{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (يونس:24) } . نحن جميعاً نعيش في هذه الحياة.. ولكن كثيراً منا لايدرك حقيقتها.. انها تبدو واضحة في هذا المثل الذي ضربه الله عز وجل.. وانها لكذلك، فيما تكاد تحلو وتبلغ النهاية في الجمال واللذة والسعادة، وينعم بها أهلها، ويغترون بها حتى تنقلب عليهم في لحظة واحدة ويتغير صفوها إلى كدر ولذتها إلى ألم.. ونضرتها إلى كدرة وندم.. ولكن لايدرك ذلك إلا الذين يفكرون ويتدبرون الأمور ويعرفون مبادئها وسيرها ونتائجها وأولئك قليلون. أيها الإخوة: إن هذه الأمثال التي يضربها الله عز وجل للمؤمنين.. تعني التنبيه للأمور وإدراك حقيقة الدنيا وليست تعني الزهد فيها وتركها.. أو القعود عن السعي فيها والنيل من خيراتها.. ولكنها تعني الأخذ منها والحذر من تقلباتها. وإذا أخذها المؤمن بهذه النظرة استفاد منها وأفاد.. ورضي عن نفسه وأرضى ربه. ونفع إخوانه المؤمنين. اللهم ارزقنا الفهم والعمل.. الحسنات والسيئات.. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: قال: إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك. فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله تبارك وتعالى عنده حسنة كاملة. وإن هم بها فعملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.. وان هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة. وان هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة.. اللهم لك الحمد أنت الكريم الجواد.. ونحن الضعفاء المحتاجون لكرمك وجودك.. وقد أعطيتنا من فضلك الشيء الكثير وفتحت أمامنا المجال للعمل.. فأعطيتنا الجزاء على النية.. وضاعفت لنا العمل القليل إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة غير محدودة، وتجاوزت عنا فيما نهم به من الذنوب والمعاصي وهوّنت عقوبتنا عليها ان نحن عملناها.. سبحانك اللهم إنك لم تدع لنا مجالا للعذر أو التعلل.. فاللهم اهدنا الطريق الأقوم وارض عنا إنك غفور رحيم..