بدأت عامي الجديد 2022 بشكلٍ مختلف؛ في احتفاليةٍ خاصةٍ جداً، حيث ولجت إليه وأنا صائم عن الطعام، وأكملت ما مدته خمسة أيامٍ و9 ساعات متواصلة من دون تناول وجبة واحدة، معتمداً على شربِ الماء والقهوة وشاي الأعشاب العضوي، إضافة للفيتامينات، وبضعِ ملاعقَ يومياً من الزيوت النافعة: زيت كبد الحوت، زيت جوز الهند، زيت الحبة السوداء، زيت الزيتون! التحدي الذي خضته مع نفسي كانت له الكثير من المعاني، ألا أبقى حبيس روتين العام الفائت، ولا أقع أسير ما أعتبره منجزات تحققت فيه. حيث كان أعلى عدد ساعاتِ "صيامٍ متقطعٍ" عن الأكل حققته سنة 2021، كانت 85 ساعة متواصلة. قبل أكثر من عامين، كنت مع ابن عمي العزيز علي نزار، نتجول بالقرب من "دبي مول"، وكان يتحدث لي عن "الصيام المتقطع"، ويحذرني من أضرار تناول السُكر على جسم الإنسان، وأنواعه الموجودة في الأسواق؛ وحينها كانت تنتابني الدهشة كيف يقوم "أبو نزار" بصيام 16 ساعة متواصلة من دون أكلِ ولو حفنة من المكسرات أو لوحٍ من البروتين! "الصيام المتقطع" هو التوقف عن تناول الطعام أو العصائر وكل ما من شأنه أن يرفع مستوى الإنسولين في الدم، والاكتفاء بشربِ الماء والقهوة الشاي، والمشروبات التي لا تستحث هرمون الإنسولين مثل خل التفاح العضوي ممزوجاً مع الماء، أو إضافة شيءٍ من الزبدة العضوية إلى فنجان القهوة، مع السماح بتناول كميات صغيرة من الدهون النافعة، كونها لا تكسرُ الصيام. "الصيام المتقطع" له فوائد عدة، تعمل على تخفيف عمليات التأكسد داخل الجسم، وتحد من الإلتهابات، وتقلل من عدم انتظام الإنسولين في الدم؛ وهذه الفوائد كي تتعزز لا بد من ممارسة "الصيام المتقطع" بشكل صحيح، وتدريجياً، بحيث يبدأ الإنسان مثلاً بوقف تناول أي طعام بين الوجبات الثلاث اليومية، ثم زيادة عدد ساعات الصيام وتخفيف عدد الوجبات إلى اثنتين، وصولاً إلى صيام 14 ساعة، ورفعها إلى 16 ثم 18 ساعة كمعدلٍ يومي، كي يحصل على الفائدة المرجوة؛ إلا أن الأهم هو عدم الاستعجال، وأن يصاحب هذا النوع من الصيام تناول أطعمة غنية بالدهون النافعة والبروتين، والتقليل من الكربوهيدرات، وقطعِ تناول الطعام المصنع الذي تضاف إليه المواد الحافظة والأصباغ والمنكهات، ويفتقد للعناصر المغذية للجسم والفيتامينات والمعادن الهامة، لأنه بالأساس ليس طعاماً! "الصيام المطول"، هو أحد الأنواع المتقدمة ل"الصيام المتقطع"، وفيه يصوم الإنسان لأكثر من 24 ساعة، ولكي تتحقق الفوائد المرجوة منه، فإن الخبراء مثل د.إريك بيرج، ينصح بصيام 72 ساعة – لمن يستطيع ولديه الخبرة – مرة كل شهرٍ أو شهرين. عندما تصوم لثلاثة أيام متتالية، فإنك تحفز "جهاز المناعة"، الذي يصبح في جهوزية عالية، وتدفع الجسم نحو القيام بعملية "الإلتهام الذاتي" التي تنظفه من البروتينات القديمة والخلايا التالفة ومسببات السرطان، كما أن مستويات هرمون الإنسولين تنتظم بشكل مثالي، ويستقيمُ أداء مستقبلات الإنسولين في الخلايا؛ فضلاً عن التحسن في وظائف أعضاء، مثل: الكبد والكلى والأمعاء والقلب والمرارة، وتعزيز دور "كريات الدم البيضاء" وقدرتها على حماية الجسم، فيما ستكون مستوياتِ التذكر والتركيز وصفاء الذهن في تطور مستمر، من دون أن ننسى انتقال الجسم من مرحلة حرق السكر إلى حرق الدهون، ما يسمح بتخفيف الوزن أيضاً. شخصياً، طوال فترة توقفي المستمر عن الأكل مدة 5 أيام و9 ساعات، لم أشعر بأي جوع أو إعياء أو دوار في الرأس، وكنت أمارس المشي السريعَ لنحو 8 كلم بشكل شبه يومي، وتدربت في الصالة الرياضية 3 أيام من أصل 5، فضلاً عن الجلوس المستمر تحت أشعة الشمس. حتى عندما كسرتُ صيامي، لم يكن السبب شعوري بالجوع، أو الرغبة الجامحة في تناول الطعام، بل لأنني استمعتُ لجسدي، وشعرتُ أنه أخذ كفايته، خصوصاً أنني كنت أستعد للعودة لبدء تمارين رفع الأثقال. تجربة كانت مهمة لي، منحتني الصحة والثقة بالنفس وصفاء الذهن والإرادة، والمزيد من تفاصيلها في مقالاتٍ مقبلة.