ودع النصر الدور نصف النهائي الآسيوي في مشهد مقارب ومشابه لوداعه نصف الدور ذاته في النسخة الماضية بأخطاء دفاعية قاتلة وسوء تحضير نفسي وفني، وما أحداث اللقاء في كلا الخروجين إلا خير دليل على ذلك، ففي الوداع الآسيوي الأول كان الخروج من أمام فريق ناقص العدد بأرضية الملعب، وفي وداع أمس لم تستطع الإدارة الصفراء ولا مدير الكرة والجهاز الفني تهيئة الفريق بالشكل الأنسب، فكانت البداية الصفراء داخل الملعب مرتبكة تسببت في أخطاء قاتلة لم يستغلها الهلال بالشكل الأمثل وإلا لانتهت المباراة من شوطها الأول، وحتى والفريق يدرك هدف التعادل مطلع الشوط الثاني بعد النقص العددي الذي تعرض له لم يشعر من تابع اللقاء بأن هناك تدخلاً إدارياً ولا فنياً بل استمر الشوط كسابقه، وهذه دلالة على ضعف الخبرة الإدارية المتمثلة في الجهاز الإداري الذي لا يوجد في أعضائه من يعرف التعامل مع مثل هذه المواجهات وخوض نزالاتها، وكذلك ضعف الخبرة لدى الجهاز الفني بمثل هذه التحولات والأحداث في هكذا أدوار إقصائية، ولا يلام في ذلك فلا الخبرة ولا القدرة الفنية بمثل هذه التحولات الفنية في هكذا لقاءات حاسمة وإقصائية تعتمد على جزئيات صغيرة تحسم بطولة وليس لقاء عبور للنهائي الآسيوي الحلم لكل نصراوي..! الضعف الإداري والفني في النصر كان جليًا، ولا يعني وصول الفريق لهذا الدور أنه كان الأقرب لانتزاع بطاقة العبور لنهائي القارة لأول مرة في تاريخه وتاريخ لاعبيه منذُ إقرار البطولة، فضلاً عن مقابلة فريق متمرس وخبير بمثل هذه المواجهات التي يعرفها وتعرفه جيدًا، بعد أن خاض نجومه خلال ستة مواسم (4) نهائيات كرقم كبير يدل على سيطرته وهيمنته على المشهد الآسيوي بشكل كبير، وكنتيجة طبيعية لعمل إداري وفني منظم ومخطط له مقرونًا بجودة أداء عالية من أبرز نجوم الفريق المحليين والأجانب، وهذا ما كان يفتقده النصر في مواجهة أمس والنسخة الماضية رغم اختلاف الأسماء وبعض الأدوات. تخطيط مسيري النصر لهذه البطولة والتي حولتها الظروف والجهود الكبيرة من الاتحاد السعودي لكرة القدم لبطولة سهلة المنال لمن أراد تحقيقها، فبعد استضافة لقاءات المجموعات على أراضي فرقنا وبين جماهيرها، تمت الخطوة الثانية وهي الأدوار الاقصائية بدءًا من الربع ثم النصف ثم النهائي للبطولة في مشهد يندر حدوثه، إلا أن التخطيط النصراوي البدائي لهذه البطولة اعتمد في المقام الأول على لغة المال فقط، فاختيارات اللاعبين الأجانب لم يدخل فيها الاحتياج الفني بقدر ما دخل التحدي لفرق أخرى، كان نتائجها خلال أدوار البطولة جلية، كذلك اختيار الجهاز الإداري كسابقه أيضًا، أما الجهاز الفني فتلك حكاية أخرى مكررة من سابقه البرازيلي "مانو" وإلا كيف لمدرب يدخل لقاء حاسماً باقحام لاعب قلب دفاع يلعب بقدمه اليمنى في مواجهة لاعب خبير ومتمكن كموسى ماريغا ولاعب الظهير الأساسي بجانبه على مقاعد الاحتياط! فضلاً عن الاحتفاظ بمهاجم خبير كأبي بكر بجانبه على حساب لاعب أثبت فشله للمرة الثانية في مثل هذه المواجهات الحاسمة كحمدالله، حتى عندما تم الزج به لم يلعب بمركزه المفضل والذي قد يحدث من خلاله الفارق! النصر خلال المرحلة المقبلة بحاجة للكثير من العمل إداريًا وفنيًا ليكون منافسًا قويًا على مثل هذه البطولات الكبيرة وعلى أرض الملعب وليس في الإعلام والصفقات فقط. فاصلة الخروج النصراوي المر والمتوقع كشف عن حالة الضعف الكبيرة لدى النصر إداريًا ممثلاً في إدارة النادي ومدير الكرة وجهازها الفني، ولولا تصرف البليهي بعد المباراة الذي أنقذ هذه الإدارة بطواقمها وسحب أنظار الجماهير وإعلام النادي وقنواته وبرامجه التلفزيونية عن هذه الكوارث، الذي أثبت بأن الفكر قبل المال، وأن بطولة آسيا واقعيًا على النصر صعبة قوية.