بعد أكثر من خمس سنوات من إطلاق ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان رؤية 2030 لإنهاء اعتماد المملكة على الوقود الأحفوري، تغيرت نظرة الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة في كثير من أهدافها، وعندما كشفت المملكة عن الخطة في عام 2016، كانت تهدف إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر السنوي إلى 5.7 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، وأنها تريد 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر السنوي بحلول عام 2030. وقال الخبير الاقتصادي في كابيتال إيكونوميكس جيمس: "وللتوافق مع هدف الناتج المحلي الإجمالي، فإن هدف 100 مليار دولار يعني أن الاقتصاد يجب أن يتوسع بنسبة 150 ٪ ليصل إلى 1.75 تريليون دولار بحلول عام 2030، وهو المستوى الذي سيجعل المملكة العربية السعودية تاسع أكبر اقتصاد في العالم العام الماضي، بعد إيطاليا وقبلها، كندا وكوريا الجنوبية وروسيا، وتقول السلطات السعودية: إن الكثير من الخطة لا يزال في مراحلها الأولية، التي تتكون في معظمها من اللوائح والتخطيط، وستبدأ الأموال بشكل متزايد في التدفق على المملكة خلال السنوات القليلة المقبلة". من جهته قال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح: إن أرقام الاستثمار الأجنبي المباشر تتحسن بالفعل "ونصلح النظام ونعد الصفقات ونشرك الشركات، ويتم إعداد الكثير من معاملاتنا". وقال إنه في النصف الأول من عام 2021، باستثناء تأجير خطوط أنابيب النفط لشركة أرامكو السعودية، ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 33 ٪ عن لفترة نفسها في عام 2020 وكان بالفعل أعلى من المستهدف لهذا العام ككل. وفي مبادرة مستقبل الاستثمار في المملكة "دافوس الصحراء" تم التوقيع على عدة مذكرات تفاهم بإعلان استثمارات ضخمة من بينها إعلان شركة صناعة السيارات الكهربائية، التي تمتلك غالبية أموالها من قبل صندوق الاستثمار العام السيادي السعودي، ومقرها في وادي السيليكون، عن خطة لبناء مصنع في المملكة، وأطلقت السعودية بالفعل صندوقًا وطنيًا للبنية التحتية، ووصفته بأنه شراكة استراتيجية مع أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، بلاك روك. وقال مصرفي كبير في الخليج: "إن الثروة السعودية لا تزال جذابة لمديري الأصول الأجنبية، حيث أشاد عمالقة وول ستريت بالاقتصاد المحلي على خشبة المسرح ووقعوا صفقات مربحة. وقال متحدث باسم شركة بلاك روك إن لديها مهمة استشارية مع الصندوق، والتي سيتم تمويلها بالكامل من قبل صندوق التنمية الوطني، وهو هيئة حكومية، ومن ثم تهدف إلى جذب رأس المال من مستثمرين آخرين. وقال المتحدث: "من الممكن بالتأكيد أن تكون شركة بلاك روك من بين هؤلاء المزودين لرأس المال الخارجي". ترخيص 44 شركة عالمية وتمتلك المملكة قاعدة استهلاكية أكبر بكثير من جيرانها الإقليميين، وقد لا ترغب الشركات الدولية العاملة في الخليج في تفويت الفرص المربحة الناشئة عن خططها للتحول الاقتصادي، وأعلنت السعودية في منتدى الاستثمار أنها رخصت 44 شركة عالمية لإقامة مقار إقليمية في العاصمة الرياض، وقد دفع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 100 مليار دولار سنويًا هو جزء من خطة أكبر تتوخى أكثر من 3 تريليونات دولار في الاستثمار في الاقتصاد المحلي بحلول عام 2030. وتستهدف السعودية زيادة صافي الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق إلى البلاد بنسبة 1816 % خلال 10 أعوام من 2021 حتى 2030، أي مضاعفته بأكثر من 19 مرة. ويأتي ذلك مع إطلاق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، التي تستهدف زيادة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للمملكة إلى 