الجزيرة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,. أقرأ كثيرا على صفحات هذه الجريدة مواضيع حول النخيل وهذا موضوع بحاجة الى مزيد من الاثارة والاهتمام فالمملكة العربية السعودية تعد احد اهم مواطن زراعة النخيل في العالم عموما والعالم العربي خصوصا بل ربما تكون هي منشأ النخلة فهي رمز العربي في صحارى الجزيرة العربية وصحارى العرب كلها نراها شامخة ممشوقة القوام تضرب جذورها في الارض وفرعها في عنان السماء تؤتي أكلها كل حين باذن ربها بثمر شهي لذيذ هو حلوى الغني وطعام الفقير,, ولقد كان اوائلنا يعتمدون على التمور في سني الجوع والمسغبة,, والآن هاهي بساتين النخيل الغناء تغطي معظم اجزاء المملكة وخصوصا في القصيم والاحساء والمدينة المنورة وبيشة وحائل وغيرها من المناطق,, ان النخلة هي شعار المملكة الذي يخفق في علمها الأخضر,, هذه النخلة هي رمز العربي عاشت معه في جزيرته وورد ذكرها في كتاب الله الكريم حيث يقول تعالى: والنخل باسقات لها طلع نضيد ويقول: أصلها ثابت وفرعها في السماء ,, فهي رمز للثبات,, رمز للعزة رمز للشموخ,, وهي مصدر جيد للاقتصاد الوطني اذا تم الاهتمام بزراعتها والعناية بها من قبل الدولة والمواطن,, ولاشك ان الدولة تؤيد وتشجع مزارعي التمور عن طريق قرض مقداره 150 ريالا واعانة مجانية قدرها 150 ريالا عن كل فسيلة وتشتري انتاج التمور بسعر تشجيعي قدره 3 ريالات للكيلو الواحد وفي كتاب طبائع النخيل ومعاملاتها يقول مؤلف الكتاب اديب حائل سعد بن خلف العفنان نقلا عن الدكتور عبدالله العبيد خبير زراعي سعودي تعتبر المملكة العربية السعودية الدولة الاولى في العالم من حيث انتاج التمور لما تتميز به من ظروف ملائمة لزراعة النخيل,, ونظرا للدعم الحكومي للقطاع الزراعي كأحد القطاعات المنتجة في الاقتصاد السعودي فقد زادت الارض المزروعة بالنخيل في السنوات الاخيرة مما أحدث زيادة في الكميات المنتجة من التمور بمعدلات جيدة الا انه بالرغم من جهود التنمية الزراعية المختلفة فقد بقي معدل انتاجية النخلة في المملكة منخفضا بالمقارنة مع انتاجية الدول الاخرى ويشير بذلك الى وجود بعض العوائق والمشكلات الانتاجية والتسويقية التي تواجه منتجي التمور في المملكة وكذلك تعتبر المملكة الدولة الأولى في استهلاك التمور حيث يرتفع معدل نصيب الفرد من التمور عن مثيله في الدول المستهلكة الأخرى ومع هذا فهناك فائض في الانتاج يتم تصديره ويمثل انتاج المملكة حوالي 15% من الانتاج العالمي من التمور ويوجد بالمملكة 12 مليون نخلة منها 8 ملايين نخلة مثمرة وهذا العدد في ازدياد مستمر نظرا لانتشار الاساليب المدنية في الزراعة مثل الأنسجة ويبلغ الانتاج السنوي للمملكة حوالي نصف مليون طن 000,500 طن من حوالي 400 صنف من النخيل, وحسب احصائيات المنظمة الدولية للاغذية والزراعة فان المملكة تحتل المركز الأول في استهلاك التمور اذ يبلغ المتوسط السنوي لاستهلاك الفرد حوالي 40 كم وتعد النخلة مصدرا عظيما للثروة ودعم الاقتصاد اذا استغلت وزرعت حسب الأصول الطبيعية وروعي عند زراعتها ملاءمة التربة لها والمياه العذبة والتسميد والتلقيح والتعديل بشرط زراعة الاصناف الاقتصادية والجيدة من التمور وليست فائدة النخيل في التمور فقط بل في الصناعات التحويلية منها مثل صناعة الزنابيل والحصر والمفارش وسفر الطعام وهي ادوات جيدة تحتاج صناعتها الى عمالة وطنية مدربة وقد كان استخدام هذه الاشياء سائدا في بلادنا وبصناعة وطنية 100% قبل استيراد ما صرف النظر عنها ووجود هذه الصناعات الى وقت قريب يدل على مهارة الصناع الوطنيين بعكس النظرة السائدة لدى البعض ,, وليس التمر فقط يؤكل مباشرة بل يدخل في صناعة كثير من الحلويات والبسكويتات. لكن