يقود نمو الإيرادات العامة المتراكم إلى تخفيف أعباء عجز الميزانية العامة وكذلك الديون عندما تقاس كنسبة من إجمالي الناتج المحلي، وهذا مرتبط بتحسن النمو الاقتصادي فكلما ارتفع إجمالي الناتج المحلي الحقيقي كلما انخفض العجز والمديونية في ظل سياسة مالية متوازنة. كما أن تحقيق فائض في الإيرادات على أساس ربعي يعطي تنبؤات عن مسار الإيرادات في المدة المتبقية من العام، وإذا ما استمرت هذه المؤشرات في أدائها الإيجابي فإن الفجوة بين النفقات والإيرادات ستتقلص في اتجاه التوازن المالي في 2023. إن منهجية الميزانية المتوازنة هو النهج الذي يحقق الانضباط المالي والاستقرار الاقتصادي عند معدلات النمو الاقتصادية المستهدفة وبمعدلات تضخم لا تؤدي إلى تآكل هذا النمو، مع العلم أنه ليس من السهل التوازن بين النفقات والإيرادات المتوقعة، لكن الأهم التخلص من الإنفاق الحكومي غير الحكيم ورفع كفاءته وترتيب الأوليات في اتجاه التوازن على المدى المتوسط، بحيث لا يترك ذلك أثراً سلبياً على الأداء الاقتصادي ولا يؤدي التوسع المستمر في السياسة المالية إلى رفع معدلات التضخم إلى درجة تزيد من المخاطر الاقتصادية مستقبلاً. فقد حقق الاقتصاد نمواً حقيقاً بنسبة 2.2 % في 2018م مقارنة بانكماشه في 2017 وساهم القطاع غير النفطي ب56.2 % في الناتج المحلي الإجمالي، وتراجع عجز الميزانية ب5.9 % من إجمالي الناتج المحلي في 2018، وبهذا استهلت ميزانية 2019 ربعها الأول بتحقيق فائض 27.8 مليار ريال وإيرادات غير نفطية 76.3 مليار ريال ومن المتوقع تراجع العجز ب3.7% في 2019م مقارنة بعام 2018م أو إلى 4 % من إجمالي الناتج المحلي، رغم ارتفاع الإنفاق التقديري ب 7.45 % في 2019م. كما توقعت وزارة المالية استمرار النمو الاقتصادي الحقيقي بمعدل 2.6 % في 2019 وعلى المدى المتوسط سيتجاوز النمو 2.7 % في 2020م إلى 2.8 % في 2023. إذا المملكة ستشهد نمواً اقتصادياً متنوعاً واستثمارات أجنبية مباشرة ومشاركة أكبر من القطاع الخاص في 2019م، مدعوماً بنمو الإيرادات النفطية مع تحسن أسعار النفط وأيضاً بنمو الإيرادات غير النفطية في ظل استمرار ارتفاع الطلب الكلي على السلع والخدمات، مما يزيد الثقة في الاقتصاد السعودي وفي مركزها الائتماني الذي صنفته "فتش وموديز" عند (A+) و(A1) أي بنظرة مالية مستقبلية مستقرة وقوية، فإن استمرار تحسن الإيرادات بوتيرة أسرع من الإنفاق في ظل التوسع المالي الحالي 1.1 تريليون ريال وفي السنوات القادمة، سيقلص عجز الميزانية وصولاً إلى نقطة التوازن في 2023 رغم استمرار ارتفاع الدين العام على المدى المتوسط لأهداف استثمارية ولكنه سيتقلص على المدى الطويل.