نجحت خطط وسياسات حكومة المملكة العربية السعودية نحو تحقيق التحول الاقتصادي المنشود وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030 الرامية إلى تنويع الاقتصاد الوطني، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار في القطاعات الواعدة، بما ينعكس على زيادة فرص التوظيف، واستمرار رفع مستوى معيشة المواطنين، وهذا ما يفسر الأرقام الإيجابية المتحققة في نمو القطاع غير النفطي في المملكة لأعلى مستوى له منذ 7 سنوات، ويأتي ترجمة لاستراتيجية تقليل الاعتماد على النفط التي أعلن عنها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - يحفظه الله - في العام 2016، وهو ما يؤكد أن تلك التوجهات تم بناؤها وفق خطة عمل طموحة تهدف للتنويع الاقتصادي باستثمار الفرص في القطاعات الواعدة مثل السياحة والرياضة والترفيه والتعدين والخدمات اللوجستية. وتأتي قوة أرقام القطاع غير النفطي كدليل إضافي لنجاح خطط تحييد النفط جانباً عن اقتصاد المملكة، وتجسيداً لنجاح الاقتصاد السعودي في اجتياز الكثير من العقبات والتحديات التي واجهها العالم خلال هذا العام والذي قبله، ويؤكد متانة الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي أجرتها حكومة المملكة في ظل رؤية 2030 ودورها البارز في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل، وفي وقت، لعبت مبادرات تحفيز الاقتصاد ودعم القطاع الخاص دورًا بارزًا في سرعة استجابة الاقتصاد بعد موجات كورونا، ففي النصف الأول من عام 2021م سجل الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي نمواً قدره 5.4 % مدعوماً بنمو الناتج المحلي الحقيقي للقطاع الخاص الذي سجل نمواً قدره 7.5 %. كما تشير التوقعات إلى تسجيل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموًا بنسبة 2.6 % في عام 2021م مدفوعًا بنمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بمعدل 4.2 %. وكانت النتائج الأخيرة لمؤشر أي اتس اس ماركت لمديري المشتريات في السعودية والتوقعات بتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 2.6 % هذا العام و7.5 % في 2022، بعد انكماش 4.1 % العام الماضي بسبب أزمة كورونا وانخفاض قياسي في أسعار النفط، يبرهن على سلامة السياسات والإصلاحات الهيكلية والتوجيهات الحكومية السديدة لتسريع نمو فرص الأعمال داخل المملكة ودعم تحقيق رؤية 2030 وتحقيق النمو المستدام المرن والمتنوع لاقتصاد المملكة. فيما كان للاستثمارات التي ضخها صندوق الاستثمارات العامة في شرايين الاقتصاد السعودي خلال الفترة الماضية، وإطلاق المملكة برنامج شريك لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، أثر بالغ في نتائج النمو التي حققها الاقتصاد غير النفطي، وهو ما يعزز استمرار التقدم في تنفيذ برامج ومشاريع تحقيق الرؤية، وتطوير القطاعات الواعدة في الاقتصاد. ومن المتوقع استمرار نمو القطاع الخاص بوتيرة أعلى من السابق لقيادة النمو الاقتصادي وخلق الوظائف للمواطنين والمواطنات، حيث تواصل الحكومة تنفيذ خطط التحول الاقتصادي للمملكة وتعزيز دور القطاع الخاص من خلال زيادة مشاركة الصناديق في الإنفاق الرأسمالي كصندوق الاستثمارات العامة الذي يعد المحرك الفاعل لتنمية وتنويع الاقتصاد. ولفت نجاح الخطط السعودية في توجهها الأعظم للاقتصاد غير النفطي، أنظار العالم، وقالت وكالة رويترز: لقد أظهر مسح أن القطاع الخاص غير النفطي في السعودية نما في سبتمبر، وارتفعت الطلبيات الجديدة بأعلى معدل خلال سبع سنوات، بعد أن أدى تخفيف القيود المفروضة بسبب جائحة كوفيد - 19 على الأنشطة والسفر إلى دعم طلب المستهلكين. قفزات للطلبيات الجديدة وزادت الشركات إنتاجها بأعلى معدل منذ مايو وقفزت الطلبيات الجديدة فزاد مؤشرها الفرعي عشر نقاط على أساس شهري. وقال ديفيد أوين الاقتصادي في آي.إتش.