يوماً بعد آخر يتجلى للعالم حرص المملكة العربية السعودية على تنمية الاقتصاد اليمني ودعمه، ذلك أنه ومنذ انقلاب الذراع الإيراني (ميليشيا الحوثي الإرهابية) على الشرعية الدستورية، تكبد الاقتصاد اليمني خسائر أثرت على التنمية، وتسببت في انهيار العملة الوطنية وتدهور الخدمات الاجتماعية. لكن المملكة لم تتخل عن اليمن، وكان ماثلاً للقاصي والداني سعيها لرفع المعاناة عن الشعب اليمني ومساعدته لمواجهة الأعباء الاقتصادية جراء معاناته من جرائم وانتهاكات الميليشيات الحوثية الإيرانية، ومهما طال الزمن سيبقى اليمن وشعبه محل اهتمام ودعم ورعاية المملكة، ولا أبلغ من عبارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، عندما قال لليمنيين: "نحن معكم في كل خطوة إلى آخر يوم في حياتنا، كما كنا في السابق، وكما سنكون في المستقبل". من نافلة القول إن العلاقة بين البلدين علاقة ذات أبعاد استراتيجية، توثقت بروابط الدم والمصير المشترك. والمملكة اليوم رأت من واجبها خلال هذه الحرب التي غيرت في التركيبة السكانية والاجتماعية، وكونت تجمعات سكانية جديدة نتيجة نزوح أكثر من أربعة ملايين نازح من مناطق سيطرة الحوثي إلى مناطق الحكومة اليمنية، وما يترتب على ذلك من حاجة إلى توفير الخدمات الضرورية من التعليم والصحة والكهرباء والماء أن تمد يد المساعدة لهذا الشعب المغلوب على أمره بسبب إرهاب نظام الملالي في طهران وأحلامهم الزائفة. خلال هذه الساعات أعلنت الحكومة اليمنية عن عزمها المضي في تنفيذ الإصلاحات ومكافحة الفساد وتجاوز الاختلالات القائمة، وتغيير قيادة البنك المركزي وتكليف فريق لمراجعة أعماله خلال الفترة السابقة معولة على دعم المملكة والمانحين في دول مجلس التعاون الخليجي والمانحين الدوليين، لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتخفيف معاناة الشعب اليمني ذلك أن الاستمرار في خطوات الإصلاح الاقتصادي سيساهم ولا شك في زيادة الدعم الاقتصادي من المملكة والمجتمع الدولي. واليوم تعلن المملكة وعلى لسان المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن السفير محمد آل جابر عن وجود خطة استراتيجية بالتعاون مع الحكومة اليمنية لدعم اقتصاد اليمن عبر ودائع البنك المركزي والمشتقات النفطية، بالإضافة إلى مبادرات ومشروعات مختلفة تستهدف سبعة قطاعات "الصحة والتعليم والنقل والمياه والكهرباء والثروة السمكية والزراعة"، والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص بالشراكة مع المنظمات الدولية. وقبل هذه الخطة أعلن بداية هذا الشهر عن تدشين أكبر حملة إنسانية لإغاثة الشعب اليمني، في محاولة للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي تعصف باليمن. ولا ينسى الشعب اليمني خلال هذا العام الحملة التي جاءت بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده -حفظهما الله-، التي تعد من أكبر الحملات التي يسيرها مركز الملك سلمان لضمان الأمن الغذائي للشعب اليمني، وتضم دفعتها الأولى 154 حافلة تزن كل حافلة منها أكثر من 20 طناً من السلال الغذائية وتبلغ تكلفتها ما يزيد على 30 مليون دولار أميركي. وتأتي في سياق دعم سعودي متواصل ومتعدد، حيث بلغ عدد البرامج والمشروعات التي يمولها المركز في اليمن أكثر من 644 مشروعاً، بتكلفة تتجاوز أربعة مليارات دولار أميركي، فيما يبلغ إجمالي المساعدات الإنسانية والإغاثية التي قدمتها المملكة لليمن أكثر من 19 مليار دولار خلال السنوات الست الماضية كما قرأنا جميعاً في البيانات الصادرة عن المركز خلال هذا الشهر. يجمع المراقبون على أن تنظيم المساعدات في بلد في حالة اليمن أمر في غاية الصعوبة ومع ذلك فقد نجحت المملكة في هذا الأمر من جميع جوانبه واستطاعت وعلى سبيل المثال القضاء على التحديات التي تتمثل في زراعة الميليشيات مئات الآلاف من الألغام المضادة للأفراد في الأماكن المكتظة بالسكان ومداخل المدن ومخارجها والقرى والمزارع، حيث بادرت المملكة ممثلة في مركز الملك سلمان للإغاثة بإنشاء عدد من البرامج لمواجهة هذا التحدي، ومنها البرنامج السعودي لنزع الألغام (مسام) الذي نجح حتى الآن في انتزاع (232.257 ألف لغم من الأراضي اليمنية)، ومشروعات مراكز الأطراف الصناعية، إضافةً إلى برنامج إعادة تأهيل الأطفال الذين جنّدتهم الميليشيا وزجّت بهم في الصراع. مما يؤكد أن المملكة ملتزمة بأداء دورها الإنساني في التخفيف من معاناة الشعب اليمني وتقديم المساعدات الإغاثية والعلاجية العاجلة للمتضررين والمصابين، من خلال خطط الاستجابة (2018-2019-2020-2021). الشعب اليمني لن ينسى أن المملكة قدمت المساعدة الإغاثية والإنسانية لجميع أبناء الشعب اليمني من دون تمييز في كافة المجالات الصحية والبيئية والتنموية، ومن أمثلة ذلك دعم مستشفى السلام السعودي بصعدة، والمستشفى السعودي في حجة. والآن يقيم في المملكة ملايين اليمنيين حيث أقرت المملكة معاملة اليمنيين الموجودين فيها كزائرين، ويسّرت تصحيح أوضاع اليمنيين، وسمحت لهم بالعمل، للمساهمة في دعم الاقتصاد اليمني عبر الحوالات البنكية. في خلاصة لهذا العام 2021 فيما يخص دعم المملكة لشقيقها اليمن فقد ظلت المملكة على دعمها المستمر للاقتصاد اليمني في ظل المنعطفات الصعبة التي مرت وتمر بها اليمن، حتى يتمكن اليمن من تجاوز هذه الظروف التي أدخله فيها الانقلاب الحوثي، ذلك أن المملكة تنظر لليمن على أنه العمق الاستراتيجي للأمة العربية، وأنه أساس وأصل العرب. ولن يستطيع العدو الإيراني سلخ اليمن عن محيطه العربي.