تمر الثورة السورية في هذه الأيام بمجموعةٍ من التشويهات والاتهامات. بين من يشبهها بالحالة العراقية أو الأفغانية, وبين من يضع الثوار كلهم في خانة جبهة النصرة. لكن هذا التشويه كله لم يمنع الأممالمتحدة من أن تتخذ موقفاً قوياً وحاسماً في التصويت الأخير والذي ألقى فيه المندوب الدائم للسعودية في الأممالمتحدة السفير عبدالله المعلمي خطاباً محكماً ومتماسكاً إنما يعبر عن قوة السعودية وقوة دبلوماسيتها وممانعتها ضد العواتي من الرياح. أخيراً أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية 107 أصوات مقابل رفض 12 دولة، وامتناع 59 دولة عن التصويت, مشروع قرار عربي, يدين انتهاكات نظام الرئيس بشار الأسد وحملته مسؤولية استمرار العنف في البلاد, ويطالب بالاعتراف بالائتلاف الوطني ممثلا عن الشعب السوري في أي عملية انتقال سياسي، وشهدت جلسة التصويت شدا وجذبا بين الدول الأعضاء حيال مشروع القرار، الذي تقدمت به قطر وعدد من الدول العربية. ويحمل القرار الحكومة السورية مسؤولية تواصل العنف، وذلك لاستخدامها الدبابات والطائرات والصواريخ الباليستية في قصف المناطق المدنية والانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان، كما يدين العنف أيا كان مصدره! روسيا كالعادة صدمت من هذا القرار القوي والفاصل في الموضوع السوري. أما المعلمي فكان سعيداً لأنه انتصر للسوريين من خلال القوة الدبلوماسية السعودية التي لا تعرف الخنوع أو الخضوع، بل هي سياسة أخلاقية ذات أبعاد إنسانية. المعلمي قال بعد التصويت:»إن القرار يبرز أن المجتمع الدولي ما زال متماسكا في التعبير عن دعمه للشعب السوري وإدانته للنظام الذي ما زال يمارس جرائم بحق أبناء شعبه، ويؤكد القرار على أهمية الانتقال إلى حل سياسي في سورية ويبرز دور الائتلاف الوطني السوري باعتباره ممثلا للشعب، كما أن التصويت يعتبر دليلا واضحا على توحد الرأي العالمي في هذا الشأن». المعلمي مشهور بالكلام القليل الدال على قول العرب:»خير الكلام ما قل ودل». المشكلة أن الدبلوماسية السورية تحاول أن تخدع الإعلام العربي من خلال التهييج ضد السعودية أو قطر أو غيرها من الدول العربية التي تقود موقفاً أخلاقياً ضد البطش السوري المنظم من قبل الطغاة. لنقرأ تحليل الكاتب السياسي يوسف الديني الذي قال:» سؤال: لماذا يتم دائما تسليط الضوء على «القاعدة» وأخواتها في سياق الأزمة السورية مع أن حضورها هو نتيجة لتفاقم الأوضاع وليس سببا فيه؟ ولماذا يتم تجاهل تنظيمات مسلحة مؤيدة للنظام الأسدي لا يتم الحديث عنها في التقارير الصحافية ولا حتى في الحديث عن التدخل الإيراني المباشر وعبر ذراعه الإقليمية حزب الله؟ فمما لا يخفى على المتابع للملف السوري أن هناك عددا كبيرا من التنظيمات المسلحة المؤيدة لنظام الأسد مثل «فيلق القدس» الإيراني، وهو واحد من أهم التنظيمات المسلحة التي تعمل على الأرض، هذا عدا المجموعات المتكاثرة لعناصر ومقاتلي حزب الله في منطقة القصير والقرى المحيطة بريف حمص. الأكيد أن المستفيد من هذه «العسكرة» للحالة السورية هو النظام نفسه الذي بات يستخدمها كفزاعة لتثبيت حكمه وإفراغ الثورة من وقودها السلمي وتعبئتها بفوضى التسليح، ما أسهم في سهولة حشد رأي مضاد عالمي روسي - صيني وحتى لبعض دول أميركا اللاتينية التي ترى في ما يحدث اقتتالا مسلحا أقرب إلى الافتئات على النظام المدني العلماني، وهي أكذوبة على سذاجتها تم تمريرها بسهولة على دول كان لديها تحفظ على التدخل في المنطقة تحت شعار «الديمقراطية» وهي الخطيئة الأميركية التي أصابتها بالفوبيا وعقدة الذنب». هذه هي الحال السورية التي تتنازعها الاتهامات، والحل يكمن بقوة الدبلوماسية العربية والسعودية تحديداً والتي تنقذ العالم والشعوب المظلومة..