استضاف منتدى الاثنينية يوم أمس الأول الناقد الدكتور سعد البازعي بحضور عدد كبير من المثقفين والأدباء، وكان لافتًا الحضور النسائي الذي تجاوز الخمسة والعشرين أديبة ومثقفة،. استهل الأمسية صاحب الاثنينة عبدالمقصود خوجة مقدمًا البازعي بسرد جانب من سيرته الذاتية مبينًا أن تخصصه في تدريس الأدب الإنجليزي والمقارن بجامعة الملك سعود لم يصرفه عن الهم الثقافي العام.. منوّهًا إلى كتابه “المكون اليهودي في الحضارة الغربية” واصفًا إياه ب»المهم». بجانب كتابه “الشعر العربي المعاصر في الجزيرة العربية” ، مشيرًا إلى إسهامات البازعي في تطوير نادي الرياض الأدبي إبان توليه لمجلس إدارته، وغير ذلك من محطات البازعي التي أشار إليها الخوجة في كلمته.. مفسحًا المجال من ثم للدكتور البازعي الذي أشار في مستهل حديثه إلى أنه وعلى مدى 25 عامًا مضت كان يبحث ويكتب ويتحدث عن أشياء كثيرة في الثقافة والأدب ورؤى في الحياة؛ لكنه طوال هذه المدة كان بعيدًا من الحديث عن نفسه، وإن اقتربت من ذلك ففي حذر وعلى استحياء. لكنه لم يسأل نفسه: من أين جاء، وكيف تطور، وما الذي واجهه من صعوبات وإخفاقات ونجاحات.. مؤكدًا أنه ليس الوحيد في هذا الجانب في سياق قوله: أظنني في هذا لم أكن الوحيد، فمعظم من يكتب ويحاضر ويؤلف أشبه بالروائي إذ يرسم العالم ويحلله ويحكم له أو عليه بينما هو شخصيًّا متوارٍ عن المشهد يحجب نفسه عمدًا أو تحتجب نفسه نتيجة لطبيعة الانشغال بالآخر والآخرين. وقد يكون ذلك لصعوبة التناول أو تعقد المسألة. ولعل هذا السبب الأخير كان سببًا رئيسًا بالنسبة لي، فليس من السهل أن يتحدث المرء عن نفسه كما يتحدث عن الآخر، ليس من السهل أن يحول أحد منا نفسه إلى موضوع لنفسه، أن يستبطن داخله ويدرك أبعادها وتشابكاتها. يدرك المرء منا أنه أسهل على نفسه أن تكون موضوعًا لتناول الآخرين من أن تكون موضوعًا لتناوله هو، مثلما أن من السهل أن يكون الآخر هو الموضوع. التباس مفهوم السيرة الذاتية ويمضي البازعي مضيفًا: هكذا بدت لي صعوبة أن أتحدث عن نفسي في هذا المقام، أو أن أقدم نفسي لكم، تساءلت ماذا لو قدمت سيرة ذاتية كالتي نقدم عادة للتعريف بأنفسنا؟ فتذكرت مقالة كنت قد نشرتها قبل أعوام عنوانها (سيرة (غير) ذاتية). وكلمة (غير) في العنوان، التي جاءت في العنوان محاطة بقوسين، كانت محاولة للفت الانتباه إلى ما يكتنف مفهوم السيرة الذاتية المتداول من التباس وما يعتريه من خلل. أقرت في المقالة أنني تساءلت وأنا أعد (سيرة ذاتية) استجابة لمطلب إحدى الجهات: (هل أنا هنا حقًا؟ أي ذات تترجمها هذا القائمة الأبحاث أو الكتب أو الشهادات والوظائف؟ هناك بالتأكيد ما تتضمنه الأبحاث وغير الأبحاث من اجتهاد وسعي للإضافة الفكرية و الإبداعية، لكن هل تلك هي النفوس أو الذات؟ هل هي المشاعر والرؤى والأفكار الخاصة التي تؤلف تلك الذات؟» ثم أفضى بي هذا التساؤل إلى اكتشاف أن (السيرة الذاتية) شكل من أشكال الثقافة الطارئة على حياتنا الثقافية والاقتصادية/الوظيفية، جاءتنا ضمن طوارئ ثقافية كثيرة أخرى استلزمتها المتغيرات الحضارية التي مررنا بها وما نزال. ولعل من الطريف أن يدل المفهوم في جذره اللغوي اللاتيني على (مسيرة حياة الإنسان) (سي في: كاركيولوم فيتاي)، كأن مجموع الوظائف التي شغلها الإنسان وما ناله من شهادات وخبرات كاف لاختصار مسيرة حياته. لكنه الطابع الاقتصادي/ العملي الذي تشكل به المفهوم في مرحلة من مراحل تطور الحضارة الغربية والذي جعل تلك الوظائف والخبرات وما إليها هي الزبدة من حياة الإنسان، وليس كيفية تفاعله مع الحياة ورؤيته لها ومواقفه منها إنها نظرة عملية برغماتية بحتة فمع التسليم بأن الوظائف والخبرات والأبحاث وما إليها تتداخل بشكل حيوي مع الرؤى والمواقف، مع أنها تمثل شكلاً من أشكال التفاعل مع الحياة، فإنها تظل جانبًا من سيرة الإنسان وليس كلها أو حتى أهمها إن أنت تذكرت جوانب أخرى في غاية الحيوية). ثم أنهيت مقالتي باستنتاج حول ما نسميه الموضوعية في مقابل الذاتية، فمع أننا نسميها سيرة ذاتية، فإنها في الحقيقة نقيض ذلك تمامًا. ويواصل البازعي إضاءته حول التباس مفهوم السيرة الذاتية في رؤيته مضيفًا: الموضوعية هي التموضع متجلية كأوضح ما تكون، شاخصة كمخطط آلي، كهيكل خالٍ من الروح، كحياة بلا حياة: مجموعة من الوقائع (وليس الحقائق)، الأعوام، والعناوين، والاسماء. هكذا فقط. هي سيرة غير ذاتية، هي أبعد ما تكون عن الذاتية، هي الوعد بها، الإيماء بإمكانية حضورها، لكن دونما تحقق للوعد أو للإيماء. فبين الاسم والميلاد والوظيفة الحالية والعنوان تصطخب حياة وينثار غبار وتعتلج مشاعر لا مكان لها لا في السيرة ولا لدى جهة التوظيف. فليس لدى مدير البنك أو رئيس الدائرة رغبة في معرفة رؤيتك للحياة، أو موقفك من الآخرين، أو شكل أحلامك وهمومك. سيرتك بالنسبة له هي ما تملكه من خبرات تساعد على إدارة العمل وتحقيق قدر أفضل من الإنتاج..فكيف أقدم نفسي إذًا؟ لا شك أن الميلاد والتعليم والخبرات الوظيفية مهمة، لكنها هي الهيكل كما قلت، هي المخطط الذي تشكلت ضمن تعرجاته وتلافيفه الشديدة التعقيد حياة وأفكار وتفاعلات مشتبكة مثرية حينًا ومثبطة حينًا لكنها هي المسؤولية في المقام الأول عن تشكلنا الإنساني. وسيتضح الالتباس وتبدو التعاريج منذ المعلومات الأولى: تقول سيرتي الذاتية الهيكلية إنني ولدت في الشمال، في مدينة القريات، ولكني في واقع الأمر لست من أبناء تلك المنطقة العزيزة لأنني لم أعش بها، وتقول أيضًا إن المنطقة التي لم أولد بها، أي منطقة القصيم، هي التي أنتمي إليها بحكم الانتماء الأسري. وسيزداد التعقيد حين أقول إن المنطقة التي شهدت ولادتي الحقيقية الأولى، أي تشكلي التربوي أو التعليمي ثم تدرجي في الحياة العلمية هي غير تلكما المنطقتين، هي الرياض. في الرياض قرأت حروفي الأولى على يد والدي الذي لم يتلق تعليمًا في حياته سوى (فك الحرف). تهجيت معه رحمه الله عناوين الصحف وأنا في سنتي الدراسية الأولى. وفي مرحلة الابتدائية علمني أخي الأكبر الدرس الكبير الثاني بعد القراءة، الدرس المتعلق بتطوير المدارك. قال لي وهو يراني أختصم مع أختي حول لعب صغيرة: لم لا تكون لديك مكتبة؟ وقد حاولت أن أعبر عن امتناني لهذين الإنسانين فأهديت رسالتي للدكتواره لوالدي ووالدتي وآخر كتبي المنشورة لأخي. لكن بين الأب والأخ كان ثمة إنسان أعظم وأبعد أثرًا في حياتي من الجميع، إنها والدتي رحمها الله التي علمتني ما يفوق في أهميته بالنسبة لي ما حملته القراءة واحتوته الكتب. علمتني والدتي أن أسعى لكي أكون إنسانًا نافعًا ليس من خلال القراءة والكتب فحسب وإنما من خلال الإيمان بالله وما يقتضيه الإيمان التعامل مع الآخرين ومع الحياة. وبالتأكيد فإن أيًّا من أولئك المؤثرين في حياتي، كما في حياة كل منّا، لا يضار بما إذا كنا نمونا أم لم ننمو في الاتجاه الذي وضعوا غرسه وعلقوا عليه الآمال. غربة الأدب الإنجليزي وينتقل البازعي إلى مرحلة أخرى من “سيرته الذاتية” تبرز في سياق قوله: حين دخلت معمعة الثقافة المختلفة، ثقافة الآخر، متمثلة في الأدب الإنجليزي، في جامعة الرياض (الملك سعود حاليًا) ثم في الولاياتالمتحدة، وجدت نفسي إزاء تحديات لم يتخيلها من هيأوني للحياة. وجدت نفسي بعيدًا عن حضن الثقافة الأم، أجول بعيدًا في مجاهل المعتقد المختلف والسلوك المختلف إلى جانب الطبيعة المختلفة من حولي. وكنت أغبط زملائي الذين يدرسون الهندسة أو الفيزياء في أن حقول تخصصهم تحميهم وإنه بقدر نسبي عما يعرضني له الأدب من مواجهة مقلقة مع الآخر ثقافة ومفاهيم ومشاعر، مواجهة تهز ما بداخلي حتى لتكاد تزلزله. وأظن أن تلك المواجهة هي ما دفعني للتمسك بثقافتي العربية حتى في غربتي الأكاديمية عنها، في هجري القصير، فكنت أستعيد أدب العربية خوفًا على هوية تتفلت مني مع كل قصيدة لوردزورث أو مسرحية لشكسبير أو رواية لهمونغوي، بل وأكثر من ذلك مع كل مطالعة لنيتشه أو قراءة لفرويد. كنت ادرس الشعر، وهو غربي طبعًا،وحين يطلب الأستاذ منا ان نكتب ورقة حول قصيدة تعجبنا من خارج ذلك الشعر اذهب إلى البحتري أو ابي القاسم الشابي فاجعله مساهمتي في المناقشة الصفية. من هنا كانت سعادتي وانا اتلقى في أواخر السبعينيات، أي بعد حصولي على الماجستير وتهيئي لما بعدها، رسالة من الكاتب السعودي عبدالكريم العودة، وكان إذ ذاك يشرف مع محمد علوان على الصفحات الثقافية بمجلة اليمامة، يطلب مني فيها، بعد أن عرفني من خلال مقالات كنت أرسلها للنشر هناك، أن أسهم في عدد ستصدره مجلة «الآداب» البيروتية حول الأدب السعودي. لم أدرك حينها أن انعطافة مهمة في حياتي تنتظرني مع الانشغال بقصائد الشعراء السعوديين الشباب التي أرسلت لي. لم أدرك أنني في بداية سيرة أخرى تجاور سيرتي الأكاديمية، أن دكتور الأدب الانجليزي سيصير بالنسبة لكثيرين سيقرؤونه فيما بعد «دكتور الأدب السعودي» «الناقد السعودي» في المقام الأول أو ليس إلا. لكن هكذا كان، فحين عدت كان كتابي الأول في مطلع التسعينيات الميلادية جماعًا لما اشتغلت عليه منذ عودتي، ليس في مجال تخصصي، وإنما في الأدب السعودي. في «ثقافة الصحراء» وجدت نفسي مشغولاً ليس بالأدب فحسب وإنما بالقضية التي لم تزل تلازمني على امتداد أوراق بحثية ومحاضرات وكتب أخرى: قضية الهوية. وأظنني لو بحثت عن كلمة تشكل لازمة متكررة في مجمل ما كتبت فستكون هي «الهوية». انشغال بسؤال الهوية ويمضي البازعي كاشفًا عن أطوار اهتمامه بقضية الهوية قائلاً: كان سؤال الهوية بالنسبة لي وما يزال سؤالاً وجوديًا ومعرفيًا وثقافيًا. كان منطقة اشتباكي مع الذات الثقافية والاجتماعية بقدر ما كان منطقة اشتباك مع الآخر الذي قضيت ثمانية أعوام في محاولة التعرف عليه في