إس ماركت: "بعد هبوط استمر شهرين متتاليين تظهر أحدث قراءة أن الانتعاش الاقتصادي قوي، وتخفيف قيود الجائحة سيطلق موجة جديدة من الطلب". وتتوقع السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 2.6 بالمئة هذا العام و7.5 بالمئة في 2022 بعد انكماش 4.1 بالمئة العام الماضي بسبب أزمة كورونا وانخفاض قياسي في أسعار النفط. فيما يمثل نمو القطاع الخاص جانباً أساسيًا من رؤية الأمير محمد بن سلمان 2030، وهي خطة تهدف إلى تحويل الاقتصاد وجعله أقل اعتماداً على النفط. ولكن على الرغم من ارتفاع الطلبيات الجديدة، ظل توافر فرص العمل محدوداً في سبتمبر. حيُث أفادت الشركات التي شملها المسح عن مستويات استيعاب كافية. وقال ديفيد أوين: "إن ضغوط الطلب وتزايد التفاؤل بشأن النشاط سيدفع المزيد من الشركات لتعيين موظفين خلال الربع الأخير من هذا العام". وتأكيد لأطروحة رويترز حول "نمو القطاع غير النفطي السعودي لأعلى مستوى خلال سبع سنوات"، استطلعت "الرياض" تقرير الأداء المالي والاقتصادي نصف السنوي للعام 2021م الذي أصدرته وزارة المالية، وتعتبره أحد عناصر سياسة الحكومة في تطوير منهجية إعداد الميزانية العامة للدولة ووضعها في إطار مالي واقتصادي شامل. وملخصه أن الإيرادات غير النفطية للمملكة تنافس مثيلاتها النفطية بل تجاوزتها إذ بلغ إجمالي الإيرادات الأخرى غير النفطية، حتى نهاية شهر يونيو من العام 2021م حوالي 290 مليار ريال بارتفاع نسبته 8.8 % مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، فيما سجلت الإيرادات النفطية حوالي 249 مليار ريال حتى نهاية شهر يونيو من العام الحالي بنسبة نمو 10.8 % مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق نتيجة التحسن الملحوظ في أسعار النفط للعام الحالي حيث بلغ متوسط أسعار نفط برنت حتى شهر يونيو من العام الحالي نحو 64.9 دولاراً للبرميل مقارنة بحوالي 40.20 دولاراً للبرميل خلال الفترة نفسها من العام السابق. ويكشف الملخص التنفيذي لتقرير المالية المذكور، عن نجاح اقتصاد المملكة خلال النصف الأول من هذا العام باستعادته مسار التعافي الصحيح وعودة بعض الأنشطة بمعدلات أعلى مقارنة بالنصف الثاني من العام الماضي، والذي بدوره انعكس بشكل إيجابي على الأداء المالي حيث انخفض عجز الميزانية مدعوماً بزيادة في الإيرادات النفطية وغير النفطية، ومع توقع استمرار التحسن في الأداء المالي والاقتصادي خلال النصف الثاني من هذا العام. بينما مازال الاقتصاد العالمي يواجه العديد من التحديات خلال النصف الأول من العام الحالي مع ظهور السلالات المتحورة، ما ترتب عليه تطبيق بعض الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية وإعادة النظر في بعض الإجراءات حيال استمرارها أو إيقافها، وقد أثبتت المملكة فعالية الدور الذي قامت به لتخفيف هذه الآثار من خال دعم ومساندة القطاع الخاص الذي بدوره ساعد على التعافي التدريجي للاقتصاد المحلي، مع الأخذ بالاعتبار التأثير الإيجابي المتراكم لسياسات ومبادرات التحفيز الاقتصادي التي طبقتها الحكومة منذ العام 2020م. لذلك لا عجب أن تظهر النتائج الفعلية للأداء خلال النصف الأول من العام المالي الحالي 2021م وجود مؤشرات تعافٍ جيدة، وبالنظر إلى أداء الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي الحقيقي فقد شهد نمواً إيجابياً في النصف الأول من عام 2021م بمعدل 5.4 % مدفوعا بارتفاع أداء القطاع الخاص الذي سجل نموا بمعدل 7.5 % ليعود إلى مستويات أعلى ما قبل الجائحة، وهو ما يعكس التحسن في الأنشطة الاقتصادية المختلفة بشكل عام وفي ضوء التطورات الاقتصادية فمن المتوقع استمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية لعام 2021م، حيث تشير التقديرات الأولية إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي الحقيقي بحوالي 4.2 %.