تواجه أفغانستان أكبر أزمة إنسانية في العالم، نظرا للتدهور الحاد في أوضاعها الاقتصادية منذ استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس الماضي، والذي أعقبه تحرك القوى العالمية والمؤسسات المالية الدولية لحجب أو تجميد أصول بمليارات الدولارات ومساعدات عن حكومة تديرها حركة منبوذةً. وقالت صحيفة أميركية في تقرير لها إن ملايين الأشخاص قد يموتون جوعا في البلاد هذا الشتاء، وهناك شخصان من فيلادلفيا حاولان تجنب حدوث ذلك. وقال ناصر شاهاليمي وهو رجل أعمال في منطقة يونفيرستي سيتي في فيلادلفيا من مواليد العاصمة الأفغانية كابول، يساعد في قيادة حملة توعية جديدة ناشئة تحت شعار «اوقفوا المجاعة في أفغانستان»: «إن هذه حملة من أجل الإنسانية». وأضاف «كنا نساعدهم على مدار عشرين عاما، والآن لا نساعدهم». وقالت الصحيفة إن شاهاليمي، وجول ماكاي بوبال صالح وهى مؤلفة كتب أطفال في منطقة نورث إيست فيلادلفيا، أسسا حركة يتوليان قيادتها، حظيت بالدعم من الكثيرين في جميع أنحاء العالم، وانتشرت عبر الإنترنت وأدت إلى إندلاع مظاهرات في ثلاث مدن. ووقع قرابة عشرة ألاف شخص على التماسات عبر الإنترنت يناشدون فيها الولاياتالمتحدة، باتخاذ إجراء لتجنب حدوث كارثة إنسانية. وتساءلت الصحيفة قائلة لماذا فيلادلفيا هي نقطة انطلاق؟ ونقلت عن شاهاليمي قوله: «الأشياء تبدأ وتتطور في فيلادلفيا». وقرر هو وبوبال صالح، وهما أمريكيان من أصول أفغانية، كانا قد هاجرا إلى فيلادلفيا وهما طفلان، إنه يتعين عليهما التحرك عندما جاءا أن هناك أزمة تستفحل. وتعاني أفغانستان منذ فترة طويلة من سوء التغذية، ولكنها أبتليت الآن في وقت واحد بالجفاف، والحرب، والفقر، والبطالة، وجائحة كورونا التي دمرت المحاصيل وقطعت المساعدات الدولية. ويواجه أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 22.8 مليون نسمة الجوع الشديد، وفقا لتحليلات الأممالمتحدة، وهناك أكثر من8.7 ملايين منهم على وشك التعرض لمجاعة. وأضافت الصحيفة أن مليارات الدولارات من المساعدات التي كانت تتدفق على الحكومة المدعومة من الولاياتالمتحدة، اختفت عندما سقطت البلاد في قبضة حركة طالبان. وأدت العقوبات الاقتصادية الأميركية التي اعقبت ذلك من إلى تقييد قدرة أفغانستان على الوصول إلى الأسواق المالية العالمية، وتسببت في عدم قدرة المنظمات الإنسانية على دفع رواتب العاملين، وشراء الإمدادات، وتوزيع الغذاء. وتحركت إدارة الرئيس جو بايدن لإعفاء الجماعات التي تقدم المساعدات من العقوبات قبل وقت قصير من حلول أعياد الميلاد، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه الخطوة سوف تكون كافية للحيلولة دون حدوث مجاعة. وتابعت الصحيفة، أن جزءا من التحدي سياسي، حيث تخشى إدارة بايدن من أن ينظر إليها على أنها تدعم طالبان إذا قدمت مساعدات. وتدعو حملة «أوقفوا المجاعة في أفغانستان»، الإدارة الأميركية إلى تجاهل المخاوف السياسية وتوصيل الغذاء إلى الجوعى، وبدأت في نشر منشورات عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر تحت هاشتاج «أوقفوا المجاعة في أفغانستان». ولا تسعى الحملة إلى الحصول على تبرعات نقدية، مشيرة إلى أن تمويل برامج الغذاء أمر تطالب به وتجمعه منظمات تشمل برنامج الأغذية العالمي، ولجنة الإنقاذ الدولية وصندوق الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف)، ومنظمة العمل ضد الجوع. ووقع أكثر من 4100 شخص على التماس يدعو لاتخاذ إجراء فوري سوف يتم تقديمه لإدارة بايدن، والأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة. وحصل التماس مماثل من جماعة «جاست فورين بوليسي»، وهى جماعة إصلاحية مقرها واشنطن، على 5300 توقيع. ويتعرض للخطر بصفة خاصة هذا الشتاء، ثلاثة ملايين أفغاني «نزحوا داخليا»، ارغمتهم الحرب وأعمال العنف على الفرار من منازلهم ولكنهم لم يتركوا وطنهم. وفر ما يُقدر بخمسين ألف شخص إلى العاصمة كابول، حيث تنخفض فيها درجات الحرارة في الشتاء إلى أقل من الصفر في الليل. وسوف يقضي الكثيرون الشتاء في ملاجئ مؤقتة أو حجرات ليس بها وسائل تدفئة، وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وهناك قرابة 3.2 ملايين طفل أفغاني دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، وفقا لمنظمة الأممالمتحدة للطفولة. وتسعى الكثير من الأمهات جاهدة لإرضاع أطفالهن لأنهن أنفسهن تعانين من سوء التغذية. وتعتزم حملة «اوقفوا المجاعة في أفغانستان»، الوصول إلى نحو 40 من الديمقراطيين في مجلس النواب، الذين دعوا بايدن ووزيرة الخزانة جانيت يلين إلى إنهاء تجميد الاحتياطيات المصرفية الخاصة بأفغانستان. ويقول النواب إن مواصلة فرض قيود دولية على النظام المصرفي الأفغاني يخاطر «بحدوث متاعب اقتصادية وانهيار إنساني». وقالت بوبال صالح: «إننا مواطنون أميركيون، وفي نفس الوقت نهتم بشعبنا الأفغاني والمكان الذي ولدنا فيه». وبوبال صالح، التي ألفت أربعة كتب للأطفال، هي مؤسسة ومديرة مجموعة «الشجرة الذهبية للخير»، التي تسعى لنشر العطف وحسن الخلق من خلال القراءة وتشجيع الأطفال على اتباع القاعدة الذهبية للسلوك الجيد. وجاءت بوبال صالح، إلى الولاياتالمتحدة وهى في سن الرابعة في عام 1981، بعد مرور عامين على الغزو السوفيتي لأفغانستان. وفي الشهر الماضي ساعدت في جمع متحدثين في حشد جماهيري أمام البيت الأبيض، في الوقت الذي اندلعت فيه مظاهرات مماثلة ضد الجوع في لندن وفيينا. وقالت: «نتلقى اتصالات هاتفية من جميع أنحاء العالم، الدعم يزداد ونحن نتحد بصرف النظر عن الانتماءات العرقية والدينية». وقال شاهاليمي وهو مستشار تجاري وصل إلى الولاياتالمتحدة وهو يبلغ من العمر عاما واحدا في 1980: إن هناك حاجة للعمل الآن في الوقت الذي تهدد فيه ثلوج الشتاء بعزل المناطق النائية في أفغانستان. وأضاف «نتحدث من أجل أطفال أفغانستان المعرضين للخطر، ففي كل يوم يمكن أن يموت طفل آخر».