخّر الثقة!.. نديٌّ, مورقٌ!.. مفعم بكثير!!..