يترك الشاعر الدكتور عبدالله الخضير القوافي جانباً، ويأخذ القراء هذه المرة إلى عالم السرد من خلال كتابه الصادر حديثاً تحت ما يمكن تصنيفه أجناسياً بعالم أدب الرحلات، ففي الطبعة الأولى الصادرة في العام الجاري 2021، عن دار نضد للنشر والتوزيع، صدر للشاعر الدكتور عبدالله الخضير كتاب (غربة بطعم كارتالا) -رحلة من الأحساء إلى جزر القَمَر-، في مئتين وتسع عشرة صفحة، متضمنة مشاهداته اليومية، وتفاصيل تجربته، في جمهورية جزر القمر المتحدة حين كان مُوفداً للتدريس من قبل وزارة التعليم عام 2004-2008. الكتاب يجسد الأبعاد الجمالية والأيديولوجية والأنطولوجية لرحلة الخضير منذ انطلاقه من بيته في الأحساء إلى آخر يومٍ عاشه في جزر القمر، متنقلاً من البيت إلى الطائرة إلى البحر إلى المعهد، متعايشاً مع الإنسان القمري بجنسيه الرجل والمرأة، مستخدماً أسلوبه القصصي الماتع المشوّق، من خلال صوره الخيالية، ومفرداته الأدبية، مستعيناً ببعض المقولات الفلسفية، والحِكَم الثقافية، والأمثال الشعبية، التي أضافت على هذا العمل السردي حللاً من الجمال والبهاء. يستعين الخضير في إصداره الجديد بمعجمه وخياله الشعري المتدفق ويوظفها في هذا العمل الرّحْليّ بأسلوب جاذب ومشوّق، إذ يقول تحت عنوان «أحتاج إلى نسيانٍ يهبني قُبلة»: «لم أكن أعلم أن نزولي من الشقة وحواري مع هذه الفتاة القمرية التي لا يزيد عمرها عن ثلاثين عاماً، والتي تجيد اللغة العربية، وقد ارتدت تنّورة بيضاء وبلوزة ذات خطوط موفيّة وأقراط قنديلية ولمعان في الوجه، لعله مدهون بزيت جوز الهند، وشفاه اصطبغت ب(روج أحمر متمازج مع لون التوت) وشعر بخصلات منفردة عن الأخرى، تتحرك يميناً ويساراً مع أي حركة، وصدر مغرور تضيق به أزرار البلوزة، وعطر تفوح منه الفانيلا القمريّة، كلّ هذا خلق آهاتٍ من الغرام والاشتياق، إنّها ابنة القمر، مثالٌ أعلى للجمال، وعلى قدر كبير من الأناقة، كنتُ أستجمع حسّي ولا أصدر حكماً، بل أحاول أن أبتعد عن (أفروديت) من قبل أن تلتصق، لقد كان فيها جنون الأنثى وما يُغري هذا الفتى الأحسائي».