نجحت المملكة العربية السعودية في إبقاء اليمن تحت دائرة الاهتمام الدولي والدعم الإنساني من خلال حشد الجهات الدولية المانحة وتنظيم مؤتمر المانحين، الثلاثاء الماضي، والذي خرج بتعهدات وتبرعات مالية بلغت أكثر من 1.35 مليار دولار لدعم الاستجابة الإنسانية في اليمن 2020 رغم انشغال العالم بمواجهة جائحة كورونا. وشكل اجتماع المانحين الدوليين الذي نظمته المملكة بالتعاون مع الأممالمتحدة، الثلاثاء الماضي، واحدة من ثمار ونتائج الدبلوماسية الإنسانية للمملكة التي أثبتت أن العمل الإنساني ركيزة أساسية من ركائز ومعالم سياستها الخارجية من خلال تكريس جزء من أنشطتها وجهودها داخل المؤسسات والأروقة الدولية لحشد الدعم الإنساني والإغاثي للشعب اليمني. وجسَّد نجاح المملكة في تنظيم اجتماع المانحين التكامل بين العمل الدبلوماسي والعمل الإنساني والإغاثي في أنصع صور "الدبلوماسية الإنسانية" التي أصبحت تشكل بصمة سعودية خاصة. ولم تقتصر الجهود الإنسانية للمملكة على تنفيذ المشروعات الإنسانية والإغاثية، والبرامج التنموية المباشرة، سواء عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أو البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، ومشروع "مسام" المخصص لتطهير الأراضي اليمنية من ألغام ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران. بل بذلت المملكة جزءا من أنشطتها الدبلوماسية لحشد الدعم الدولي والجهات المانحة من أجل نجاح خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن 2020 والحصول على المزيد من التعهدات والتبرعات للمساهمة في إنقاذ اليمنيين والتخفيف من معاناتهم الإنسانية وتدهور الأوضاع المعيشية جراء الحرب الانقلابية التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية بدعم من النظام الإيراني. وفي الوقت الذي عبر اليمنيون عن تقديرهم وشكرهم للمملكة ودورها في تنظيم مؤتمر المانحين وحشد نحو 1.35 مليار دولار لدعم الوضع الإنساني في اليمن ضمن خطة الاستجابة الإنسانية 2020، فقد عبّروا كذلك عن مخاوفهم من استمرار فشل الأممالمتحدة في حل مشكلة العبث بأموال المساعدات من قبل المنظمات والوكالات الدولية التي تورطت في الفساد وإهدار الأموال المخصصة للمحتاجين وتخصيص نحو 40 % من أموال المساعدات الإنسانية كنفقات تشغيلية، فضلا عن تورط بعض الوكالات في الصمت أو التغطية على ذهاب الجزء الأكبر من المساعدات والمعونات الدولية إلى الميليشيات الحوثية. وتتركز مخاوف اليمنيين حول غياب الشفافية في عمل المنظمات والوكالات الأممية والدولية المعنية بتوزيع المساعدات الإنسانية، ناهيك عن عشرات الشكاوى والتقارير الحكومية والحقوقية بشأن عرقلة وصول المساعدات لمستحقيها، وذهابها بدلا من ذلك للميليشيات الحوثية التي تواصل السطو على المعونات ورفض رفع القيود المعرقلة للجهود الإنسانية، على الرغم أنها المسؤولة عن إشعال الحرب الانقلابية وإغراق اليمنيين في الكارثة الإنسانية خدمة للأجندة الإيرانية، غير آبهة بتداعيات ذلك على الشعب اليمني. ويقول الناشط اليمني، إبراهيم محمد: "المملكة حرصت دائما على دعم الشعب اليمني، وبذلت جهودا سياسية وإنسانية لرفع المعاناة عنه، وشكلت أكبر داعم ومانح في مؤتمرات الاستجابة الإنسانية خلال الخمسة الأعوام الماضية". مضيفاً: في حين تقدم المملكة مليارات الدولارات للشعب اليمني وتسلمها للوكالات الدولية باعتبارها جهات منفذة ومكلفة بإيصال وتوزيع المساعدات، لكننا لا نلاحظ ولا نرى أثرا لتلك المليارات على أرض الواقع، بينما تحّولت بعض المنظمات إلى ثقب أسود يلتهم أموال المعونات والمساعدات وتتقاسمها مع ميليشيا الحوثي، مقابل تبادل في الخدمات والمنافع، وتحقيق ثراء فاحش وغير مشروع، مما أدى إلى إطالة أمد الحرب. وكان منسق الإغاثة الإنسانية التابع للأمم المتحدة لوكوك، قد أكد في وقت سابق خلال جلسة لمجلس الأمن، أن الحوثيين المدعومين إيرانياً رفضوا الموافقة على المشروعات من قبل وكالات الإغاثة المستقلة أو المنظمات غير الحكومية. وأشار إلى أن "تدخل الحوثيين أدى إلى تقويض قدرة الأممالمتحدة على تقييم الاحتياجات الإنسانية الكاملة في اليمن أو مراقبة ما إذا كانت المساعدات تصل إلى أشد المحتاجين إليها أم لا". وجددت الحكومة اليمنية مطالبة الدول المانحة من أجل إيجاد آليات أكثر فعالية في توزيع المساعدات الإنسانية بما يضمن وصولها للمحتاجين، وتشكيل رقابة للإشراف على العمليات الإنسانية ومطالبة المنظمات والوكالات الأممية والدولية بالاستفادة من المبالغ والمنح المالية المقدمة من المانحين الدوليين. ودعت الحكومة اليمنية في بيان للجنة العليا للإغاثة المجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط حقيقية وفاعلة على ميليشيات الحوثي الإرهابية لوقف تدخلاتها في العملية الإنسانية والسماح للمنظمات والوكالات الأممية والدولية بتنفيذ برامجها ومشروعاتها الإنسانية وعدم التعرض لها.