كل شيء كان يبدو طبيعياً و هادئاً قبل الساعة العاشرة والخمسين دقيقة من مساء السبت حسب التوقيت المحلي لمدينة سينداي وماجاورها من مدن في تلك الجزيرة اليابانية المنكوبة كانت ربات المنازل يعددن لوجبة عشاء شهية من التمبورا والسوشي والكايسيكي في عشية عطلة نهاية الأسبوع التي يجتمع عليها عادة أفراد الأسرة بعد عناء أسبوع من العمل والكد لم يكن يدر بخلدهم بأنها ستكون وجبة العشاء الأخير وكان رب الأسرة يداعب بأنامله حاسوبه الشخصي المطور و هو يتابع حركة تداول الأسهم ويدلي بدلوه بها عله يخرج بصفقة رابحة تزيد في دخله لتحقيق الكثير من الرفاهية لأسرته. كانت الفتيات يتابعن خزعبلات الأبراج على المحطات الفضائية وما يخبؤه القدر لمستقبلهن الواعد و هن يحلمن بالفارس الذي يخطفهن على حصان أبيض ليرسمو معاً الحياة السعيدة المنشودة بينما كان الأطفال يتابعون بشغف المسلسلات اليابانية الكارتونية ناروتو ومعاركه مع الأشرار وفجأة حصل مالم يدر بخلد سكان هذه المدن المنكوبة زلزال عنيف بقوة تسع درجات يضرب هذه المناطق والمدن مع موجات تسونامي البالغة طول موجاتها عشرة أمتار جعل أبنيتها تتساقط كالمكعبات الهندسية وقطع الديمنو وقلبت السفن الراسية في بحرها رأساً على عقب وجرفتها السيول وحطمتها إلى قطع بالغة الدقة في حين عجزت كل وسائل التكنولوجيا وأساطينها في اليابان والعالم أجمع أن تتنبأ بهذه الكارثة قبل وقوعها كما عجزت عن فعل أي شيء يخفف من وقعها..يا لضعف بني البشر وكأن الأرض قد أعلنت غضبتها من ظلم بني البشر لبني البشر من سفكٍ للدماء وإهدار للكرامة وسلب للحقوق وإفسادٍ في الأرض فكانت أكثر حنواً على أبنائها وكأنها قطة تأكل أبنائها عندما تشعر بدنو الخطر منهم. أما آن لنا أن نتعض بهذه الكارثة وما قبلها من الكوارث فالعاقل من يتعض بغيره فكيف إذا وقعت مثل هذه الكارثة لا قدر الله و نحن نمارس معصية نجاهر بها أمام الملأ في سوء خاتمة والعياذ بالله و دعونا نتذكر قوله تعالى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ {97} أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ {98} أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ {99}. سورة الأعراف. ولعلي أتذكر على النقيض من ذلك صورة تقشعر لها الأبدان ذلك المنظر لعالم جليل في اندونيسيا كان من ضحايا بركان جبل ميرابي كان هذا الرجل في وضع السجود عندما انفجر البركان و قذف بمحتوياته على سكان المنطقة فكان من شهداء هذه الكارثة. فاللهم إن حفظتنا فأنت بنا راحم و إن عذبتنا فأنت بنا عادل نسألك يا الله اللطف عند وقوع القدر والصبر عند نزول القضاء والرحمة بعد القضاء وارزقنا جميعاً حسن الخاتمة يا أمان الخائفين وقفة قال الله عز وجل في سورة يونس في قوله (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).