أحد أهم تحديات العمل في وكالات الدعاية ومعارض الفنون أن تسلّق قمة النجاح يستلزم الوقوع المتفاوت في سلسلة من الهفوات والكثير من الأخطاء. يرى الفنان الهولندي والمدير الإبداعي لوكالة الدعاية الشهيرة التي تحمل اسمه "إريك كيسيلز" أن "الفشل جزء أساسي من العملية الإبداعية"، و"أن إعادة النظر في مفهوم الفشل يؤدي إلى ابتكار شيء نوعي!".. هذه الفلسفة المتصالحة مع الذات قادته ليس فقط لإدارة الحملات الدعائية لأشهر العملات التجارية في العالم مثل "نايك" و"ديزل" وغيرها؛ بل حصد النجاحات المهنيّة والجوائز الرفعية. في كتابه الرشيق: "أهلا بالفشل.. حوّل أخطاءك إلى أفكار مفيدة" يرى مبدع الحملات الجذابة أننا نعيش في عصر يسعى فيه الجميع إلى تحقيق الكمال، مما أدى بنا إلى الخشية من الوقوع في أي درجة من الفشل! بينما نحن جميعاً لا بد وسبق أن اختبرنا الفشل مرات عديدة، أو كما يقول: "قد لا يكون بالضرورة فشلاً مريعًا، لكن المؤكّد أننا، بطريقة ما، قد فشلنا مرّة على الأقل". نعم الفشل مزعج وكريه، سواء أكان إخفاقًا طفيفًا أم كارثة مأساوية، لكن ماذا لو كانت الأخطاء التى أدّت إلى الفشل ليست إلا مؤشّرًا على تقدمنا نحو النجاح؟ يؤكد "كيسليز" أننا لا نعرف أي نوع من المشاريع المدهشة سينتج عن إعادة تفكيرنا فى مفهوم الفشل، وأنه مهما كانت النتائج، سوف تنتج - دون شك - مفاجأة لا نتوقعها، كما يحدث دوماً في بناء حملات الدعاية أو تطوير الأعمال، وهي ما يعرضه من تجربته الشخصية للتصوير الفتوغرافي في الكتاب، كونه مفتوناً بكل ما هو غريب وشاذ، مما يوقعه دوماً في شرك الفشل، لكن "الأصالة الحقيقية" التي لا يمكن التنبّؤ بها تستحق ذلك! يتمحور الكتاب حول ضرورة التحلي بالجرأة المطلوبة لإنجاز فشلٍ ما، ثم الاستفادة من الأخطاء والكبوات وتحويلها إلى مصدر إلهام ووسيلة نجاح بدلاً من الشعور التقليدي بالاكتئاب والندم لحدوثها. بل يزيد على ذلك برؤيته أن الأخطاء المؤدية للسقوط قد تكون مؤشراً إيجابياً لنجاحٍ باهراً في المستقبل! متى ما استغلت هذه العِبر بذكاء وإصرار، المهم ألا تؤدي إخفاقة الفشل إلى التوقف والتراجع. الرائع في استعراض تجربته أنك لا تقرأ فقط سلسلة تنظيريّة من المواعظ والقصص، بل تمتّع ناظريك بتكلم الصور الفتوغرافية التي التقطها المؤلف، ورافقت رحلته من الفشل حتى الإلهام والابتكار، وهو ما تستشعره من التأمل في ما وراء الصورة ومشهدها. من الطبيعي ألا يرحب أحدٌ ما بالفشل، ولكن كما يقول "كيسليز" في كتابه حينما تكون نتيجة السقوط هي النهوض؛ حينها يحق لنا أن نقول "أهلا بالفشل"!