يذهب عام ويأتي آخر.. والأيام عجلة تدور.. بل تركض مثل الإنسان الذي يلهث ولا يعلم إلى أين.. سيمضي به مصيره..! مع كل عام نجده يحمل آلاماً ومرارة.. مع كل عام يحل ونحن نودع عزيزاً ونستقبل آخر.. والعجلة تمضي بلا توقف..! عندما سئلت قبيل خمس سنوات... ماهي توقعاتك للأعوام المقبلة..؟ أجبت: ربما سيصل بنا الحال لاختراع سيارات تطير وتفوق سرعتها الخيال ويتلاشى ضحايا الارتطام والحوادث التي تستنزف منا الأرواح البشرية.. وربما نتوصل لحبة دواء نقضي بها على الأمراض وتكون بمثابة آخر اختراع أو إنجاز طبي.. يحدث..! ونتوصل لعلاج يقضي على كثير من الأدواء.. فلم يعد يشكو أي منا من أي مرض في هذا الكون..! وجنح بي الخيال وقلت: عندها سنهجر كوكب الأرض ونصعد إلى كوكب آخر نجد فيه حياة جديدة..! نرى فيه معيشة أخرى.. لأننا ثقبنا طبقة الأوزون واستنفذنا كل الطاقات التي تصلح لمعيشتنا..! والأكثر من هذا استهلكنا أشياء كثيرة على كوكب الأرض ونحلم بأن نجد كوكباً آخر يحتوي أحلامنا.. وآمالنا.. وطموحاتنا.. الكثيرة.. يومئذٍ نحيا حياة هادئة بعيداً عن الحروب والدمار.. حياة نشغلها بالسواعد والعمل.. ويحب كلٌّ منا الآخر.. ويعمل على مساعدته.. وتنتهي الأزمات التي نعاني منها..! ثم فكرت قليلاً واستطردت: لكن مهما اخترقنا الفضاء الفسيح.. وعبرنا الأنهار وقضينا على الأمراض وبرعنا في الاختراعات، تبقى حقيقة واحدة لابد أن نقر بها..! إنّ لهذا الكون منظماً ومسيراً له بدقة متناهية.. ومع مرور الوقت سوف تنتهي الحياة.. بأكملها.. شئنا.. أم أبينا.. حتى لو نسينا أنفسنا.. فلن ننسى المبدع المنظم لهذا الكون سبحانه.. وأن النهاية هي آخر مطاف يصل به كل حي..! عندها فقط سنعلن الحقيقة التي يحاول أن ينساها البعض، أن لكل أجل كتاباً وأن الفناء هو مصير كل كائن.. ومهما جنح بالإنسان الخيال، فأنه لا يكون في هذا الكون إلا خالقه وخالق كل شيء، قال تعالى: {حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.