الكثير من المزارعين يعتمد على المحاصيل العاجلة بغض النظر عن دعمها للاقتصاد وعن مكاسبها الضئيلة مثل الخضروات والحبوب وكثيرا ما يبتعدون عن زراعة النخيل لانها طويلة الأمد في الاثمار 8 10 سنوات بعد غرسها وفسائلها غالية الثمن خصوصا الأصناف الجيدة وتحتاج الى قلع وغرس وحفر وتربة وسماد وماء وفير ومساحة وهذا ما يثبط كثيرا من همم المزارعين في زراعة مثل هذا المحصول الجيد والمردود الجيد وعلى هذا فيجب اتباع الأساليب الفنية في انشاء الهيئات الخاصة بذلك ويمكن ان يكون ذلك كما يلي: 1 يجب ان تهتم مديريات الزراعة والمياه في المناطق التي تشتهر بزراعة التمور بانشاء مراكز للتدريب اي تدريب العمالة على زراعة النخيل وخدمتها وغرسها وتلقيحها وتعديلها وجذاذها وطريقة حفظ التمور وتعليبها ووضع محلات خاصة او مؤسسات خاصة لهذا الغرض تبيع آلات النخيل او تقوم بتركيبها بأسعار رمزية مثل صناعة سلالم او رافعات بطرق بسيطة يمكن ان تحل كثيرا من المشاكل والمصاعب التي تواجه صغار المزارعين وتكلفهم كثيرا. 2 كثير من المزارعين وخصوصا صغارهم تواجههم مشكلة تسويق التمور وخصوصا الاصناف التي ليس عليها اقبال كبير مثل الشقراء التي كانت الى وقت قريب هي طعام الكثيرين والآن تجد حيطانها يابسة والنخل فيها مات واقفا وما ذلك الا بسبب اقبال الناس على اصناف عالية الجودة في المذاق فقط مثل السكري مع العلم ان الشقراء ربما تكون اكثر في الفائدة الغذائية ومن ثم فان تكاليف جذاذ هذه الاصناف من النخيل لا توازي الارباح العائدة من وراء سقيها وجذاذها وتسويقها وبالتالي ماتت حيطانها,, وعلى هذا فان هناك ضرورة قصوى لانشاء شركة خاصة لتسويق التمور تبدأ مهامها من جذاذ النخيل اي جذاذ قنوانه وتسويقه في الأسواق او تخزينه حسب الطرق الحديثة مثل الكنز او استخدامه في الصناعات التحويلية. اعتقد ان مثل هذه الشركة يجب ان تدعو الى انشائها وزارة الزراعة والمياه والتي هي راعية النخلة في بلادنا وحاميتها وما جهودها الرائعة في القضاء على السوسة الحمراء إلا خير دليل على ذلك,, ويجب ان تفتح هذه الشركة للاكتتاب العام ويساهم فيها المزارعون والمواطنون وتنشأ لها فروع في جميع المحافظات والمدن والقرى وتقوم بتوفير شاحنات لنقل التمور وتسويقها ومستودعات حديثة لتخزينها وتوفير عمالة وطنية مدربة لخدمة النخيل واعتقد ان مثل هذه الشركة في حال نشوئها ستجني ارباحا ضخمة وتخدم اقتصادنا الوطني وتساهم في امننا الغذائي وتوظف ابناء الوطن وهذه خدمة جُلَّى للاقتصاد الوطني ولم تر حتى الآن اي شركة او مؤسسة طرقت هذا المجال. 3 يجب ان تقوم الشركات الزراعية بالاتجاه الى الاستثمار في زراعة النخيل فالشركات الزراعية قامت في سنوات الطفرة ولم تزرع الا القمح وبكميات كبيرة جدا نظرا لانه محصول سريع النتيجة ومضمون الربح وتجاهلت زراعة النخيل التي هي استثمار طويل الأمد يجب ان تتجه الشركات الزراعية الى النخلة وتعترف بفضلها وتقوم بزراعة الاصناف الجيدة منها ووضع المشاتل الخاصة لها وبيع فسائلها بأسعار رمزية على المزارعين كما يجب ان تقوم بدور في انتاج التمور وتصنيعها وتسويقها فهي شركات مساهمة وتعثر كثير منها بعد انحسار زراعة القمح,, نحن افضل منطقة في العالم لزراعة النخيل,, كبيئة متوفرة والجو مناسب وكثير من الدول تتمنى مثل هذه البيئة لتعتمد على النخلة وتبني منها اقتصادها,, فلماذا لا تتجه شركاتنا الزراعية الى ذلك,, انها قضية هامة جدا في بلد النخيل المملكة العربية السعودية قضية تستحق المناقشة والاشارة واتمنى ان تكون قضية النخيل هذه نواة لمؤتمر او ندوة عن النخيل يشترك فيها القطاع العام والخاص والمزارعون. المهندس/ عبدالعزيز بن محمد السحيباني محافظة البدائع