تعاني أكثر الزوجات الموظفات من مشكلة الراتب، الذي يمثل هاجساً ومطمعاً لدى أغلب الأزواج، والذين اعتبروه من توابع الزوجة، وأن من حقهم أن يكون لهم نصيب منه، وأن على الزوجات الإنفاق على أسرتها رغماً عنها، طالما هي قادرة على توفير المال، في حين أن البعض يرى أن ذلك الراتب من خصوصيات الزوجة، ولها وحدها حق التصرف فيه، سواء شاركت في مصروفات المنزل أم لم تشارك، فهي حرة وليست مقيدة. وأسهم عمل المرأة في تغيير كثير من الأدوار الأسرية، حيث أصبحت المرأة مستقلة مالياً، ولديها دخل ثابت قد يفوق دخل الزوج في بعض الأحيان، كما أنها لم تعد متفرغة لإدارة شؤون أسرتها بشكل كامل، لتبرز أهمية تحديد الزوجين العاملين لأدوار واضحة مالياً، والاتفاق على أدائها دون إجحاف أو تعد، من خلال التعاقد السلوكي، والذي يلزم فيه الوضوح والشفافية وتحديد الأهداف العامة للأسرة وسبل تحقيقها، عبر التعاون وإشاعة روح المشاركة والتقبل لذلك. حق شخصي وقالت «مي العلي» -موظفة حكومية-: إن راتب الزوجة العاملة حق من حقوقها الشخصية، والمصروف اليومي يجب أن يكون على عاتق الزوج، مضيفةً أنه يجب أن تعطي الزوجة راتبها لزوجها أو جزءاً منه عند الحاجة فقط وفي الظرف الضرورية، وبرضاء تام منها، مبينةً أن ما يفعله بعض الأزواج من إجبار المرأة على المصروفات ككل، فهذا غير جائز شرعاً، فضلاً عن أنه لا يحق عرفاً، مبينةً أننا نشاهد نماذج كثيرة في مجتمعنا ومن خلال علاقاتنا الشخصية في العمل من شكاوى بعض الموظفات من أزواجهن وتصرفهم في رواتبهن، والبعض الآخر تشتكي عدم إعطائها الحرية الزوجية في حق النفقة عليها، مشيرةً إلى أننا نجد أن بعض الأزواج أيضاً يلزم زوجته في الاقتراض على سبيل توفير المال له ما دامت تتقاضى راتباً شهرياً، وهذا تعنيف في حق الزوجة وربما تتحمل ما لا تطيقه، ذاكرةً أن الزوجة لها الحق في راتبها، إلاّ أنه من الممكن تقديم المساعدة للزوج إذا كان يمر بضائقة مادية أو عليه ديون. حدود نظامية وأوضحت «عبير النخيش» -موظفة حكومية- أنه إذا رغبت الزوجة من جانب صلة الرحم وطلب المغفرة من الله فيمكن أن تنفق على زوجها أو والديها إذا كانا محتاجين فعلاً، متأسفةً على أن بعض الأزواج يسيطرون على راتب الزوجة بطريقة تعسفية، مُشددةً على أهمية وضع حدود نظامية وفقاً للشريعة الإسلامية. وأكدت «عواطف الشمري» -موظفة قطاع خاص- على أنها تصرف من راتبها على المنزل والأسرة، وتساعد زوجها بقدر ما تستطيع، وهذا واجبها، مبينةً أن بعض الأزواج لا يُقدر تضحية زوجته، وتجده لا يقف بجانبها في حال مرّت بظروف صعبة. وأشارت «ليلى الجهني» إلى أن الراتب أصبح الشغل الشاغل للكثيرين، مضيفةً أن موضوع مساهمة الزوجة في المنزل لا يجب أن يكون مفروضا عليها، ويجب أن يترك الأمر للاتفاق بين الزوج والزوجة، مبينةً أنه من المعروف أن مال المرأة من حقها ولا يوجد سبب