في هذا الزمان بلغت التكنولوجيا وثورة الاتصالات والمعلومات بكل أشكالها وصورها مبلغاً هائلاً وكبيراً، وعجلة الزمان تمضي بشكل متسارع مستمر، وعلى عَجلٍ شديدٍ لا تقف عند حد معين، فكل يوم يلامس أسماعنا وأبصارنا شيء جديد من هذه التكنولوجيات الحديثة، بل أصبحت من ضرورات حياتنا اليومية. هذه الوسائل بفضل من الله قدمت لنا كثيراً من شتى الخدمات، فعلى سبيل المثال في مجال السفر والسياحة: كان السفر قديماً شاقاً وقطعة من عذاب ومخاطر متنوعة، يقطع المسافر فيه مسافات بعيدة قد تستمر إلى عدة أشهر، وقد يودع أهله مظنة ألا يعود إليهم، واليوم أصبح سهلاً وميسراً، وفي أمن -ولله الحمد-، وفي دقائق معدودة، وخذ في مجال الاتصالات وثورة المعلومات أيضاً: أصبحت الأخبار وأحداث العالم اليوم تبلغ الآفاق، وتنتشر بسرعة رهيبة وفي ثوانٍ لا تُذكر، وفي مجال عالم التجارة: كان التاجر قديماً يذهب ويسافر لغرض تجارته، والآن بضغطة زر أصبحت الأسواق المحلية والعالمية بين يديه (تقارب الأسواق)، وقس على ذلك الكثير والكثير الذي لا يتسع المقام هنا لذكره. هذه التقنيات والتكنولوجيا هي خير لمن يحسن استخدامها والعكس صحيح، لكن للأسف ومع كل هذه الوسائل بأنواعها إلا أن النفوس البشرية تبدلت وتباعدت وتنافرت وتحاسدت إلا ما رحم ربي، في حين أن أجدادنا الأقربون وفي زمن قريب لم تكن عندهم هذه التكنولوجيا وهذه الوسائل ومع ذلك رُزقوا نفوساً سعيدة ومطمئنة وبساطة وتعاوناً وإيثاراً ومحبة، فليست السعادة بكثرة الأشياء بقدر ما هي بنفوس وقلوب مطمئنة وسعيدة وقانعة في داخلها. خلاصة المقال، هناك شيء مهم وخطير ويجب علينا أن ننتبه له جميعاً يتمثل في قوله تعالى الحكيم الخبير: (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازيّنت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس، كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون). ولنأخذ من فيروس كورونا الدروس والعبر، الذي بسببه تعطّلت حركة دول العالم، وهذا فيروس حجمه صغير جداً، فكيف لو كان أكبر من ذلك؟ وكأنها رسالة ربانية لنا جميعاً تقول: أفِق من نومك.