أكد وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري أن العلاقات الاقتصادية بين الإماراتوالعراق شهدت نمواً متزايداً على مدى السنوات الماضية، مدفوعة بإرادة البلدين لتوطيد تعاونهما في القطاعات ذات الاهتمام المشترك. وقال في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال «المنتدى الإماراتيالعراقي للتجارة والاستثمار»، الذي نظمته في أبو ظبي «غرفة تجارة وصناعة أبو ظبي» بالتعاون مع وزارة الاقتصاد، إن «أرقام التبادل التجاري تعكس هذا المنحى الإيجابي، إذ سجل إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين عام 2016 معدلاً مرتفعاً نسبياً بلغ نحو 11 بليون دولار». وأضاف: «في ظل التحديات الجيوسياسية المعقدة والمتغيرات الاقتصادية التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية، ننظر إلى هذا المعدل على أنه مؤشر إيجابي يعبر عن حرص البلدين على بناء شراكة تجارية وثيقة ومستدامة». ولفت إلى أن «تنظيم هذا المنتدى يعكس الرغبة المتبادلة للارتقاء بعلاقات البلدين إلى مستويات أفضل»، مؤكداً أن «مسار التعاون الاقتصادي الثنائي مفتوح على إمكانات واسعة للتنمية والتكامل خلال المرحلة المقبلة». وشارك في المنتدى وزير الصناعة والمعادن العراقي محمد شياع السوداني، ورئيس «اتحاد غرف التجارة والصناعة» في الإمارات رئيس مجلس إدارة «غرفة تجارة وصناعة أبو ظبي» محمد ثاني مرشد الرميثي، ووكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة عبدالله آل صالح، وعدد من كبار المسؤولين وأكثر من 300 من رؤساء ومدراء الشركات والمؤسسات العاملة في الإماراتوالعراق. وأكد المنصوري أن «الإماراتوالعراق بلدان مصدران للنفط، ويمثل انخفاض وتقلب أسعار هذه السلعة الإستراتيجية أحد أكبر التحديات الاقتصادية التي واجهتها الدول المصدرة للنفط خلال السنوات الثلاث الماضية». وأضاف: «هذا التحدي يفرز العديد من القواسم المشتركة في السياسات والخطط التنموية لكل من الإماراتوالعراق في إطار مساعيهما لمواجهة الضغوط الناجمة عن ذلك الانخفاض، ما يفتح المجال واسعاً أمام تعزيز التعاون في القطاعات الحيوية التي تدعم مساعي البلدين لبناء اقتصاد متنوع ومستدام لا يعتمد على النفط كمصدر رئيس للدخل». وأكد أن «الإمارات كانت سبّاقة في تبني سياسات تنموية قوية واعتماد نموذج اقتصادي مرن ومستدام عبرت عنه محددات رؤية الإمارات 2021، ببناء اقتصاد تنافسي متنوع قائم على المعرفة والابتكار بقيادة كفاءات وطنية»، مشيراً إلى أن «الإمارات، وانطلاقاً من مرتكزات هذه الرؤية الطموحة، عملت على تنويع قاعدتها الاقتصادية، وحققت إنجازات مهمة في تنمية القطاعات غير النفطية، أبرزها الصناعة والسياحة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة». وأضاف المنصوري أن «الإمارات أطلقت استراتيجيتها الوطنية للابتكار، التي تهدف إلى جعل الإمارات في مصاف الدول الأكثر ابتكاراً في العالم بحلول عام 2021، عبر الاستثمار النوعي لتعزيز الابتكار في سبعة قطاعات رئيسة، هي الطاقة المتجددة والنقل، والصحة والتعليم والتكنولوجيا والمياه والفضاء، كما أنها قطعت أشواطاً كبيرة في تعزيز القطاعات التي تدعم مسيرة التنمية المستدامة لديها، ومن أبرزها البنية التحتية والتجارة والخدمات اللوجيستية والقطاع المالي والتطوير العقاري». وشدد على أن «هذه السياسة أثمرت رفع مساهمة القطاعات غير النفطية إلى نحو 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، والمساعي مستمرة لزيادة هذه النسبة إلى 80 في المئة بحلول عام 2021، تمهيداً لإرساء دعائم اقتصاد ما بعد النفط على أسس من النمو المستدام والإنتاجية العالية والقدرات التنافسية الكبيرة». وأكد أن «الإمارات تواصل جهودها لتعزيز مكانتها المرموقة كمركز إقليمي وعالمي جاذب للاستثمارات، مدفوعة بما تمتلكه من مقومات كثيرة وحوافز متميزة ساهمت في تهيئة بيئة استثمارية خصبة، ترفدها بنية تحتية حديثة ومتطورة، ومنظومة تشريعية داعمة النمو، وسياسات مالية وجمركية وضريبية حافزة لاستقطاب رؤوس الأموال، فضلاً عن الأطر التنظيمية والإدارية والإجرائية الميسرة للأنشطة التجارية والاستثمارية، ما مكَّن الدولة من تبوء المرتبة الأولى عربياً وال12 عالمياً ضمن قائمة الاقتصادات الواعدة للاستثمار بين عامي 2017 و2019، وفقاً للأونكتاد». ونجحت الإمارات في جذب استثمارات أجنبية مباشرة بلغت قيمتها 9 بلايين دولار عام 2016، بنمو وصل إلى 2.2 في المئة مقارنة بالعام السابق، ما يجعلها في صدارة الدول العربية لجهة حجم التدفقات الاستثمارية الواردة. وقال المنصوري: «ننظر إلى العراق باعتباره من الدول المؤثرة في مسار النمو الاقتصادي للمنطقة، ويمثل إحدى الوجهات الإقليمية المهمة للإمارات على صعيد التعاون التنموي، ومن هذا المنطلق، نتطلع إلى استكشاف الفرص التي تطرحها الأسواق العراقية التي بدأت تشهد مرحلة واضحة من التعافي واستعادة المقومات التنموية، ونحرص على تطوير مستوى التعاون الاستثماري، بما يساهم في إعادة بناء اقتصاد هذا البلد الشقيق ودفع مسيرة النهضة والتنمية في مختلف قطاعاته الحيوية». ودعا السوداني رجال الأعمال والشركات والمؤسسات الإماراتية إلى تعزيز استثماراتها ووجودها في الأسواق العراقية، مؤكداً «رغبة القيادة العراقية في الاستفادة من الخبرات الإماراتية المميزة في مجال التنمية الاقتصادية وتطوير القطاعات الحيوية والرئيسة ودعم عملية التنمية في المجالات كافة». وأكد الرميثي «اهتمام رجال الأعمال والشركات والمؤسسات العاملة في الإمارات بدخول أسواق العراق والاستثمار فيها»، موضحاً أن «هذا المنتدى يمثل فرصة مميزة للتعرف إلى الفرص المتاحة والإجراءات التي تحكم عملية الاستثمار وممارسة الأعمال التجارية والدور الذي من الممكن لشركاتنا ومؤسساتنا أن تلعبه في دعم عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة في العراق». وختم قائلاً: «شركات القطاع الخاص ومؤسساته في أبو ظبي مستعدة لتعزيز مساهمتها وتوفير حاجات الأسواق العراقية والمشاركة في تنفيذ مشاريع الإعمار وتطوير البنية التحتية وتسخير خبراتها لتحقيق أهداف الأشقاء العراقيين في التطور والتقدم والإنماء».