وجه أعضاء بارزون في مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين، الثلاثاء، رسالة للرئيس «جو بايدن» تطالبه بالاهتمام بالملف السوري وإبلاغ الكونغرس الأميركي باستراتيجية البيت الأبيض لسورية خلال فترة لا تتجاوز 60 يوم. وجاء في الرسالة «قام النظام السوري بسرقة ما لا يقل عن 100 مليون دولار من أموال المساعدات الإنسانية المخصصة للمناطق الخاضعة لسيطرة الأسد والتي وصلته عبر الأممالمتحدة». وطالب الكونغرس الرئيس بايدن بايجاد الية سريعة تمنع الأسد من الاستحواذ على أموال المساعدات الإنسانية، ومنعه من الوصول الى عوائد تجارة «الكبتاغون» المزدهرة في سورية. وقال أعضاء الكونغرس «في حين اهتمّت إدارتكم بتجديد تفويض الأممالمتحدة لتسليم المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية، وتوسيع دعم الاستقرار في المناطق المحررة من تنظيم داعش فإن هذه الجهود تعالج فقط أعراض الصراع الأساسي وستفشل في نهاية المطاف إذا لم نتوصل الى الية سياسية تنهي الصراع الدائر في سورية بشكل مستدام». وفي وقت يقلق فيه الشعب السوري من تراجع اهتمام المجتمع الدولي بمأساة السوريين المستمرة، عبّر السفير السعودي عبدالله المعلمي، الشهر الماضي، عن موقف سعودي منحاز للإنسانية في سورية، حيث ذكّر السفير المعلّمي بجرائم النظام، وأكّد ضرورة اتّخاذ خطوات سياسية قبل الحديث عن إعادة إعمار سورية. وكان لكلمات السفير المعلّمي أثر طيّب، وصدى كبير، في وجدان السوريين خاصة أنّها جاءت في وقت يتحدّث فيه العالم عن انتهاء الحرب وانتصار الأسد، بينما رد المعلّمي على خطاب الأسد و دعاية إيران الكاذبة ونفاق المجتمع الدولي بالقول «لا تصدقوهم»، متسائلاً عن فائدة النصر حين يكون الزعيم «واقفاً على هرم من الجثث»، مذكّراً بالشراكة التي تجمع ما بين «حزب الله» الإرهابي والحكومة السورية. وفي حوار خاصة لجريدة «الرياض»، قال سالم المسلط، رئيس الائتلاف السوري المعارض، أن موقف السعودية، وكلمات السفير المعلّمي تعبّر عما في قلوب السوريين، وتنقل الحقيقة الى المحافل الدولية، معرباً عن تثمين الشعب السوري لمواقف خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالعزيز بن سلمان، وولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان، وما قدّمته السعودية للشعب السوري من مواقف سياسية ومساعدات إنسانية. وفيما يلي نص الحوار: * إذا تحدّثنا عن الممكن سياسياً وعملياً اليوم. هل من خطوات يمكن اتخاذها دولياً واقليمياً وسورياً لدفع العملية السياسية السورية للأمام؟ * لقد كنا متفاعلين مع كل الطروحات الدولية للحل مقابل تعنت ورفض النظام المقرون باستمرار جرائمه ضد شعبنا، لكن قبولنا بالمضي في المسارات السياسية المختلفة كان وما زال مرهوناً بتحقيق مصالح الشعب السوري وتخليصه من النظام المجرم وتحقيق الانتقال السياسي وفق القرارات الدولية، وأي تحرك أو خطة تعود بالنقض على هذه الأهداف هي لا شك مرفوضة ولا يمكن المضي فيها. ومن هنا فإن الأممالمتحدة مطالبة بتقديم جدولة زمنية محددة لمسارات العملية السياسية المنصوص عليها في القرار 2254 بما يشمل إنشاء هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات والعمل على إنجازها بشكل متزامن؛ تمهيداً لانتقال سياسي كامل في سورية، فلا يمكن لشعبنا أن ينتظر ويستمر في الانتظار إلى ما لا نهاية. كما أنه من غير المقبول أن يستمر المجتمع الدولي في إدارة الملف السوري بهذا البرود، ومن خلال مقاربات هشة لا ترقى إلى معاناة أهلنا في المخيمات وفي المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وتجاه مئات آلاف المعتقلين المختطفين والمختفين قسراً، الذين يعانون من ظروف استثنائية ويعيشون موتاً مستمراً، وملايين المهجّرين واللاجئين، الذين يجب أن يوضع حد لمعاناتهم تضمن عودتهم الآمنة والكريمة إلى وطنهم وبيوتهم. فالائتلاف الوطني متمسك بثوابت الثورة ولن يكون بأي شكل داعماً أو شريكاً في أي مبادرة أو طرح يجنح إلى طريق خارج قرارات مجلس الأمن الدولي. *حملت تصريحات السفير المعلّمي جرعة أمل وثقة كبيرة للشعب السوري وتحوّلت الى ترند في أوساط السوريين كونها أتت من دولة عربية قيادية ذات ثقل متفرّد. كيف تنظرون إلى هذه التصريحات، والمواقف السعودية مما آلت إليه الأمور اليوم في سورية ؟ -الشعب السوري يثمن عالياً مواقف خادم الحرمين الشريفين وولي العهد والموقف السعودي المبدئي والراسخ في رفض شرعنة النظام، بما يمثله من دعم للشعب السوري ومساندة لتطلعاته المحقة، باعتباره رافعة أساسية من أجل الوصول إلى حل سياسي. وقد جاءت كلمة المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية في الجمعية العامة للأمم المتحدة السفير عبد الله المعلمي لتعبر عما في قلوب أبناء سورية وتنقل حقيقة ما يجري على الأرض. تصريحات المعلمي هي تأكيد على التزام المملكة بقرارات الجامعة العربية ورفضها مبادرات التطبيع مع نظام يستمر في قتل السوريين وتهجيرهم وجلب الميليشيات الإرهابية إلى سورية. ونحن نقدر هذه المواقف الثابتة للقيادة في المملكة العربية السعودية وما لها من دور في وأد مؤامرات التطبيع مع النظام، ودعمها الإيجابي لكل القرارات الدولية بشأن الملف السوري. بالنسبة لنا مواقف المملكة كانت ولا تزال إلى جانب الشعب السوري في نضاله ضد الإرهاب والإجرام الذي يقوده نظام الأسد والميليشيات الإيرانية، وبالتالي لسنا وحدنا في هذه المعركة ضد هذا المشروع الخبيث. وتنبع أهمية موقف السعودية ودورها السياسي والدبلوماسي بالنسبة للملف السوري من مكانة السعودية الدولية وقدرتها على التأثير وتحريك ملف الحل في سورية والمساهمة في دفع المجتمع الدولي نحو تطبيق قرارات مجلس الأمن وعلى رأسها القراران 2118 و 2254. وكذلك نتطلع إلى دور فعال للمملكة في بناء آلية دولية صارمة تتضافر فيها كل الجهود من أجل حل يضمن وقف الجريمة المستمرة في سورية وإنهاء معاناة عشرات آلاف المعتقلين في سجون النظام وضمان العودة الآمنة للمهجّرين، وتطبيق القرارات الدولية. *ما هي الدروس التي تعلمها الشعب السوري بعد سنوات الحرب الطويلة التي جرّت سورية إلى محور "إيران" فكان الانهيار الاقتصادي والمعيشي أبرز سمات سورية ودول أخرى انخرطت مع هذا المحور، بينما تشهد دول محور الاعتدال العربي نهضة عمرانية واقتصادية وثقافية بالإضافة الى استقرار أمني يتمتّع به من ابتعد عن النموذج الإيراني؟ -بالنسبة لما تعيشه المملكة اليوم فإننا نرجو لها المزيد من الاستقرار والازدهار والرخاء، فالمملكة بيت العرب الكبير وقوتها واستقرارها قوة للعرب جميعاً. أما المعركة التي يخوضها الشعب السوري منذ عشر سنين ضد النظام المجرم وضد المشروع الإيراني الخبيث فهي في الحقيقة معركة يقوم بها الشعب السوري نيابة عن الأمة كلها، لذا كان دعم صموده واستمراره فيها واجب، فالمشروع الإيراني لا يستهدف سورية فحسب، ولكن عينه ومدافعه على كل دول المنطقة ونحن نشهد عملياته التخريبية من خلال الميليشيات المنتشرة في اليمن والعراق ولبنان وغيرها من الدول، كما نلاحظ العمليات الإرهابية التي تقوم بها الميليشيات الإيرانية في اليمن من استهداف لأمن المنطقة وزعزعة لاستقرارها. لابد من ردع هذا المشروع التخريبي الخبيث ووقف تمدده وتوسعه وتصديره إلى بقية دول المنطقة من خلال دعم مباشر وحقيقي وكثيف للشعب السوري في معركته ضد هذا المشروع، ودعم تطلعاته في دولة الحرية والكرامة والمساواة، دولة مدنية تعددية ديمقراطية تحفظ الحقوق لكل مكوناتها. * من الواضح أن نظام الأسد يصوّر نفسه داخلياً على أنّه منتصر..هل من فائدة مرجوة للمنطقة من عقد العلاقات مع الأسد ؟ -أشدد على أن أي محاولة لتعويم النظام تعني بالضرورة تكريماً للقتلة والمجرمين وحلفائهم، ودعماً لمشروع يسعى لتكريس الاستبداد والفساد والإرهاب، ولن يكون ذلك إلا دعماً للمشروع الإيراني الذي بات كابوساً للجميع في المنطقة، فتعويم الأسد يعني إعطاء دفعة لخطط ومشاريع طهران في كل المنطقة العربية، وتكريس لتمددها وسيطرتها وتعزيز لتدخلاتها. بعد عشر سنين من الحرب الوحشية المستمرة من نظام الأسد على الشعب السوري، وقتل مليون مدني واعتقال ربع مليون وتهجير نصف الشعب لا يمكن أن يكون هذا الكم الهائل من الفظائع مسوغاً لتدوير نظام الإبادة أو إعادة العلاقات معه. لا يمكن تسويغ إعادة العلاقات مع نظام الأسد المجرم بأي دوافع اقتصادية فالنظام جعل سورية من الأفقر عالمياً وهو غير قادر على تأمين الخبز والوقود، فماذا يمكن أن تأمل منه أي دولة أو ماذا يمكن أن يصدّر لها النظام سوى الأزمات والخيبات والمخدرات. بدل السعي إلى تعويم النظام يجب العمل على إنهاء المشكلة من جذورها فلا يمكن لنظام الإبادة أن يكون عامل استقرار، فالفوضى والإجرام عنصر أساسي في طبيعة النظام وتكوينه، ويعتمد عليهما في بقائه.