الإعلان والدعاية المضللة والمزيفة تظهر من خلال التلاعب بالعقول، والتي تبدأ بالتلاعب بالوعي لدى الفرد، وتغيير هويته الثقافية وزيادة السلوك الاستهلاكي له، ولذلك تفتقد للموضوعية والمهنية وهي عنصر مدمر للمجتمع لأنها تبدأ بالكذب والتزوير والتضليل من أجل تحقيق أهدافها. وتعتبر الإعلانات المُضللة مؤشرًا خطيرًا في توجيه سلوك المراهقين بشكل خاص، فهم يميلون إلى تقليد من هم أكبر منهم سنًا، فضلًا عن ذلك يؤدي استخدام الشخصيات المعروفة في الإعلانات مثل مشاهير الغناء، والرياضة، والفن، لتصديق المستهلك للرسالة الإعلانية دون أن يُخضعها للاختبار، وهذا يُسمى ب"الإقناع الأخلاقي" كل إقناع يأتي من إنسان معروف، ويأتي هذا الإقناع بصرف النظر عن كون المنتج جيدًا أم لا، أو مناسبًا للجمهور من عدمه. هذا بالإضافة إلى التأثيرات الضارة صحيًا والتي تنتج عن كذب المعلومات المقدمة في الإعلانات الخاصة ببعض المنتجات ولقد شكّلت مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات القليلة الماضية ساحة لممارسة التسويق والدعاية والإعلان؛ نظرًا للجماهيرية التي تحظى بها تلك المنصات وكثافة استخدامها من مختلف فئات المجتمع، ومع ازدياد المنافسة وتطوير المنتجات أصبح للإعلان عبر تلك المنصات أهمية مضاعفة، حيث تحاول أي مؤسسة أو شركة الاستفادة منها بأقصى قدر ممكن، لكن الملاحظ أن منصات التواصل الاجتماعي باتت تكتظ بالإعلانات التجارية الخادعة والكاذبة، والتي تزود الأفراد بمعلومات مضللة حول المنتج أو الخدمة محل الإعلان، ما يحمل في طياته مخاطر عالية قد تلحق بالمستهلكين أضرارًا كبيرة مادية وجسدية تنعكس في مجملها بالسلب على المجتمع، لذا بات من الضروري المحافظة على استخدام منصات التواصل الاجتماعي في الإعلان من جهة، والسعي لتعزيز الالتزام بأخلاقيات الإعلان من جهة أخرى. ففي المقابل، أدى تنامي ظاهرة الخداع والتضليل الإعلاني إلى ظهور الحركات والتيارات المدافعة عن حقوق المستهلك، وأصبح الاتجاه نحو حماية المستهلك تعبيرًا عمليًا وتطبيقًا واقعيًا للمفهوم المعاصر لحقوق الإنسان، وشكّل دافعًا لاتخاذ إجراءات لازمة لحماية المستهلكين عن طريق تشريع القوانين التي تضمن حقوقهم، ووضع ضوابط للإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي. المعلن يستخدم منطقة اللاشعور واللاوعي للسيطرة على سلوك المستهلك استغلال الإعلان لمنطقة اللاوعي للسيطرة على السلوك الشرائي يلعب الإعلان دورًا حيويًا في الحياة اليومية، حيث يقوم بتعريف المستهلك بالمنتجات والخدمات الجديدة، إلا أن بعض المعلنين يمارسون الخداع والتضليل في إعلاناتهم بهدف تحقيق مكاسب مادية كبيرة دون أدنى اعتبار لمصلحة الجماهير، فالبعض يستخدم منطقة اللاشعور واللاوعي للسيطرة على سلوك المستهلك بشكل غير مرئي، والبعض الآخر يتمادى ويتجاوز كل الحدود في صياغة رسائله الإعلانية، عن طريق برمجة المستهلك بزرع معتقدات جديدة خاطئة تعمل لصالح المُعلنين. بالإضافة إلى أن الإعلانات الخادعة والمُضللة تعمل على التغيير السلبي لقيم المجتمع، وكذلك تغيير أنماط الحياة البشرية، فهي تقوم بفرض وتعظيم الأعباء الاستهلاكية، وإهدار الكثير من الأموال، وتصدع البنية المجتمعية، لما تسببه بعض الإعلانات في تقسيم فئات المجتمع إلى طبقات، كما أن بعض الإعلانات تقتحم الجو الأسري بلا استئذان معلنة عن منتجات وخدمات تتجاوز الذوق العام والحياء الاجتماعي، وبعض الإعلانات تقدم صورًا خيالية لواقع افتراضي غير موجود، فأصبح وعي وإدراك المستهلك يصاغ من قبل قلة من صناع الإعلام والإعلان. وفي هذا الإطار، يعرف الخداع الإعلاني على أنه أي محاولة لتقديم معلومات خاطئة أو إغفال حقيقة أو أي ممارسة يمكن أن تؤدي إلى تضليل المستهلك. ويعرف أيضًا على أنه تقديم بيانات خادعة أو خاطئة في الإعلان. ومن الأهمية بمكان التفرقة هنا بين الإعلان الكاذب والإعلان المُضلل، فالأول يتضمن بيانات كاذبة، أما الثاني فلا يتضمن بيانات كاذبة، ولكنه يُصاغ في عبارات من شأنها أن تؤدي إلى خداع المستهلك. أساليب الخداع في الإعلانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتنوع الأساليب