هدفنا أن نُصبح الدولة الأولى على مستوى العالم في تصنيع وتصدير التمور، كما نهدف أن تخلق - زراعة وتلقيح، وصرام النخيل والعناية بها، كذلك تنظيف التمور، وتعبئتها، وتغليفها، وشحنها، وتوزيعها، وبيعها، - وظائف نوعية للمواطنين، وفُرص استثمارية لرواد الأعمال، والشركات المحلية والأجنبية، كما نهدف أن تكون هذه الصناعة مصدر أمن للغذاء. لازلت أتذكر والدي - رحمه الله - عندما كنت في السادسة من عمري، وهو يعرض علّي تلقيح إحدى النخيل الباسقات في منزلنا ذاك الحين، بأجرة كانت (خمسة ريالات) عدّاً ونقدّاً، وكيف كان حماسي وانطلاقي صعوداً للحصول على المبلغ أولاً، ولأداء عمل لا يقوم به أسناني ثانياً، ولمعرفة كنت سأنهلها من خلال تجربتي، وقد هممت بذلك، لولا أن أخي الأكبر – حفظه الله – أعطاني عرضاً مالياً أكبر قُدر بعشرة ريالات مقابل نزولي، وقد كان ذلك بنزولي نزولاً حُراً للظفر بالمبلغ. نعم الله كثيرة علينا، فهي لا تُعد ولا تُحصى، كما لا شك في أن ظهور النفط والطفرة التي واكبتنا – بفضل من الله، ثم بفضل القيادة الرشيدة – طوال العقود القريبة الماضية، والتوجه نحو الأعمال المكتبية، أثر على صناعة التمور بل وحتى على استهلاكها كقيمة غذائية، حتى بدأت هذه الصناعة بالسقوط الحُر، فكثير من أصحاب المزارع، أصبحوا يبيعون محصولهم إن لم يكُن بدون خسارة فهو بأقل الخسائر، وجُلّهم يبيعون تلك (الثروة المنسيّة) بثمنٍ بخس دراهم معدودة إلى عمالة وافدة. الولاياتالمتحدةالأمريكية، دولة التقدم والعِلّم، ودولة الرِيّادة في الصناعة والتقنية، تولي المزارعين لديها رعاية واهتماماً عاليين، ولدى هؤلاء المزارعين صوت مؤثر ومسموع في صناعة سياسات وتشريعات الولاياتالمتحدةالأمريكية، إن الرعاية والاهتمام اللذين تقدمهما الدولة الرائدة يُمكن تسبيبهما إلى سببين، أولهما، المحافظة على الوظائف التي تصنعها الزراعة للمواطنين، وكونها مصدر دخل لعدد كبير من الأسر، والسبب الثاني، يكمُن في المحافظة على الأمن الغذائي للدول الأولى على مستوى العالم، لأكثر من 300 مليون نسمة يعيشون على أراضيها. إن من أهم عوامل الدعم المنّسية، لهذه الثروة، حمايتها جغرافياً، من خلال اتفاقيات المؤشرات الجغرافية، التي تُتيحها منظمة التجارة العالمية، حيث تكتسب المنتجات سمعتها من أصل موقعها الجغرافي، مثل عجوة المدينة، هذه الاتفاقية تستخدمها عدد من الدول المتقدمة لحماية منتجاتها. أملي كبير بأن نرى صعوداً لهذه الثروة، والتي لا ينافسنا في جودتها أحد غير أنفسنا، فقد سرّني وأبهرني، كما سرّ وأبهر الجميع داخل المملكة وخارجها، "مبادرة الرياض الخضراء"، والتي - بلا شك – لها أثر إيجابي، في التخفيف من ارتفاع نسبة التلوث خصوصاً في المُدن الكبرى، هذه المبادرة التي أوجدها وتبناها ويشرف عليها صاحب السمو الملكي ولي العهد – حفظه الله – أن نرى شيئاً مُماثلاً لهذه الصناعة، هذه الثروة التي يُمكن توظيف العديد من أبناء وبنات الوطن في وظائف نوعية مرتبطة بسلاسل الإمداد والإنتاج المُتصلة بها، هذه الثروة التي تُعد مصدر أمن غذائي بعد حفظ العليّ القدير.