388 مليار ريال (103.5 مليارات دولار) سنوياً بحلول 2030. وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر 20.2 مليار ريال (5.4 مليارات دولار) العام الماضي 2020، ووفقا لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية السعودية للاستثمار التي تتزامن مع إجراءات حكومية عدة اتخذتها الحكومة، ولا تزال، لتسهيل الاستثمار الأجنبي في السعودية، واستهداف ضخ 27 تريليون ريال داخل الاقتصاد حتى 2030، إضافة إلى قوة الاقتصاد السعودي كأكبر اقتصاد في المنطقة. ونجحت المملكة بجانب المشروعات الاقتصادية الضخمة التي تجذب الشركات الأجنبية لتفوز بحصة من هذه المشروعات، منها: "نيوم" و"البحر الأحمر" و"أمالا" و"القدية" وغيرها من المشروعات، إضافة إلى برنامج الشراكة مع القطاع الخاص "شريك" المتوقع أن يجذب مزيداً من الاستثمارات، وأشارت البيانات المحققة خلال الربع الثاني من العام الجاري إلى أن السعودية في طريقها فعلياً للهدف المرصود بحلول 2030، حيث جذبت استثمارات أجنبية مباشرة قياسية بنحو 51.9 مليار ريال (13.8 مليار دولار) خلال الربع الثاني 2021، مقابل 3.1 مليارات ريال (826 مليون دولار) خلال الفترة نفسها من العام الماضي، مرتفعة 1574 % وقيمة 48.8 مليار ريال (13 مليار دولار). ويعد صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى السعودية خلال الربع الثاني 2021، أعلى قيمة محققة على الإطلاق، وفق البيانات المتاحة. ويقارب الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق إلى السعودية خلال الربع الثاني من العام الجاري ما تم جذبه خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة "2018 و2019 و2020"، حيث بلغت قيمته 15.9 مليار ريال في 2018، و17.1 مليار ريال في 2019، و20.2 مليار ريال في 2020. كما يرتفع الاستثمار الأجنبي المتدفق إلى السعودية خلال الربع الثاني 2021 بنحو 589 % عن ثاني أكبر تدفقات ربعية تاريخياً، والبالغة 7.53 مليارات ريال في الربع الرابع 2016، ما يعكس حجم الارتفاع الهائل الذي حدث. وعززت العوائد المرتفعة للربع الثاني 2021، بعد أن ارتفع صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى السعودية خلال العام الماضي 2020 بنسبة 18.3 %، ليبلغ نحو 20.2 مليار ريال (5.4 مليارات دولار) مقابل 17.1 مليار ريال (4.6 مليارات دولار) في 2019. وتعد الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى السعودية خلال 2020 هي الأكبر في 4 أعوام (منذ 2016 عندما بلغت 27.95 مليار ريال) على الرغم من تفشي جائحة كورونا، التي أدت لتهاوي الاستثمارات الأجنبية المباشرة عالمياً. وتشير بيانات مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" إلى انخفاض حاد في التدفقات الإجمالية للاستثمارات الأجنبية المباشرة على مستوى العالم في 2020 بنسبة 42 %، مقارنة بمستويات 2019. ويأتي ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى السعودية في ظل تعويل رؤية المملكة 2030 على جذب استثمارات أجنبية ضخمة لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط كهدف رئيس للرؤية. واتخذت المملكة عديداً من الإجراءات لجذب الاستثمارات الأجنبية وتسهيل تدفقها للاقتصاد السعودي، ما جعلها تتقدم بشكل كبير في مؤشرات مناخ وبيئة وتنافسية الأعمال عالمياً. ومن بين تلك الخطوات، عزم السعودية إيقاف التعاقد مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي في المنطقة في غير المملكة اعتباراً من مطلع 2024، ويشمل ذلك الهيئات والمؤسسات والصناديق التابعة للحكومة أو أي من أجهزتها، ويأتي ذلك لضمان أن المنتجات والخدمات الرئيسة التي يتم شراؤها من قبل الأجهزة الحكومية المختلفة يتم تنفيذها على أرض المملكة وبمحتوى محلي مناسب.