بحلول نهاية العام، لا بد أن شركات عدة قد انتهت من عملية تقييم الأداء السنوي لفريقها التنفيذي وموظفيها، ولا بد أن هناك من يترقبون النتائج، يتهامسون خلال فترات الاستراحة، ويتسقطون الأخبار حول مواعيد صرف المكافأة السنوية. فئة من موظفي القطاع الخاص ضبطوا ميزانياتهم على دخلين: دخل شهري (ثابت) يذهب لتوفير المتطلبات الأساسية في الحياة، ودخل إضافي (متغير) يساعدهم على تحقيق الرفاهية، ويأتي من الحوافز التي تصرفها المنشأة القائمة على الربح. فالتحفيز بكل أشكاله يسهم في توجيه سلوك الأفراد للقيام بالأداء المطلوب، ومن ثم تحقيق النتائج المنشودة للكيان، أما إذا اختلت معادلاته، فإنه سيترتب على ذلك آثار معاكسة تدمر المعنويات. فمثلاً، نتفهم قيام شركة "رابحة" بتوزيع مكافآت من أصغر موظف إلى الرئيس التنفيذي، ونتفهم كذلك امتناع شركة "خاسرة" عن صرف المكافآت السنوية تقديراً لوضعها المتردي، لكن الذي لا نفهمه كيف تصرف شركة "خاسرة" مكافآت سخية للفريق التنفيذي وأعضاء مجلس الإدارة ولجانه وتحرم موظفيها من "البونص"! في عام 2020، قامت 15 شركة مساهمة عامة بصرف مكافآت مالية لكبار التنفيذيين، ومجالس الإدارات واللجان التابعة لها، بمبالغ مالية تجاوزت 115 مليون ريال عن العام المالي 2019، علماً أن هذه الشركات تعاني من خسائر مالية متراكمة، فهل سيتكرر الأمر مع هذه الشركات أو غيرها في العام الجديد؟ ومثلما أن هناك شركات "خاسرة" أغدقت بالعطايا على كبار التنفيذيين وأعضاء مجالس الإدارة، هناك شركات "رابحة" ساوت بين الموظف المميز وبين صاحب الأداء المتواضع عند صرف المكافآت. إذ بسبب ثغرات في سياسات أو إجراءات تقييم الأداء أو ضعف في معاييرها، تتم مساواة موظف اجتهد طوال العام مع موظف يبذل الحد الأدنى من الجهد، ثم يسارع قبل فترة التقييم محاولاً إظهار أفضل ما لديه، ألسنا نثبط الهمم عندما نعامل المميز على مدى 12 شهراً كما نعامل من يتظاهر بالتميز خلال شهر واحد؟ أن تفتقر الشركة إلى الحوافز أو المكافآت أهون بكثير من أن تتوفر فيها من دون آليات صرف أو توزيع واضحة وصحيحة تراعي أداءها المالي أو الأداء الحقيقي للموظف. لذا، نتمنى من الشركات مراجعة آليات تقييم الأداء السنوي ومعايير استحقاق صرف المكافآت السنوية لتحقيق العدالة داخل كياناتها وضمان عدم استئثار فئات بمكاسب دون الأخرى، بل نتمنى حتى على الشركات التي قررت تجميد صرف المكافآت السنوية بسبب التبعات الاقتصادية التي خلفتها الجائحة، أن تستغل هذا التوقف للمراجعة وتطوير آليات التقييم والصرف لتكون جاهزة تنظيمياً وإدارياً حالما تتوفر لديها القدرة المالية. موظفو الشركة سواء من هم على تماس مع العملاء أو كانوا في الإدارات المساندة شاركوا جميعاً في تحقيق الأرباح، وعانوا من "مرارة" العمل الشاق طوال العام، فمن حقهم أن يتذوقوا "حلاوة" الكيكة، وأن يجربوا شيئاً آخر غير الكلام المعسول وشهادات الشكر والتقدير! * مستشار في الموارد البشرية بندر الضبعان