التأثير في الناس من أعظم الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، ولهذا كانت وظيفة الرسل الدعوة، وجاء القرآن الكريم بذكر فضلها ومكانتها فقال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ). ويوم الجمعة من أعظم أيام الأسبوع لما اختص به من فضائل وسنن وأعمال، ومن أهمها صلاة الجمعة التي يجتمع فيها المسلمون لأداء تلك الفريضة، ولمكانتها فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتولى خطبة الجمعة بالمسلمين، ثم تبعه بعد وفاته الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من الصحابة الكرام. يوجد تطور في أداء خطباء الجمعة، مما يجعلنا نقول هناك مواكبة للأحداث والموضوعات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتربوية، وهذا يعزز من مكانة خطبة الجمعة لاتصالها بواقع الناس، وشاهدنا ذلك في الأحداث الإرهابية والصحية والسياسية التي مرت به بلادنا على الوجه الخصوص، وبلدان العالم على الوجه العموم، ورأينا كفاءة الخطباء في تناولهم لتلك الموضوعات من حيث تأصيلها شرعيا ومناقشتها علميا مما يعكس قوة وسلامة التأسيس العلمي لخطبائنا مما تلقوه في جامعاتنا المحلية العريقة. إلا أن المأمول أكبر فيما يتعلق بالتأثير الاجتماعي، وحسن اختيار الخطبة الملائمة لجميع شرائح المجتمع، فهناك الكبير الذي يحتاج إلى موضوعات تلامس واقعه الصحي والاجتماعي والنفسي، والشاب الذي يواجه جملة من التحديات سواء كان طالبا أم موظفا عازبا أو متزوجا، والفتاة التي لها همومها وتحدياتها وحاجتها الماسة للتوجيه والتذكير. لذا نأمل أن نرى طرحا يناقش فيه الخطيب أهمية «الإرادة والعزيمة» في تحقيق النجاح، وخطبة يحفز فيها الشباب «استغلال المواهب» التي من شأنها تصنع مستقبلهم، وخطبة تبرز أهمية «الذكاء الاجتماعي» في الحصول على الوظائف والفرص في الحياة، وخطبة تتحدث عن «وضع الأهداف ورسم الخطط» وأثرها في تحقيق الذات للفرد، والقائمة تطول من حيث الموضوعات، المهم أن نرى خطبة الجمعة تهتم بالتنمية البشرية؛ فخطبة الجمعة من أجل الإنسان ومواكبة احتياجاته ومتطلباته. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يطرح من الموضوعات ما يحتاجه الناس، فاستقصاء لتلك الاحتياجات وتناولها بحيث تلبي احتياجات جميع شرائح المجتمع، أليس من بين الحضور من يحتاج معرفة «فضل القراءة»، في الحصول على الوعي، وهناك من يجهل «الذكاء العاطفي»، وأثره في نجاح الإنسان في علاقاته، ولدى البعض غموض في كيفية «إدارة أوقاته» بطريقة ناجحة. وخطبة الجمعة فرصة لإصلاح هذه الأخطاء باستعراض خطورتها، والإرشاد إلى الأساليب الصحيحة للتخلص منها وتلافيها كما أنها فرصة عظيمة وجود مختلف شرائح المجتمع أمام الخطيب في تلك اللحظات.