عمقه الحضاري. الهوية بالنسبة لي تمثلت في دراسة الأدب السعودي من حيث هو انتماء للمكان وللتاريخ أمام متغيرات الفكر والثقافة. ومن هنا كان اهتمامي بذلك المفهوم الذي ذكره عبدالله نور رحمه الله ذات ليلة في أواسط الثمانينيات الميلادية في الرياض. لكني سرعان ما وجدت نفسي آخذ المفهوم بعيدًا عما أرادنا نور أن نفهمه منه، فأجعله صفة لهوية يسعى إليها جيل الحداثة الشعرية في تلك المرحلة إذ يتلبسون شخصية البدوي أو يستعيدون أجواء الصحراء بدلاً من أن تكون ثقافة الصحراء ثقافة البدوي نفسه كما أراد نور. لكن مسألة الهوية كانت تنمو باتجاه آخر أيضًا، وعلى نحو متزامن مع نموها في دراستي للأدب السعودي.. كانت هي (الأدب المقارن) أو الدراسة المقارنة للادب، الميدان الذي افرز العديد من الدراسات والكتب مثل (مقارنة الآخر) الذي نشر في القاهرة عام 1999 ففي المقارنة كان سؤال الهوية ملحًّا ينطرح على الأجنبي مرة وعلى الذات مرة فتتناسل من ذلك اسئلة وتلمع اجابات تفضي الى اسئلة اخرى.. ومن تلك الاسئلة كان سؤال المصطلح الذي يطرحه مفهوم الهوية بحد ذاته بقدر ما تستدعيه المفاهيم على اختلافها.. فكان من ذلك الكتاب الذي عملت عليه مع الزميل والصديق الدكتور ميجان الرويلي أي (دليل الناقد الادبي) الذي صدر في عدة طبعات وعرفت من خلاله ربما اكثر من أي كتاب آخر في الوطن العربي وخارجه. وبقدر ما اشتغل (دليل الناقد) باشكالية الهوية على مستوى المصطلح أي بدلالة المصطلحات وما تحمله من هوية ثقافية كان انشغاله بهويته هو ككتاب يراوح بين شخصية المعجم وكتاب المقالات ساعيًا الى تأسيس أسلوب مختلف في التعامل مع مفردات الثقافة القادمة من الغرب بشكل خاص. دليل الناقد ويلقي البازعي مزيدًا من الضوء حول هذا الدليل بقوله: لقد سعى (دليل الناقد الادبي) الى فتح نوافذ على المصطلحات الثقافية الغربية اكثر اتساعا ووضوحا ودقة من المسلك الذي عبرت تلك المصطلحات من خلاله في اعمال عربية كثيرة اخرى توخت مثل الدليل ان تمد جسورا على الآخر وتفتح نوافذ للتعرف عليه.. كان الدليل بتعبير آخر نافذة على الآخر وحين اقول نافذة فانما اتذكر كم تكررت تلك المفردة ومرادفتها وما يتصل بها في محاولاتي المتكررة لكتابة اعمال تفتح النوافذ وتضيء الطرقات متوخيا في ذلك السبل التي سلكها اساتذة لي بعضهم عرفته وعرفني وبقي البعض الآخر بعيدا اتعلم منه مثلما تعلم غيري من خلال ما ترك من اثر. النوافذ والابواب والشرفات وعملية التواصل والاستقبال هي ما استوقف احد الزملاء في قسم اللغة الانجليزية بجامعة الملك سعود القسم الذي عملت فيه حتى تقاعدي المبكر هذا العام.. ففي احتفال صغير اكرمني به اولئك الزملاء حين تسلمت ادارة النادي الادبي بالرياض تساءل ذلك الزميل عن السبب في شيوع الشبابيك والابواب والشرفات وما يتصل بها في عناوين كتبي.. وكان يشير الى العناوين (شرفات للرؤية) و(ابواب القصيدة) و(استقبال الآخر).. ولم يكن الزميل يدري ان اول سلسلة مقالات كتبتها كانت بعنوان يحمل دلالة مقاربة.. تلك كانت زاويتي الاولى (تواصل) في جريدة الرياض اوساط الثمانينيات الميلادية.. وحين التفت الان الى ذلك كله يخيل لي انني لم اكن اخرج عن الطريق الذي رأيت نفسي اسير فيه منذ ادركت معنى ان اكون متخصصا في ادب اجنبي.. كان ذلك الوعي يتبلور عام 1975 وانا اقف امام احد اساتذتي الامريكيين وقد وصلت للتو الى قسم اللغة الانجليزية في جامعة بردو الامريكية.. طلب مني الاستاذ ان اكتب مقالة حول السبب الذي دفعني لدراسة ادب اجنبي فكتبت بانجليزية ادركت لاحقا هشاشة اسلوبها «لتبرير هذا الاختيار يمكنني ان اقول انه ليس تفضيلا لأدب على آخر، وانما هو امل في ان اتمكن يوما من خدمة ادبي القومي من خلال دراسة ادب اجنبي»..كانت تلك هي النافذة الاولى او التواصل الأول. جهد المقل ويستطرد البازعي في حديثه مضيفًا: إنني بكل تأكيد غير واثق انني خدمت الثقافة التي انتمي اليها على النحو الذي تمنيت لكني اذكر سعادتي حيث ألقيت ورقة قبل حوالى عشرين عاما في مهرجان الجنادرية حول الرومانسية في الآداب الاوروبية فكتب أحدهم معلقا ببعض السخرية» لم نعهد البازعي متخصصا في الآداب الاوروبية.. كنت سعيدا بذلك التعليق لان معناه انني تركت انطباعا لدى ذلك الكاتب انني اقرب الى الادب العربي على الرغم من التخصص والرسائل الجامعية والابحاث المحكمة والترقيات في مجال الآداب الاوروبية ذلك المجال الذي لم اعرف به لدى البعض والذي لم يكن ذلك الكاتب يعرفه كما اتضح.. بل كم شعرت بمزيد السعادة وانا اتلقى دعوات قسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود الى مناقشة رسائل في الادب العربي او حين يذهب بريدي خطئا الى قسم اللغة العربية.. ويختم البازعي حديثه بقوله: حين أتأمل كل ذلك يبدو لي الأمر ينتهي إلى شعور بالاغتراب في ثقافة الآخر وانني كنت طوال الوقت اشبه بالابن الضال الذي يتلمس طريقه عائدا الى بيت ابيه فيفتح كل ما يستطيع من ابواب ونوافذ وطرقات للبقاء متصلا بالثقافة التي احب والتي اليها انتمي او احاول ان أنتمي. مداخلات عقب كلمة البازعي تداخل عدد من الحضور، حيث ابتدر المداخلات رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالمحسن القحطاني مشيرًا إلى أن البازعي اشتغل بمفردة الصحراء التي اشغلت كثيرًا من الادباء، ولقد وضع لثقافة الصحراء رائحة ولغة واسلوبًا لأنه عاشق مهموم بالمكان وبيئته. وقدم أكثر من 50 بحثا بالاضافة للكتب المتنوعة. فيما أشار الدكتور عزت خطاب إلى أن البازعي باحث حقيقي عن العلم والحقيقة ويرفض الحديث عن نفسه، منوّهًا إلى أن البازعي قد شارك مؤخرا في ورشة ثقافية علمية في مؤتمر جمعية اللغات الامريكية وهي جمعية عريقة وكانت مشاركة البازعي مشاركة فاعلة.. فالبازعي يملأ المكان الذي يشغله. كما رد البازعي على العديد من المداخلات الأخرى وأسئلة الحضور مشيدًا في ثنايا إجاباته بأدب المرأة مؤكدًا أن الصوت النسائي في الادب السعودي مهم ومؤثر، ومبينًا أن القنوات الفضائية على كثرتها نشرت ثقافة رديئة هبطت بالذائقة الثقافية والفنية وهي لا ترتقي بالجمهور وهدفها مادي. وحول اهتمامه بالأدب اليهودي أوضح البازعي أنه قدم كتاب (المكون اليهودي في الحضارة الغربية) ولم ينحز فيه لليهود وكان هدفه من الكتاب فهم الآخر دون اصدار الحكم المسبق، وأن الكتاب لقى إشادة من اليهود أنفسهم رغم ما فيه من نقد لهم، مبينًا أنه من الضروري دراسة ما كتب اليهود والاستفادة من تجاربهم.