مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    نهاية الطفرة الصينية !    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«جائحة كورونا».. تحول ثقافي واجتماعي أم أزمة عابرة؟!
نشر في الرياض يوم 24 - 04 - 2020

«العالم قبل كورونا غير العالم بعدها» مقولة أطلقها ساسة وتناقلها مفكرون وعلماء اجتماع حتى أصبحت حديث الناس قاطبة وهي بمثابة التنويه إلى تغيرات كبيرة لاحقة على كافة الصعد والمستويات، ولن تكون الثقافة في منأى عن تلك التغييرات التي لم تتحدد ملامحها بعد إلا أنها في طور التشكل والتكوين.. ولعل لقرار منع التجول الذي أطلقته حكومتنا الرشيدة لدرء المخاطر المترتبة على انتشار فايروس كورونا، جرت ضمن معطيات التغيير وأسبابه على الجانب الاجتماعي الذي هو رافد للهوية الثقافية والوطنية.. هذا التغيير أحدث اهتزازاً بنيوياً خلق تغييرًا اجتماعياً؛ وهي تغييرات لا يلحظها الإنسان العادي.
استطلعت الرياض آراء عدد من المختصين في هذه المحاور: كمختص وغير بعيد عن التبدلات الثقافية وأسبابها ومآلاتها..
كيف يمكن أن تقرأ هذا المشهد من ناحية سوسيولوجية وسوسيوثقافية؟ وإلى أي حد ترى المستقبل «قاتماً أو واعداً بالأجمل»؟
كما ودنا أن تقدم لنا وصفاً للملمح الاجتماعي الذي رافق أفراد المجتمع عبر ردود الأفعال والمواقف العفوية والقصدية؟
وكذلك الحالة التي تلبست سلوكيات البعض كما رأينا من مواقف ومشاهدات تتراوح بين الهزلي والسطحي والتافه؟
السلوك الإنساني
يقول أ.د. صالح بن محمد الخثلان- أستاذ العلوم السياسية ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى-: لاشك أن جائحة كورونا تعد أحد أبرز أحداث التاريخ المعاصر بالنظر إلى حجم آثارها على الحياة والعالم أجمع. وأبرز تأثيراتها انغلاق المجتمعات على نفسها، وتوقف معظم أوجه النشاط الاقتصادي وتداعياته، وآثارها على سلوك الأفراد بالتخلي عن عادات واستبدالها، حتى أصبح التباعد الاجتماعي مفهوماً جديداً يدخل في قاموس السلوك الإنساني. وعلى المستوى السياسي كما يقول الخثلان راجت تنبؤات بانعكاسات الجائحة على مستقبل العلاقات الدولية وبشَر البعض بميلاد نظام عالمي جديد تكون الغلبة فيه للصين معتبراً أن ذلك يبقى مجرد توقعات مدفوعة بمراقبة لأحداث آنية ومتغيرة، ما يجعل من الصعب أخذها على محمل الجد؛ خصوصاً أن التغير السياسي دولياً يعد أصعب القضايا التي يمكن التنبؤ بها. مؤكداً أن حادثة واحدة لا يمكن أن تغير في طبيعة العلاقات الدولية. التغير يقتضي تحولاً في موازين القوة، وهذا لا يحدث سوى من خلال حرب كما في الحربين العالميتين أو بحدوث تحول جذري في إحدى هذه القوى كما حدث في الاتحاد السوفييتي. ويكمل الخثلان: ولو نظرنا إلى النظام الدولي نجد أن توزيع القوة فيه شبه هرمي حيث تتصدر الولايات المتحدة ميزان القوة بحكم قدراتها العسكرية والاقتصادية والعلمية، وحضورها في كافة أقاليم العالم، في المقابل تحقق الصين قفزات اقتصادية كبيرة تقرِبها من قمة الهرم، إلا أنها لا تزال تفتقد لمقوم القوة الأيدلوجي القادر على منافسة النموذج الغربي. وزاد: طبيعة الحياة الإنسانية اليوم يعيق رواج النموذج الصيني، وبدون نموذج للحياة قابل للتصدير لا يمكن التحدث عن هيمنة صينية. الجائحة في تغيير طبيعة العلاقات نحو زيادة التعاون بين الدول وتقليل فرص الصراع؟ وهذا محتمل.
