يشهد العالم حاليا تطورات متسارعة في ظل أزمة كورونا التي أرخت بظلالها القاتمة على عالمنا منذ نهاية عام 2019، وما زالت أحداثها وفصولها مستمرة حتى اليوم، والتي أثرت في مجملها على مشهدنا بشكل عام الاجتماعي منه والاقتصادي وحتى الإنساني. وخاصة حينما ساهمت الجائحة في فرض مزيد من الإجراءات والقيود وصلت إلى حد العزلة التامة، وهو أمر كان في غاية الصعوبة في تلك الأثناء قاد إلى وهن الشعور وهشاشة الوجود بالذات مع الناس الذين يعانون من صعوبة العودة إلى ذواتهم القديمة قبل مرحلة الإغلاق وفرض المزيد من القيود التي نتج عنها شعورهم بحالة من عدم اللا يقين بسبب تداعيات الأزمة، وعدم معرفة موعد نهايتها ورحيلها بعد أن أصبحت ضيفا ثقيلاً يصعب احتماله والتعايش معه في تلك الفترة، وبالذات مع ظهور ما يعرف بالملل أو الضجر، وما يصاحبه من انفعالات وضيق في الصدر والأخلاق أحيانا على الرغم من أن هناك فئة عريضة من البشر رأت في ذلك الحال تجربة إيجابية تصل إلى حد الفرصة الجيدة التي يتم من خلالها ضبط إيقاع الحياة المتسارع، وممارسة أنشطة مفضلة كالقراءة أو المشي أو مشاهدة السينما والمسرح، والاستماع إلى الموسيقى، أو على الأقل أخذ قسط من الراحة والاسترخاء طويل الأجل. وبغض النظر عن كيفية تعايشنا مع هذه المرحلة الاستثنائية، يبقى لكل فرد تصوره الذاتي وانطباعه ورؤيته التي يشاهدها من زاويته الخاصة، إلا أن الجميع يتفق في النهاية على صعوبتها وخلطها الأوراق التي غيرت بها روتين حياتنا وأنظمتنا المعتادة. فهل سيساهم هذا النمط غير المألوف حتى الآن في تغيير شخصياتنا للأبد، ووصول ذلك الأثر إلى العمق الذي لا يسمح بتجاوز الأزمة مع مرور الوقت بعد نهاية الجائحة وابتعادها عن عالمنا نهائيا أو أن شخصياتنا تغيرت بعض الشيء فقط؟ وإن حصل فعلاً، كيف سنتعامل مع ذواتنا المتغيرة ونتعاطى مع وضعنا وحالتنا الجديدة والمختلفة كلياً؟ جملة من التساؤلات الكثيرة والعميقة جدا التي جاءت بحجم الأثر والتحول وعلامات استفهام حائرة تبحث عن إجابات واضحة وصريحة، ربما تجيب عنها الأيام إن شاء الله.