كتاب «حوارات ومكاشفات» للدكتور سعد البازعي والذي يتضمن عددًا من الحوارات التي أجريت مع المؤلف على مدى ما يقارب الثلاثة عقود، وتمثل كتب الحوارات الأدبية والفكرية أهمية خاصة في المشهد الثقافي، ولهذا كان الحوار مع د. سعد البازعي عن كتاب «حوارات ومكاشفات» والذي تشتمل محاوره على مسائل فكرية وأدبية إلى جانب بعض تجارب المؤلف وسيرته. حرصت على أمانة الاحتفاظ بالإجابات والأسئلة * كتابك حوارات ومكاشفات والصادر حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر والذي يضم الحوارات التي أجريت معك من 1990-2020 هل يمثل جزءاً من السيرة الذاتية أم فيها ملامح من السيرة الفكرية؟ * أعتقد أن الحوارات بصفة عامة جزء طبيعي مما يمكن أن نسميه "سيرة فكرية" لكن بعض التفاصيل المتعلقة بحياة الإنسان تجعل الحوارات أحياناً جزءاً من سيرة ذاتية، وأحسب أن شيئاً من ذلك ينسحب على الحوارات التي يضمها الكتاب. * لماذا تجنبت أن ينظر إلى جميع هذه الحوارات كنوع من الاحتفاء بالذات مع أن هذا الأمر له مشروعيته وتبريره في رحلتك الثقافية الطويلة؟ * أظن المقصود بالاحتفاء هنا الاهتمام، أي أن الحوارات تبرز جوانب ذاتية أو شخصية كان ينبغي الاهتمام بها، وفي تقديري أن في الحوارات تسليطاً للضوء على جوانب ذاتية وأنها لم تغفل، لكن الحوار نص ينشئه اثنان ومن يجرى معه الحوار أحد أولئك وليس الصانع الوحيد للحوار. بتعبير آخر، ما أقوله في الحوارات إجابة على سؤال صاغه غيري فإن لم يتجه السؤال إلى جانب ذاتي لم يكن بوسعي سحب الحوار إلى ذلك الجانب، لكن حين يتجه السؤال إلى الذاتي فإنني لا أتجنبه. * لاحظت أن تاريخ أول حوار كان في عام 1990 – بماذا تبرر هذا الحضور المتأخر في إجراء الحوارات الصحفية مقارنة بحضورك في المشهد الثقافي؟ * صحيح، ولا أعرف بالضبط السبب وراء ذلك، لكني وقد سألتني سأغامر بالقول إن السبب ربما يعود إلى تبلور التجربة بصورة لفتت الانتباه أكثر من ذي قبل. ومع ذلك، فكما أشرت في المقدمة، قد لا تكون الحوارات في الكتاب هي كل ما أجري معي، فلربما كانت هناك حوارات قبل عام 90 لكنها ليست متوفرة لدي. ما نشرته هو ما احتفظت به أو ما لم يضع مني مع الزمن وتغيرات الأجهزة والملفات وما إلى ذلك. * يقول الروائي ساراماغو عن الحوارات مع الصحفيين "إنها كالحساء البائت. لأنهم يسألون نفس الأسئلة وعلي أن أعطي نفس الأجوبة". كيف تنظر إلى السؤال الثقافي في تلك الحوارات التي أجريت معك؟ * ما يقوله ساراماغو صحيح تماماً وقد عشته عن قرب عند تحرير الحوارات، فقد تبين لي حجم التكرار وكذلك عادية بعض الأسئلة. لذا استبعدت بعض الحوارات وإن لم يكن الاستبعاد دائماً لذلك السبب. لكن التكرار حدوث طبيعي حين يختلف الناس وتتفاوت الأزمنة. ثمة إجابات كنت آمل لو أنها جاءت مختلفة * السؤال الثقافي في المشهد السعودي هل هو السؤال المشاكس أو هو السؤال النمطي أم كان هو السؤال النقدي وهل تعتقد بأن السؤال يرتهن بطبيعة المشهد الثقافي؟ * السؤال الثقافي هو السؤال الجاد الذي يصدر عن معرفة متعمقة في موضوع السؤال. قد يكون مشاكساً ونقدياً لكنه لا يكون نمطياً. وفي كل الحالات يمثل السؤال مستوى السائل ويتصل مباشرة بطبيعة المشهد والظروف المحيطة به، لكن ذلك الاتصال ليس ضرورياً في حوارات تحاول رسم صورة أكثر تكاملاً لموضوع الحوار، أقصد أنها قد لا تتأثر بقضايا أو ظروف آنية. * وأنت تتأمل تلك الحوارات كيف نظرت إلى إجاباتك وهل وجدت نفسك اليوم ترى أن تلك الآراء والمواقف ثابتة أم أنها تغيرت وتبدلت؟ * من الطبيعي أن تتغير بعض المواقف والآراء على مدى ثلاثين عاماً، لكني حرصت في كل الحالات على أمانة الاحتفاظ بالإجابات والأسئلة كما هي، ومنها تلك التي لم تعد مقنعة لي أو كنت آمل لو أنها جاءت مختلفة. هنا يلتقي الحوار مع السيرة الذاتية ومع التأريخ الأدبي. * لك الكثير من الحوارات التلفزيونية وكذلك الإذاعية وأيضاً في الندوات والملتقيات –وهي حوارات لها أهميتها – لماذا لم يتم تفريغ تلك الحوارات وضمها للكتاب؟ * الحوارات الإذاعية والتلفزيونية وكذلك التي أجريت على اليوتيوب أو في شبكات التواصل لا تقل أهمية عن غيرها لكني فضلت البدء بالمتوفر في نصوص مكتوبة لكي ألتفت إلى غيرها لاحقاً على أمل أن تمكنني الظروف من ذلك.