إحدى أهم المبادرات التي يُعمل عليها لتمهيد الطريق نحو تحقيق مستهدافات رؤية المملكة 2030 هي تأطير وتعزيز الصحة والسلامة المهنية، مما يساعد على استدامة المشاريع ورفع جاذبية بيئات العمل، والأهم تعزيز الإنتاجية ورفع مستوى الولاء الوظيفي. لذا تبنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية برنامجاً وطنياً للسلامة والصحة المهنية، ضمن برامجها للتحول الوطني، عبر بناء سياسة وطنية شاملة، ثم نظام وبرنامج وطني يُحسن التشريعات والأنظمة، ويوّعي بالثقافة الوقائية ويعزز المعرفة والموارد، ويحسن تطبيق الامتثال وتسجيل الحوادث والتحقق. خلال الأسبوع الماضي عقدت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المؤتمر السعودي الدولي للسلامة والصحة المهنية في الرياض، الذي جمع المهتمين والخبراء على مستوى العالم، وكانت فرصة لتداول الآراء ودراسة التجارب واستعراض ممكنات حماية وسلامة وصحة العاملين والحفاظ على الممتلكات. وتناول التوجهات الدولية الحديثة لتعزيز مفهوم السلامة والصحة المهنية داخل بيئة العمل، واستخدام أحدث التطبيقات والتقنيات في تطوير مستويات السلامة والصحة المهنية داخل بيئات العمل، والصحة المهنية والعوامل النفسية وأثرها في سلامة وصحة العاملين، ودور القطاع الخاص وتجاربه في تطوير أنظمة السلامة والصحة المهنية، وإدارة المخاطر من منظور السلامة في أماكن العمل. أتيحت لي فرصة حضور بعض الجلسات وبُهرت بالمستوى المتميز لخبرائنا السعوديين الذي قدِموا من جهات مختلفة، حكومية وخاصة، وعرضوا تجارب وطنية تستحق أن يستفاد منها وتستنسخ، وبالذات شبابنا المختصين في مجالات الصحة والسلامة المهنية، ناهيك عن توفير فرصة تجربة الحضور لأجهزة محاكاة السلامة والصحة المهنية. وكان لافتاً إعلان وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في كلمته عزم الوزارة على إطلاق منصة تنظيم السلامة والصحة المهنية في المنشآت الصغيرة؛ لتمكين المنشآت الصغيرة من تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية، بما يسهم في حمايتها من الخسائر الناتجة عن حوادث وإصابات العمل أو المخالفات والمطالبات القانونية المترتبة على ذلك، والبدء بأعمال مشروع تنظيم وتطوير تسجيل بلاغات حوادث العمل وإجراءات التحقيق، للمحافظة على الموارد البشرية والمادية والمدخرات. خرج المؤتمر بإحدى عشرة توصية، منها: توسعة الفحص الطبي الدوري ليكون إلزامياً لجميع عاملي سوق العمل، وإنشاء منصة وطنية يوثق أصحاب العمل فيها بيانات الإصابات والأمراض المهنية، التعريف ببرامج رفاهية العمل وأهميتها للقوى العاملة، وإنشاء جائزة عالمية للتميز في المجال، غير أن أهمها من وجة نظري هي توصية العمل على توسيع التصنيف المهني لمختصي السلامة والصحة المهنية، والأهم تنمية وتطوير القيادات الوطنية في المجال، حيث لا نزال في بداية المسيرة. السلامة والصحة المهنية ليست ترفاً يُجمل بيئة عمل المنشآت، بل ضرورة تفرضها أهمية الحفاظ على صحة وسلامة منتسبي المنشأة، مما يحميها من المطالبات القانوينة، والأهم من ذلك تعزيز جاذبية بيئة العمل، مما ينعكس على الاستقرار الوظيفي في المنشأة، وبالتالي رفع الإنتاجية وبالتأكيد الربحية!