ولدت وترعرعت في فرنسا لوالدين سعوديين حاولا جاهدين تعليمي العادات والتقاليد السعودية منذ صغري، ولكن في ذات الوقت كنت أتعرض للكثير من القيم والمبادئ الغربية بحكم معيشتي وتعليمي هناك. عندما انتقلت للمملكة عام 2014م وأنا في عمر الثامنة والعشرين، كان أمامي العديد من الأمور التي يجب أن أتأقلم معها حتى اليوم، وما زلت أتعلم وأراني أصل يوما بعد يوم إلى توازن صحي بين القيم والعادات السعودية والغربية، وما زال أمامي الكثير لاستيعابه. يشغل تفكيري مؤخرا العلاقة بين الزوج والزوجة والأمور المالية في البيئة التي يعمل فيها كلاهما، حيث إن المعايير والمبادئ التي تعلمتها في الغرب في هذا الموضوع مختلفة تماما عمّا أشاهده هنا، وخلصت إلى أنه هناك إيجابيات في كلا وجهات النظر وأساليب التعامل مع هذا الأمر. وهذه هي خلاصة أفكاري: * الزواج هو صداقة تعتمد على الشركاء الأذكياء عاطفياً، والمتعاطفين الذين يرون بعضهم البعض بشكل كامل، الحبيب ليس تابعا مرهقا لك مادياً ومعنوياً. والصديق ليس دكتاتوراً متسلطًا ومتطلبًا، بل يساهم الشركاء الناضجون عاطفياً بشكل استباقي في الدفاع عن كرامة بعضهم البعض واستقلالهم سواء كان ذلك من خلال الدعم في المنزل أو العمل، يساعد الشركاء بعضهم البعض على الاستكشاف والارتقاء بأنفسهم. * في المملكة العربية السعودية، كان الزواج وما زال مبنيا على تقسيم الأدوار والمهام المعتادة بين الذكور والإناث بناء على التقاليد الدينية، حيث يقوم الزوج بتوفير أساسيات الحياة في حين تقوم الزوجة بخدمة الزوج والمنزل، لكن في الآونة الأخيرة، طرأت على المجتمع وعلى الحالة الاقتصادية العديد من المتغيرات التي جعلت استمرار تقاسم الأدوار والمهام بين الزوجين كما كان سابقا أمرا غير ممكن. * منذ ستينيات القرن الماضي، استثمرت المملكة في تعليم وتمكين المرأة لتلعب دوراً أكبر في المجتمع والاقتصاد. وحالياً يقوم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالعمل بشكل حثيث لإزالة كافة القيود التي تعيق نجاح المرأة في مسيرتها المهنية. * أدوار كلا الجنسين قد تطورت ما وراء التقاليد، بفضل التكنولوجيا تجاوزت الحضارة الحالية والمُجتمع الطبيعة الخاصة للرجال والنساء بما في ذلك تقسيم المهام المُعتادة، إلى تمكين قدرات الرجل والمرأة وجعلها متكافئة بالاعتماد على ذكاء الفرد وليس بقدراته الجسدية. * من أجل بناء مؤسسة زواج صحية، يجب أن يساهم الزوج والزوجة في رفاهية الأسرة، مادياً أو بشكل آخر غير ذلك. لاسيما مع دخول المرأة إلى سوق العمل وزيادة تكلفة المعيشة وقيام الزوج بالمساهمة بشكل أكبر في واجبات المنزل ومسؤولياته، يمكن أن تأخذ هذه المساهمة المُشتركة عدة أشكال. حيث يمثل الحساب المصرفي المشترك بين الزوجين بالإضافة إلى الحسابات الفردية لكل منهما، طريقة قوية للتعاون الجيد. * تكتسب الزوجة المساهمة في دخل الأسرة صوتا في قرارات المنزل وكيفية إدارته. لم يعد نهج تفرد الأب بالقرار هو الأنسب، حيث لا بد أن نستفيد من مقولة "عقلان يفكران خير من عقل واحد". * إن روح الجشع والمنتهج بعقلية "دخل الرجل هو ملك للأسرة ودخل المرأة هو ملك لها" تضر بالأسرة وتهددها بالهشاشة ويولد الاستياء لدى الطرف الآخر. يجب أن يسعى كلا الشريكين إلى حماية استقلالية بعضهما البعض، مع الحرص على تجنب إثقال كاهل الآخر، ويكون ذلك من خلال العطاء المتبادل للذات والمال والمادة بشكل سخي وبروح الثقة.- تخوف الزوجات وتوجههن لحماية دخلهن أمر مبرر ومُتَفهم، حيث لا يحصلن على أي ضمان من قيام الزوج بتطليقها من جانب واحد والاحتفاظ بكل ما ساهمت به مادياً طوال سنوات الزواج من حر مالها ومن عرق جبينها، فيحق لها أن تكون حذرة. كما أن لها ما يبررها في حماية استثمارها في الأسرة ومساهمتها مادياً إذا كان معرضًا لخطر الزوجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة. * عندما يتم تخصيص جزء من دخل أي منهما لدعم أحد أفراد أسرتهما الآخرين (مثل دعم الزوج لوالدته مادياً)، يجب على الزوجين إخبار بعضهم البعض لتعزيز الشفافية مادياً والوصول إلى تقدير دقيق للوضع المالي للأسرة. * حتى إذا كان للزوجة العاملة زوج داعم يشارك في المنزل وواجباته، من خلال المجهود الكبير والتضحية الجسدية أثناء الحمل، فإن الزوجة تعطي المزيد للأسرة، سيكون الرجل الذكي عاطفيًا ممتنًا لذلك وسيؤدي امتنانه إلى تفانيه العاطفي لزوجته وعائلته. وهذا بدوره سوف يغذي امتنانها وثقتها، مما يخلق ديناميكية فاضلة للنمو المحب.