مقنع لفرض أي شيء عليها، وإنما يجب أن يكون هذا بالتفاهم، وأن لا يستغل إعطاءها حق العمل مقابل أخذ راتبها في المستقبل. تكاتف وتعاون وقال «عبدالعزيز الشيحان»: إن راتب الزوجة لها من الناحية الشرعية، ويمكن أن يكون لمنزلها نصيب منه في حدود الاتفاق بين الزوج والزوجة، وهذا هو المتبع لدى الكثير من الأزواج، وهو دليل على التفاهم بينهما، مضيفاً أن هذا الموضوع سبّب معاناة لكثير من الأسر، وبالطبع أن الراتب للزوجة بلا شك؛ لأنها تعبت فيه طوال الشهر، وهي التي يجب أن تحدد وجهته، فإذا كان راتب الزوج جيداً فإن راتبها يجب أن يكون لها، أمّا إذا كان الراتب ضعيفاً فيمكن أن تساعده زوجته، ذاكراً أن التكاتف والتعاون بين الزوجين هو عنوان لحياة زوجية سعيدة، مشيراً إلى أن هناك قاعدة ينظر لها بعض الأزواج وهي الخوف من مساعدة الزوجة، بأن يقلل ذلك من قدره أمامها، وأن يحس بنقص في نفسه، وأن تحس الزوجة بفضلها عليه. وأكد «أبو ماجد الشمري» على أن بعض الأزواج يلجأ إلى راتب الزوجة في مصروفات المنزل، وأحياناً في سداد الفواتير، والنتيجة أن تحس المرأة بالقهر، مضيفاً أن الزوجة هنا تعمل على عدم خلق المشاكل خوفاً على استقرار الأسرة، مبيناً أن بعض الأزواج يطلبون المال من زوجاتهم باستمرار، وعندما يرفضن يفتعلون المشاكل، وقد يصبح الأطفال في خوف ورعب بما يدور حولهم، وبما يرون أن الأب يضرب الأم أمامهم، وقد تخاف على مصير أبنائها وترضخ حرصاً على استمرار الزواج فقط. كيفية التعامل وتحدث «فهد العامر» -رئيس وحدة التوجيه والإرشاد بجمعية وفاق بحائل والمستشار الأسري-، قائلاً: إنّ الراتب في الأساس نعمة من الله سبحانه وتعالى، وقد يكون فيه ابتلاء لصاحبته، إمّا أن يسعدها أو يشقيها، ومن المفترض أن يكون الراتب مفتاحاً للاستقرار والسعادة، لكن ما نراه اليوم على عكس الواقع، فقد أثار راتب المرأة كثيراً من المشاكل بدايةً من أهل الزوجة ومروراً بالزوج وانتهاءً بها، مضيفاً: «قبل أن نتحدث عن هذا المشكلة، يجب أن نعترف بواقع مُر وهو جهل الزوجة بكيفية التعامل مع هذا الراتب، فكثير من الزوجات لديهن قصور معرفي في إدارة مرتبها، حتى قبل الزواج بحكم صغر سنها، ولم تجد الموجّه الصادق في توجيهها التوجيه الصحيح، فالوالدان لهما نصيب وإن كان لهما حق فيه، والأخوة لهم تقسيط وعبثها له نصيب، ثم إذا تزوجت استلمها الزوج على ما معها من فُتات وبدأت المشاكل والمناوشات»، مُشدداً على أهمية معرفة الأصل في الراتب وهو ملك للزوجة والتفاهم والتعاون مطلوب، إذا كان يصب في مصلحتهما ومصلحة أولادهما، مشيراً إلى أنّ الأسر التي تقع فيها خلافات على راتب الزوجة هي في الأساس غير مستقرة، ناصحاً كل زوجة أن تقتطع من مرتبها في البداية جزءاً يكفي لأن تقدم لدنياها وآخرتها، داعياً الازواج أن يخافوا الله في هؤلاء الموظفات والرجل كلما استغنى عن المرأة كان