وأكمل: هناك فرصة لتحرك دولي مشترك لتقليل أضرار الفيروس، وهنا أرى أن أمام المملكة بحكم رئاستها لقمة العشرين فرصة تاريخية لإبراز دورها القيادي في دفع هذا التحرك، وقد بدأته بالفعل بعقد قمة افتراضية. ولعلي أقترح النظر في دعوة وزير الصحة لنظرائه في الدول العشرين لعقد اجتماع لبحث سبل مكافحة الفيروس، وكذلك مبادرة وزير الخارجية لدعوة نظرائه وبالمثل لوزراء المالية والاقتصاد. كما يمكن لمركز الملك سلمان للإغاثة الدعوة لاجتماع منظمات الإغاثة لتبادل الرأي وتخفيف آثار الجائحة على الفئات الاجتماعية الأضعف. هذه فرصة يجب عدم تفويتها لتأكيد مبدأ التضامن الذي ترتكز عليه السياسة الخارجية السعودية.
المصير البشري
ويرى د. عبدالسلام الوايل -أستاذ علم الاجتماع- أن أبرز التأثيرات تلك التي طالت مفاهيم الصحة والمرض. اندلاق العالم الاجتماعي على مفاهيم الصحة والمرض تراجع، وحل محله شعور بوحدة المصير البشري، داخل الجماعة أولاً ثم البشر جميعا ثانياً. ويضيف: جميعنا مهددون بالمرض بسبب مخلوق أصغر من أن يرى يمثل لنا «كلنا» تهديداً. ماذا سينتج عن ذلك؟ ما نتج عن ذلك هو تصاعد قوة الفهم «العقلاني» للعالم، السببية والبراهين والأرقام. بمعنى حضور أكبر للعلم في تشكيل الحقيقة في المجتمع. مصاديق ذلك هو أولاً، تبدل تفاعلات الناس في وسائل التواصل الاجتماعي (تويتر والواتس تحديداً) خلال تطورات الجائحة، حيث كان هناك حضور قوي للتفسيرات المؤامراتية للمرض لكنها أخذت في التراجع، أو التفاعل معها أخذ بالتراجع. بل وفي حالات تحول أصحابها لموضع سخرية العديد من الحسابات والرسائل. والسخرية هي أحد وسائل الضبط الاجتماعي لضبط السلوك. ثاني الشواهد على تصاعد دور النموذج العلمي في رؤية العالم هو التبدل الذي طرأ للتفاعل مع الحسابات التي تقدم معلومات مغلوطة عن المرض، بعض هذه الحسابات هي لممارسين صحيين في مؤسسات صحية عريقة. وتم التفاعل مع اطروحاتها المغلوطة بقوة في البداية. لكن مع فرض الفايروس نفسه على تفكير العالم وخطابه وتعمق المعرفة به وخصائصه وأساليب مكافحته، نلاحظ وجود تراجع للتفاعل مع هذه الحسابات وتدني في تداولها وتدويرها. بمعنى أن التفكير العلمي تزايد في مجالين، فهم العالم (تفسير منشأ الفايروس) ومقاربة مفاهيم الصحة والمرض.
الجانب العاطفي
وتضع الدكتورة علياء العمري -ناقده- الأوبئة والأمراض من سنن الحياة، وتقول: على مر التاريخ عانت المجتمعات الإنسانية منها وأحدثت تغييرات اجتماعية واقتصادية وثقافية، إلا أن ما لم يكن في الحسبان أن يعيش الإنسان في العالم أجمع حالة من القلق الاجتماعي في وقت واحد، تختلف المخاوف باختلاف طبيعة المجتمعات هناك مجتمعات يقلقها العواقب والآثار الاقتصادية وأخرى تخاف نفاذ السلع الغذائية متشكلاً دائرة من القلق الذي لا ينتهي وهو بالتأكيد له آثاره الاجتماعية والنفسية والعقلية فالمجتمع الحديث هو مجتمع المخاطر كما أشار عالم الاجتماع الألماني أولريش في التسعينات، فالتقدم والتطور محفوف بالكثير من المخاطر تكاد تكون بنفس درجة تأثير الحروب.
