استحوذت الصادرات النفطية على حصة كبيرة من إجمالي الصادرات السعودية منذ عقود، وساهمت في دعم التنمية الاقتصادية الاجتماعية في المملكة، ولأن تنويع الصادرات أصبح واحدًا من أهم القضايا للاقتصادات المعتمدة على النفط مثل السعودية، فلقد أطلقت المملكة، في عام 2016م رؤيتها لعام 2030م التي تستهدف تنويع مصادر الاقتصاد. هدفت المملكة من خلال الرؤية إلى تنويع الصادرات غير النفطية وزيادة حصتها في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي من 16% في عام 2016م إلى 50% في عام 2030م، وهذه الصادرات تلعب دورًا حيويًا في النمو الاقتصادي المستدام وخلق الفرص الوظيفية الجديدة. وسيساهم تنويع الصادرات غير النفطية في التنمية الاقتصادية من خلال الحد من عدم استقرار عائدات التصدير، وتعرض الاقتصاد للتقلبات وحالات عدم اليقين في سوق النفط العالمية بالإضافة إلى زيادة فرص القطاع الخاص في خلق فرص وظيفية وجذب الاستثمارات الأجنبية التي تعزز من نمو الإنتاجية والكفاءة في الاقتصاد بأكمله من خلال عمليات نقل التكنولوجيا وآثارها الإيجابية غير المباشرة. ولاستكشاف الجوانب المختلفة لهذا التحول نشر مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) دراسة جديدة بعنوان "الصادرات السعودية غير النفطية قبل وبعد جائحة كوفيد-19: الآثار التاريخية للمحددات وتحليل السيناريو"، لاستكشاف محددات الصادرات غير النفطية في المملكة على المديين الطويل والقصير. وتهدف الدراسة إلى إثراء عملية صنع السياسات عن طريق تطوير إطار نمذجة للصادرات غير النفطية، والمساهمة في تقديم الرؤى والتوقعات حول هذا الشأن حتى عام 2030م. واستخدمت الدراسة نموذج كابسارك الاقتصادي القياسي المخصص للطاقة العالمية (KGEM)- والذي يعد أداة سياسية تقيم آثار القرارات الداخلية لصناع السياسات في السعودية، حيث يمكنه ايضاً تقييم التفاعلات بين الاقتصاد العالمي وبيئة الاقتصاد الكلي للطاقة في المملكة. وأوضحت الدراسة، حصة النفط في مجموع الناتج المحلي الإجمالي في المملكة انخفضت تدريجيًا من 65% في عام 1991م إلى 42% في عام 2019م، وفي المقابل زادت حصة النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص في مجموع الناتج المحلي الإجمالي من 20% في عام 1991م إلى 41% في 2019م. ووجد أن ما يعرف بمفهوم النمو القائم على التصدير ينطبق على السعودية. ويوضح هذا المفهوم المحددات الرئيسة لزيادة الصادرات السعودية غير النفطية، والتي تتضمن دخل الشركاء التجاريين والقدرة الإنتاجية المحلية للاقتصاد السعودي بالإضافة إلى سعر الصرف الفعلي الحقيقي الذي يعتبر مقياسًا للقدرة التنافسية. وكشفت المحاكاة التي أجراها النموذج حتى 2030 أن عناصر البنية التحتية مثل التمويل والتأمين وخدمات الأعمال الأخرى والنقل والاتصالات إلى جانب الزراعة والصناعات غير النفطية ستكون هامة لتحسين أداء الصادرات السعودية غير النفطية في العقد المقبل. وخلصت الدراسة إلى أن صانعي السياسات قد يرغبون في اعتبار أن القطاع غير النفطي الذي يشمل سلعا قابلة وغير قابلة للتداول، يساهم في تعزيز الصادرات غير النفطية. وعليهم ملاحظة أن التصنيع غير النفطي يعزز الصادرات غير النفطية أكثر مما تستطيع الزراعة.