والاستمالات التي يعتمد عليها مروجو الإعلانات المُضللة والخداعية عبر مواقع التواصل، ومن أبرزها استخدام صيغ المبالغة في الإعلان بشكل مخالف للواقع، مما يؤدي إلى توليد حالة من الانبهار لدى المستهلك تدفعه لتصور أن المنتج أو الخدمة ذات قيمة عالية على غير الحقيقة. إغراء المستهلك عن طريق السعر، ويتمثل ذلك في تقديم السلعة أو الخدمة بأسعار أقل من السعر المتعارف عليه في السوق. الترويج لقصص مُختلقة: ويتم هذا من خلال الحديث عن تجارب وهمية لاقتناء أشخاص للمنتج أو حصولهم على الخدمة، مع إظهار كيف كان لها تأثير عظيم في تسهيل حياتهم، ومن اللافت أن تلك الاستمالات تظهر بقوة في إعلانات المنتجات ذات الصلة بالمظهر والتجميل والتخسيس والصحة. الاستعانة بمشاهير على منصات التواصل في الإعلان عن المنتجات أو الخدمات، وهو ما يُضفي قدرًا من الثقة النابعة من ارتباط الجمهور بهؤلاء المشاهير والانسياق وراء المنتج دون النظر فعليًا في مميزاته وعيوبه وجدواه بالنسبة لاحتياجاتهم. التعتيم على البيانات الخاصة بالمنتج، ويتخذ مظهرين إما عدم عرض الإعلان للبيانات والمحتويات بشكل واضح، وإما تقديم البيانات في الإعلان بصورة ضمنية تقود الجمهور إلى استنتاجات خاطئة تُترجم في قرارات شرائية. تسليط الضوء على الفوائد فقط، وهنا لا يتم توضيح المعلومات المهمة التي تقترن بالمنتج أو الخدمة والتي تكون ذات أهمية بالغة للمستهلك، فعلى سبيل المثال يذكر الإعلان أن المستهلك سوف يحصل على فوائد عديدة من استخدامه للمنتج، بينما لا يذكر محاذير متعلقة باستخدامه من قبيل أنه قد يتسبب في بعض الآثار الجانبية إذا استُخدم مع نوع آخر من المنتجات. استخدام صور جاذبة بصرف النظر عن ملاءمتها للمنتج أو الخدمة، يعتبر أداة توظف في خداع المستهلك، فاللجوء إلى الصورة يكون بهدف تكوين العقلية البصرية لدى المستهلكين المستهدفين، كما أن استخدام الكلمات مع الصورة يؤدي دورًا كبيرًا في توضيح الفكرة، وعلى ماذكر مركز القرار للدراسات أن المستهلك يفكر بالصورة العقلية، وأن المستهلكين يحصلون على 80 % من معلوماتهم عن طريق ما يرونه، فالصورة تستخدم للنفاذ إلى العقل عن طريق البصر، والصورة بمدلولها الواسع تعتبر لغة عالمية. تجنب الرسائل العقلانية، والاعتماد على رسائل وقيم يتم تضمينها مفردات عاطفية من أجل تحقيق الإقناع العاطفي، فهي تركز على الاستمالات العاطفية التي تؤدي إلى إيجاد احتياجات وهمية زائفة. التأثيرات السلبية للإعانات الخادعة والمضللة تُعد التأثيرات الأخلاقية من أبرز التداعيات السلبية الناجمة عن الإعلانات الخادعة والمضللة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها إيقاظ الصراعات الطبقية في المجتمع، فبعض الإعلانات تخاطب طبقة الأثرياء، وتضغط على شريحة واسعة من الفقراء وذوي الدخل المحدود، بما ينمي الأنانية والكراهية والسخط، فضلًا عن تشجيع النزعة الاستهلاكية في المجتمع، والتي تلعب دورًا معوقًا في تطوير التربية الأسرية والتنشئة الاجتماعية السليمة، وهذا يؤدي إلى إحداث ضرر بالغ لطغيان النزعة الفردية. بالإضافة إلى ذلك تروج تلك الإعلانات المُضللة لاتجاهات وقيم وأنماط حياتية جديدة سلبية، وربما تكون دخيلة على المجتمع، من شأنها زيادة النمط الاستهلاكي، كما تعد تهديدًا للهوية الثقافية، خاصة عندما يتفنن الإعلان في تقديم قيم وسلوكيات أخلاقية منافية للمجتمع.. وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن التصدي للإعلانات المُضللة التي تنشر عبر منصات التواصل الاجتماعي يبدأ من الاهتمام بالجمهور وتثقيفه، فلا بد من العمل على توعية المستهلكين بمفهوم الخداع الإعلاني وعرض نماذج لممارسات إعلانية خادعة لزيادة قدرة المستهلكين على تمييز هذا النوع من الخداع، وتخصيص مساحة كافية في منصات التواصل الاجتماعي المختلفة لشن حملات التوعية والتثقيف للجمهور، بالإضافة إلى توعية المسوقين والمعلنين بأن الهدف الأساسي من عملية الدعاية والإعلان هو رضا المستهلك وضمان مصداقية السلع لديه، وأن الممارسات التسويقية والإعلانية الخادعة يترتب عليها تكوين انطباع خاطئ لدى المستهلك للمنتج المعلن عنه، وبالتالي يفقد شرعيته.