وأضافت: بالطبع هناك صدمة متزامنة مع انتشار الفيروس في العالم كله، ولكن بالتركيز على مجتمعنا نجدنا نتأثر من الناحية الاجتماعية والعاطفية، فتوقف الأنشطة الحياتية أمر صادم، فالحياة الأسرية المترابطة والقائمة على الاجتماعات أختفت في شكلها المعتاد وتمت إحالتها إلى وسائل التواصل عن بعد، لا سيما أن هناك آثاراً كبيرة على نمط الحياة الاجتماعية وبما أن الدراسات السوسيولوجية العلمية في الوقت الحالي غائبة لا أستطيع أن أجزم عن كونها ايجابية أم سلبية، ولكن من خلال الملاحظات العامة أعتقد أننا نتعامل مع هذه التغيرات بطرق متفاوتة، وتراه العمري أمر طبيعي مع التغيرات المفاجئة قد يتجه البعض لبث مواقف فكاهية أو ترفيهية عن الحجر المنزلي كنوع من التسلية وتمضية الوقت. لنا أن نتخيل لو كان هذا الوباء قبل الثورة المعلوماتية ووسائل التواصل الاجتماعي كيف ستكون حياتنا.
النزعة الفردانية
ويؤكد د. إبراهيم البعيّز -استاذ الاعلام سابقا- أن جائحة كورونا تمثل لحظة مهمة في التاريخ المعاصر، فهي لا تقل أهمية وتأثيراً من»الحربين العالميتين الأولى والثانية، والحادي عشر من سبتمبر» وكانت لها تداعياتها على العلاقات الدولية بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية. لكن نحن اليوم أمام قضية لم يقتصر الاهتمام بها على دوائر صنع القرار السياسي، بل أنها لامست مفاصل الحياة اليومية لكل سكان الأرض.
وقال: نحن أمام كارثة وقف العالم أمامها في ذهول لم يكن يظهر إلا في مشاهدة أفلام الخيال العلمي. هزت كثير من المسلمات في مؤشرات المقارنة لمستويات التنمية والتحضر بين دول العالم. وهناك شبه اتفاق بأن آثارها ستطال كل مناحي الحياة، والتداعيات الثقافية لن تكون مستبعدة. معتقداً أنه من السابق لأوانه الجزم بطبيعة تلك الأثار الثقافية المحتملة ومداها، معتقداً أن هناك جوانب ثقافية مؤهلة للتأثر بهذه الكارثة، وهي مسلمات الثقافة السياسية، والإرهاصات الأولية لذلك ظهرت في المقارنة بين التجربتين الكورية والدول الغربية. استطاعت حكومة كوريا الجنوبية أن تتجاوز إشكالية الخصوصية حين استخدمت تطبيقات على الهواتف الذكية بتتبع الحالات المصابة، مما ساهم في جعل التجربة الكورية نموذجاً عالمياً استعانت به الدول الأوروبية. هذا التطبيق التقني لم تستطع الدولة الغربية أن تتبناه لاعتبارات الخصوصية الفردية التي شكلت حاجزاً لا يمكن تجاوزه. فالحرية الفردية في الثقافة السياسية الغربية تأتي مقدمة على اعتبارات المصلحة العامة. متسائلاً عن إمكانية حدوث تغير في جانب للنزعة الفردانية من أجل مصلحة الجماعة، ومتوقعاً أنه ليس مستبعداً.
وكذلك مايتعلق بقيم العولمة ونظرية القرية الكونية، فبذوبان الحدود أصبحت إمكانية تسلل الأوبئة خطراً واقعياً، وهذا ينعكس على مسارات وإجراءات تحرك الأفراد ومن المؤكد أنه ستظهر متطلبات جديدة للسفر والتنقل، وسوف تأخذ الاعتبارات الأمنية نمطاً وبعداً جديداً في قائمة الرصد والتحري، وستقفز الاعتبارات الصحية وسلامة البيئة إلى أولويات الهواجس الأمنية.
العالم المتوحش
أما د.خالد عمر الرديعان -أستاذ اجتماع مشارك- فيقول: نحن نعيش في عالم منحرف وغير منضبط، عالم بعيد عن الأخلاق والمثل العليا، عالم يقتات على الخوف والأكاذيب، عالم خلا من القدوات التاريخية المؤثرة التي تغير مسار التاريخ وتصنع السلام في ربوع العالم. نحن نعيش في عالم متوحش ونهم يقوده الدولار واليورو بعد أن تقلص دور الدين والأخلاق بصورة مريعة وغير مسبوقة؛ فحتى القابض على «مسيحيته» في الغرب أصبح كالقابض على الجمر في ظل تناقص أعداد مرتادي الكنائس بل وبيعها في المزادات العلنية، أو تحويلها إلى مزارات سياحية كما يحدث في دول غرب أوروبا. مشدداً على أن عالم اليوم يسير من دون بوصلة، وبالتالي من الطبيعي أن تنتشر الأمراض والأوبئة، والحروب والصراعات طالما لم يتم عقلنة الرأسمالية وحقنها بجرعة كافية من الأخلاق والمثل العليا لكي تعود إلى جذورها الأولى التي وردت في جميع الأديان.
