في ظل التسارع المحموم بين الدول لكسب السبق والريادة في مشاريع استكشاف الفضاء الخارجي ومكوناته وإجراء البحوث وجمع المعلومات للاستفادة مما به من ثروات وآفاق علمية وصناعية واستثمارها في أغراض سلمية متنوعة للدفع بالعجلة التنموية والاقتصادية، حرصت كثير من الدول بداية إلى المبادرة باتخاذ خطوات تنظيمية وتشريعية تعنى برسم الأطر والسياسات القانونية والإجرائية اللازمة لتنظيم هذا القطاع محليا وبما ينسجم مع القوانين الدولية النافذة في هذ المجال، بغية تسجيل حضور لها ضمن دائرة الاهتمام العالمي المتزايد لاستكشاف القطاع الفضائي. استكشاف الفضاء وتنظيم أطر قطاعه ونشاطاته حظي باهتمام قيادتنا الرشيدة - رعاها الله - ولهذا استحدثت "الهيئة السعودية للفضاء" في العام (2018م) لتكون مظلة تنظيمية تعنى بخلق البيئة المناسبة للبرامج والمشاريع ذات العلاقة باستكشاف الفضاء الخارجي، وتتولى تنظيم هذا القطاع من خلال وضع التشريعات ورسم الأطر القانونية والسياسات اللازمة لحماية مصالح الوطن ومقومات أمنه الوطني، ومواءمة ذلك مع ما يعيشه الوطن من مرحلة تحول في القطاعات التجارية والاستثمارية وما تتطلبه من محفزات لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في رحلة الابتكار من أجل تنويع مصادر الاقتصاد ضمن إطار رؤية الوطن (2030) وبما يتناغم مع ما التزمت به المملكة من اتفاقيات ومعاهدات دولية. تنظيم قطاع الفضاء وأنشطته يعتبر حديثا نسبيا في المنطقة، ولهذا نتطلع إلى تسريع عجلة صدور "قانون الفضاء" بالشكل الذي يغطي كافة قضاياه وإشكالاته الراهنة والمستقبلة ويحاكي أفضل الممارسات العالمية الطموحة ويرسخ مكانة الوطن المرموقة ويعكس ما يعيشه الوطن من حراك متنوع وما تم خلال ذلك من صياغة للبنية التشريعية والتنظيمية لكافة القطاعات الحيوية والتي تمنح الثقة والتسهيلات لاستقطاب المشاريع الاستثمارية العالمية في هذا القطاع الواعد؛ بالإضافة إلى صياغة استراتيجية ترسم مسار وركائز هذه الرحلة وتعزز من تعظيم سبل الاستفادة من الاستخدامات السلمية والتنموية والاقتصادية للفضاء الخارجي، وبناء شراكات مع المؤسسات العالمية وعلاقات تعاون متينة مع المنظمات الدولية المعنية بقطاع الفضاء وتدعم قنوات البحث العلمي ومجالات الابتكار في العلوم والتقنية، وإعداد أجيال واعية تهتم بمكنون هذا القطاع وتترجم حرص القيادة الحكيمة برفع راية الوطن خفاقة في محافل أنشطة ومشاريع وبرامج قطاع الفضاء الخارجي.