لا تسمح لشخص مريض القلب، مشوه الأخلاق، متوحش الطباع، أن يجعل منك صورة طبق الأصل عنه، كن أنت أنت كما عهدك الآخرون؛ جميل المنظر، وحسن المعشر، وحلو الكلام، لا تسمح له أن تكون وعاءً لأحقاده وكيده وغيرته، يتقيأ فيك كل ما يغلي به قلبه، وإن كنت قد ابتليت به فاسمع ولا تستمع، وحافظ على طهارة قلبك ونقاوة فكرك من لوثاته، وسموم معتقداته، وسوء تصوراته، قد يغرر بك باستعطافك وجرك لمستنقعه، لكن تفطن لذلك وانصرف عنه بالتشاغل، أو التبرير لمن طعن فيهم، وتحسين الظن بهم، عما رسمه من انطباع قبيح عنهم، لطالما لم ترَ بعينك دلالة بينة، فتنبه وتفطن، ولا تشاركه فَتَظْلِم مثله، وتذكر أن هذا النوع من البشر ضربت الأنانية أطناب قلبه الأسود، يعيش مشوش الفكر، مضطرب النفس، وفي صراع وصدام داخلي، ينظر للناس من برج عاجي، ولا يتصور أن يواجه أحدًا يقول له كيف، ولا، ولماذا؟، يعيش وهم المؤامرة، تهزه النصيحة، وتزلزله كل شخصية تدرك مدى خطورته، هذا النوع يصعب علاجه حتى من نفسه، فيستكثر بالمداهنين، ليستر بشاعة ملامحه، بالتظلم بلا ظلم ويا الله ما أسوأه من مخلوق. بُلَهاء قومٍ ظنوا أن الناس تحسدهم وهم عندنا في حضيض القاع وإن مروا بجانبنا من صغرهم لا نبصرهم.