الزامل:
غيرت الصورة الذهنية
عن المملكة
النموذج السعودي
من جانبها أرجأت أ.د. الجوهرة بنت فهد الزامل -أستاذ الخدمة الاجتماعية- محاولة قراءة المجتمع الى بعد انتهاء الأزمة، نظراً لأن القراءة العلمية الصحيحة لا تأتي في مرحلة الصخب بل حين تستكين ثم تثبت، وترى أن التغيير سيشمل عمق المجتمع العالمي والمحلي بجميع عناصره ومكوناته.
وقالت: إن التغير الاقتصادي والسياسي لا يمكن أن يتم دون التغير على المستوى الاجتماعي فالأزمة تغير النمط العام للمجتمعات، وكذلك نظرة الإنسان كمواطن في هذا العالم تجاه الحياة.
مشيرة إلى عودة الأسر لممارسة أدوارها الطبيعية والتي تخلت عنها أو همشتها وتعظيم الأفراد قيمة الأسرة وأدوارها كخط دفاع ثاني بعد الدولة في الأزمات والكوارث، ومن بركات الأزمة على حد قول الزامل: إعادة تشكيل القدوات في المجتمع من العلماء والأطباء والأكاديميين والمثقفين وتراجع مشاهير السوشيال ميديا فارغي المحتوى وهشي الثقافة.
وعلى الصعيد المجتمعي المحلي أشارت إلى أن تبادل العمل الإنساني بين الشعب والقيادة بتطوع 70000 مواطن مع وزارة الصحة يدل على القيم الإيجابية وتعزيز الانتماء والامتنان للوطن، معتبرة المملكة وقدرتها الهائلة على العمل بخطوط متوازية متوازنة بجميع الاتجاهات المفصلية بما يتعلق بصحة الإنسان وحقوقه والاقتصاد، محل الفخر والاعتزاز متطلعة لجهود موازية من منظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص بشكل أمق لمساندة الدولة التي حملت على عاتقها كامل الأزمة.
وترى أن الأزمة أثرت إيجاباً على سوق التجارة الإلكترونية وسلباً على قطاعات السياحة والترفيه، شاكرة مواقف حكومتنا الرشيدة بضخ تعويضات للقطاع الخاص بنحو 9 مليارات ريال والتكفل بنحو 60 % من مرتبات العاملين فيه، وقرار تأجيل سداد رسوم الخدمات الحكومية المستحقة وإعادة جدولة القروض لموظفي القطاع الصحي وتمديد فترة الإقامات 3 أشهر للمقيمين بدون مقابل وقرار علاج مخالفي الإقامة مجاناً. مؤكدة أن ذلك ساهم في تغير الصورة الذهنية للمملكة عالمياً على نحو إيجابي حيث اتضح مدى احترام حقوق الإنسان بأعلى المعايير وقدرة النظام السياسي على الاحتواء للأزمة وهذا نموذح يحتذى وإنسانية تدرس.
الإيقاع السريع
وأوضحت د. اميرة كشغري -أستاذ اللسانيات وتحليل الخطاب- بأننا أمام مشهد ثقافي اجتماعي مغاير تماماً لما كنا نعيشه من قبل، قاطعة بوجود تغير في أنماط السلوك للأفراد والجماعات يتبعها تغييرات جذرية في حياة البشر. وقالت: قبل كورونا كادت سرعة الحياة العصرية أن تجعل منا مجرد تروس في طاحونة العصر الحديث. نمر بمحطات الحياة على عجل، نأكل على عجل، نعمل، نشاهد، نقرأ نكتب، نصلي، على عجل، بل ونلهث كي نلحق بجدول مواعيد يومنا. أما اليوم فقد تغير المشهد وفرضت علينا ظروف الحجر المنزلي إقامة جعلتنا نقف ونتأمل ونراجع.
وتكمل: في زمن كورونا أصبحنا نعيش سرديات ثقافية جديدة سواءً من خلال الكتابات والتأملات الجادة أو تلك القصص الهزلية الممجوجة، غير أني أرى أهمية كبرى لتغيرات قد تطبع السلوك والأنساق الثقافية والبنى الذهنية مستقبلاً.