أفضل وأسلم وأعز لنفسه. تعاقد سلوكي وأكد «د. فرحان بن سالم العنزي» -أستاذ علم النفس الإرشادي بجامعة حائل- على أنه نظراً للخصائص النفسية والجسدية والاجتماعية للرجل أصبح مكلفاً لتوفير الجانب المادي من خلال العمل خارج المنزل ثم تلبي الزوجة احتياجات الأسرة في المنزل من خلال رعاية الأبناء وتحقيق الأجواء الأسرية المناسبة، وإدارة شؤون المنزل، مضيفاً أن تبعات خروج المرأة من المنزل من أجل العمل أدى إلى تغير كثير من الأدوار الأسرية، فأصبحت مستقله مالياً، حيث لديها دخل ثابت قد يفوق دخل الزوج في بعض الأحيان، كما أن الزوجة لم تعد متفرغة لإدارة شؤون أسرتها بشكل كامل، كما أن للوظيفة متطلبات ترهق الجانب النفسي والجسدي وما إلى ذلك من تبعات العمل التي تتطلب التغيير في الأدوار الأسرية لإيجاد التوافق المطلوب.وأضاف أنّ على الزوج تأدية واجباته الشرعية تجاه الأسرة حسب قدرته، وعلى الزوجة عدم تحميل الزوج ما لا يطيق، وأن تعمل على إكمال النقص، وكذلك المساهمة في أعباء الحياة، وجعل العائد المادي من الوظيفة مسخراً للارتقاء بالأسرة والمشاركة مع الزوج في ذلك، مضيفاً أنه بذلك تكون وظيفة الزوجة عامل مساعد لحاضر الأسرة وداعم رئيسي لمستقبل أفضل؛ مبيناً أنه عندما لا تساهم الزوجة في متطلبات الحياة يجد الزوج نفسه أمام زوجة لا تستطيع الوفاء بواجباتها الأسرية؛ بسبب واجبات وارتباطات العمل الذي لا تجني منه الأسرة سوى السلبيات، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلات، وقد يؤدي إلى الانفصال لعدم تحقق أهداف الزواج من حيث السكينة والاستقرار، التي يمكن أن تتحقق لو تم توزيع الأدوار حسب ظروف الزوجين، والاتفاق عليها بما يحقق مصلحة الأسرة دون تغليب طرف على آخر. روح التفاهم وقال «علي عبدالله المحارب» -رجل أعمال-: إنه من خلال بعض التعاملات الاقتصادية على ضوء الاقتراض والاستدانة ومن خلال تجاربنا العقارية والمالية مع الموظفات، فإن البعض منهن من تقترض أموالا طائلة فوق طاقتها لا تستطيع سدادها، كل ذلك بسبب سد احتياجات المنزل والأسرة، وهي تحت ظل رجل يستطيع النفقة لكن أنانيته ونظرته للزوجة أنها مسؤولة بما أنها موظفة يجعله يستغلها، مضيفاً أنه من خلال تجاربهم هناك نوعان؛ الأول: لا تريد زوجها أن يعلم باستدانتها، فتلجأ لطرق أخرى بقضية الكفالات من زميلاتها أو من أقارب آخرين، والثاني من وجدت في زوجها روح التفاهم والتقدير والحياة والأمان، وهي إن لجأت للاقتراض فمن باب مساعدة زوجها، عكس الأولى التي لجأت للاقتراض لسد احتياجاتها دون علم زوجها، مؤكداً أن راتب الزوجة حق لها ومن غير اللائق بالزوج أخذ منه شيء بالإجبار، أو إجبارها على مصروفاتها وأبنائها ومنزلها، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. د. فرحان العنزي فهد العامر عمل المرأة أسهم في تغيير بعض الأدوار الأسرية المعروفة