من السهل علينا أن نتحدث عن أحلامنا المتحققة وكيف حققناها، لكن الصعب هو الحديث عن الأحلام والأهداف التي فشلنا في تحقيقها ولماذا فشلنا، فالحديث عن الفشل كثيرًا ما يكون أمرًا مؤلمًا نحاول دومًا تجنبه أو الهروب منه بإنكاره أو بمنحه مبررات شتى قد لا يمت بعضها للحقيقة بصلة. نحن بطبيعتنا كبشر نكره الفشل ونخشاه ونشعر بالخجل منه، وكل هذه الأحاسيس تحول بيننا وبين النظر إليه من زاوية أخرى أكثر إيجابية وواقعية وهي أنه جزء من الحياة وليس نهاية المطاف لها، وأنه لا نجاح بدون فشل، فتعثرك وسقوطك ليس فشلا ولكن رفضك للنهوض ومواصلة السير وعدم التعلم من أخطائك هو الفشل. فالفشل ليس نقيضًا للنجاح ولكنه جزء منه، وكمثال لذلك ذكرت دراسة قام بها عالم الأحياء الأمريكي George Schaller بأن نسبة نجاح محاولات الصيد التي يقوم بها النمر الهندي هي 5% فقط، كما أشارت دراسة أخرى أن تلك النسبة هي 17-19% للأسود في الغابة، في حين تبوء جميع محاولاتهم الأخرى بالفشل. حديثي اليوم عن الفشل يأتي استكمالا لمقال سابق لي بعنوان «لا تجعل شمعة أحلامك تخفت وتنطفىء»، لفت نظري رد أحد القراء الأفاضل عليه بالقول: «الأحلام في هذا الزمن تتحطم على صخرة الواقع، نحن نخطط ونضع الهدف المنشود ونجتهد لتحقيق هذا الهدف وبالنهاية سراب وفشل». هذا هو الإحساس الذي ينبغي علينا دومًا مقاومته والتغلب عليه، فاليأس والتوقف عن المحاولة هو العدو الحقيقي هنا وليس الفشل نفسه. السؤال هو لماذا نفشل؟ الأسباب مختلفة يعود بعضها إلى الشخص نفسه، والبعض الآخر لعوامل خارجية لا علاقة له بها. وأبرز أسباب الفشل الذاتي هو التردد وعدم اتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب، حيث يتوقع البعض أن النجاح والأخبار الجيدة ستأتي لهم دون أو بأقل مجهود من قبلهم. ومن أسباب الفشل الذاتي أيضا الخوف، سواء كان ذلك الخوف من الفشل نفسه أو من تبعات النجاح والمسؤوليات المترتبة عليه. ومن أكثر أسباب الفشل الخارجية التي سمعتها كثيرًا من طلابي في الجامعة وفوجئت بكثرة ترديدهم لها هو الواسطة والمحسوبية، وسبق لي كتابة مقال حول ذلك ذكرت فيه أن الواسطة والمحسوبية أشبه ما تكون بالسرطان الذي يعوق الإنجازات ويقتل النجاح والابداع ويؤدي الى انتشار اليأس والإحباط وعدم الثقة. خلاصة القول: إن الخطوة الأولى للنجاح في حياة مليئة بالعقبات والمعوقات هو تغيير مفهومنا عن الفشل وكيفية التعامل معه.. يقول الشاعر: لا يُدرِكُ المجدَ إلا سَيد فطِنٌ .. لِماَ يَشق على الساداتِ فَعَّالُ لولا المشقةُ سادَ الناسُ كُلَهم .. الجودُ يُفقِر والإقدامُ قَتَّالُ