في السلوك الاجتماعي، سيتغير بعض العادات مثل أسلوب التحية بشكل حميمي. وسنكون أكثر التزاماً بلبس الكمامات في الأماكن المزدحمة. وعلى المستوى الثقافي الفردي تجزم أن يصبح الناس أقرب لذواتهم وسيتعلمون بأنهم هم من يمنحون المعنى لحياتهم ويتعاطون مع محفزات الفرح الذاتية والبهجة النابعة من الداخل وليس تلك القادمة من الخارج.
لذلك وبرأيها ستقل قيمة الأشياء المادية لتبرز قيمة الذات والتعايش باطمئنان، والقدرة على التعبير عن المشاعر والانفعالات ومواجهة الضجر والحرمان. مشددة على أن أهم التحديات المستقبلية هي العدالة الإنسانية من دون النظر إلى العرق والعمر والانتماء الديني والأهمية الاجتماعية، الغني والفقير والصغير والكبير والرجل والمرأة، وهنا يبرز سؤال «القيمة»، قيمة الإنسان فقط. مختتمة: إن هذا الشعور واليقين بتفاهة العالم المادي في ظل الجايحة يجعلنا أكثر رضىً بما نمتلكه لا تحسراً على ما ينقصنا. إنه ميلاد جديد لإنسان جديد على كوكب الأرض.
الانتماء الثقافي
ويرصد د. دخيل الدخيل الله -أستاذ علم النفس الاجتماعي- التحولات الثقافية المحتملة ويرى الانتقال بينها تدرجي لا جذري، مثل تحول في المعارف والأفكار والقيم والأعراف على مستوى الأفراد والجماعات والمجتمعات والعودة لقيم الأصالة والانضباط والنأي عن قيم التحرر والفوضى. وبرأيه أن التغيير يطال مظاهر متعددة من سلوك الناس ويأخذ أبعاداً مختلفة منها: التغير في ثقافة الاستهلاك والحد منها ومتوقعاً أن يطال التغيير مظهر للاستهلاك في أوساط غير تقليدية كالتعليم فقال: الكثير من الطلاب وعائلاتهم تعودوا البحث عن أفضل المدارس والكليات، ويلجأون بسبب هذه العادة للابتعاث، وبزيادة الوعي بما يتميز به التعليم في بلادنا تجعل من الاستهلاك في مجال التعليم داخل الوطن أولى من الاستهلاك خارجه. وإدراك الأفراد والعائلات لقيمة الاقتصاد في الأكل والمشرب بما له علاقة بالعادات الصحية مثل خفة الوزن وصحة الجسد وتبني برامج لممارسة الرياضة والهوايات النافعة. وكذلك إدراك المجتمع لأهمية احترام القواعد والأنظمة وينسحب على احترام نظم اجتماعية أخرى كالأسرة والأمن والمرور، وبما أن العنصر الأوسع من الثقافة هي القيم فيرة انها تمثل مثاليات المجتمع وقد تشهد تحولاً عالمياً لتكون السيادة لقيم الخير والسلام على قيم الشرور والحروب.
ويدفع ذلك إلى أن تصبح قيم العدل والمساواة والولاء والانتماء «قيما محورية» وزيادة الوعي بإيجابيات الثقافة الوطنية سوف يدعم التصدي للثقافات المضادة، فما خبره المواطن من إيجابيات لثقافته الوطنية أسهم في تقدير وإعلاء تقاليد ثقافته الأصلية وهذا يخفف من وطأة تأثير «العولمة»، معتبراً للتقنية وما ترتب على البون الشاسع بين امتلاكها وبين فهم استخدامها آثار ملحوظة في حوادث السير وسوء الأدب في وسائط التواصل ومظاهر التبذير وهدر الطاقات، وهذا مالمسنا تغيراً جذرياً فيه.
واختتم قائلاً: آثار الإجراءات الاحترازية يعد رافداً للهوية الوطنية والتي يحصرها المشتغلون بدراستها في أبعاد منها: العقيدة، والتزام المواطن السعودي بها وإيمانه بالله جعله أكثر اتزانا، والارتباط حيث يشتد الولاء مع إدراك الفرد لدور الجماعة في حمايته كما هي الأسرة الواحدة.
البعيز: غيرت مفاهيم التحضر والتنمية
العمري: العاطفة الأسرية أكثر تأثراً
الرديعان: الرأسمالية طائشة وتحتاج عقلنه
كشغري: شهادة ميلاد لإنسان جديد
الوايل: وحدت شعور المصير المشترك
الدخيل: عززت الانتماء والثقافة الوطنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.