يشهد العالم مؤخرًا، تطورًا كبيرًا في مجال التكنولوجيا، وخاصة تكنولوجيا المعلومات وأنظمتها والاتصالات وتطبيقاتها الحديثة والذكية، والتي أدت إلى ظهور مجتمع المعرفة وهو مجتمع مثقف متعلم، يُمكن من خلاله إنتاج المعرفة وإدارتها ونشرها والتشارك فيها واستخدامها واستثمارها. إن التحوّل من مجتمع تقليدي إلى مجتمع معرفي يتطلب إعداد مواطنين قادرين على البحث عن المعرفة وإنتاجها والتواصل الاجتماعي واستخدام الوسائط الإلكترونية والتطبيقات الذكية، وحل القضايا والمشكلات وتخطي ذلك إلى ابتكار معارف وفنون جديدة. هذه التغيرات المستجدة والمتلاحقة والسريعة في تقنية المعلومات ليست كمية فحسب بل هي نوعية أيضًا، وكان لهذه التغيرات أثر بالغ في جوانب المجتمع الإنساني ككل، حيث كان لهذا التغير دور في تحول المجتمع من مجتمع الزراعة والتجارة وقليل من الصناعة إلى مجتمع المعلومات والانتقال من العمل البدني إلى العمل العقلي ثم الأوتوماتيكي الروبوتي، والانتقال من إنتاج السلع والخدمات اليدوية إلى إنتاج المعلومات والفنون وتسويقها، وقد أدت التقنيات الحديثة في مجال المعلومات والصناعة عن بُعد عبر تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد والهندسة العكسية إلى تخفيض تكاليف الإنتاج والتنويع في تصاميم وأشكال وعدد المنتجات، كما اقتضت ظهور منتجات جديدة تماماً، فقد كان الإنسان يُصنّع ما يحتاجه وييسّر له معيشته وحياته، إلى أنه أصبحت تُصنّع الأشياء ثم تُخلق لهم الحاجة لها عبر ترويج المنتج بمهارة. من هنا، أصبحت تقنية وشبكة المعلومات تُشكّل تهديدًا بعيد المدى أمام المصانع والشركات، ونتج عن ذلك ما يعرف ب «حرب المعلومات» Information War، إذ اتجه الصراع للسيطرة على المعرفة في كل مكان بغرض غزو الأسواق واحتلال مكانة في حصة التجارة الدولية. وفي إتاحة التقنيات المعلوماتية والفنون والمنتجات الصناعية الحديثة فرص تساعد المنظمات على الاستمرار والوصول إلى أهدافها في حالة من التوازن، فهذه التقنيات والمنتجات الصناعية تمثل مجموعة كبيرة من الإجراءات التي تعتمد على المعلومات التي تساعد في اتخاذ القرار وتطوير المنتجات الوطنية. وتتطلب عملية تطوير نظم المعلومات اتباع طرق محددة من شأنها الإسهام في رفع قدرة نظم المعلومات على تلبية احتياجات المستفيدين من المعلومات من شركات ومصانع محلية، ونظراً لأهمية الإدارة في مجال تصميم المنتجات الصناعية ودورها الفعّال في معيشة المجتمع ورفع اقتصاده الفردي والوطني؛ تظهر الحاجة إلى تطوير نظم المعلومات الإدارية والصناعية والاستهلاكية وغيرها في مجال تصميم المنتجات الوطنية، ومن هنا لا بد من استخدام طرق حديثة في تطوير نظم معلوماتها وتنفيذها وبما يحقق الفائدة المرجوة منها في رؤيتنا الجديدة 2030 ورفع معدل المحتوى الوطني وجودته من أجل التنافسية، ولا سيما الاستفادة من تقنية المعلومات وتوظيفها في بناء أنظمة لحل المشكلات. ولقد أكدت بعض الدراسات على أهمية توظيف نظم المعلومات في مجال الصناعة في ضوء الاقتصاد المبني على المعرفة كبحث (محمد الحاج عبدالله، 2015) التي توصلت لوجود درجة عالية من الاستيعاب لطلاب التصميم الصناعي بكليات الفنون الجميلة والفنون التطبيقية للبرامج المحوسبة -حزمة برامج أدوبي مثلا- التي يمكن إضافتها إلى مناهجهم للمساعدة في عملية التصميم بالحاسوب والإنتاج في نفس الوقت بمساعدة برامج ذكية مصممة لإدماج عملية التصميم والإنتاج معًا، كما أظهرت نتائج البحوث أن استخدام الحاسوب في التعبير عن المشاعر وتصويرها وتصميم الأفكار المسطّحة والمجسّمة كان بسهولة، وهذه السهولة نتج عنها تصاميم منتجات متنوعة وجميلة وبديعة يمكن رؤيتها من جميع الزوايا وإمكانية التعديل فيها ببساطة قبل تصنيع نموذجها الأولي. كما أكد البحوث على أهمية توظيف تقنية المعلومات في تطوير نظم المعلومات الإدارية والصناعية والاستهلاكية، ولكن يندر من تناولت منها توظيف نظم المعلومات في مجال تصميم المنتجات الوطنية في ضوء اقتصاد المعرفة في المملكة العربية السعودية. دراسة وممارسة هذه الموضوعات الإبداعية الفنية يسهم فيما يلي: -التعرف على واقع استخدام نظم المعلومات في مجال التصميم الصناعي الوطني. -مساعدة المصممين الصناعيين السعوديين في معرفة كيفية توظيف نظم المعلومات. -تدريب مصممي المنتجات الصناعية في تطوير أساليب الإنتاج في ظل هذه الثورة المعلوماتية. -تساعد المصممين الصناعيين في تحسين عمليات التصميم والإنتاج والتغليف والتعليب والتسويق في ظل اقتصاد المعرفة. -تقديم مقترحات لرفع دور المعلوماتية والفنون والتصميم والعلوم والثقافة في إثراء المنتجات الصناعية في ضوء التنافسية الدولية. *أكاديمي وناقد تشكيلي التحوّل من مجتمع تقليدي إلى مجتمع معرفي ضرورة حتمية