رصد الرحالة والباحث السويسري بوركهارت أثناء مخالطته لأبناء البادية شمال جزيرة العرب حوالي سنة 1810م أنواع الجمال المستخدمة في شمال جزيرة العرب وأجزاء من آسيا الوسطى أثناء تنقل واختلاط بوادي تلك المناطق والسلالات الناتجة عن تزواج الإبل العربية والتركمانية والأناضولية والكردية مشيراً في كتابه ملاحظات عن البدو الصادر عن دارة الملك عبدالعزيز الى أن إبل الصحراء السورية تأتي أصغر حجماً من الإبل الأناضولية والتركمانية والكردية. وهي تتحمل الحرارة والظمأ أكثر من الإبل الثلاث الأخيرة، لكنها تتضرر بالبرد الذي يقضي على كثير منها في تلك الصحراء. وللبعير الأناضولي كما يقول رقبة غليظة كثيفة الوبر. وهو أكبر وأقوى من بعير الصحراء، ويحمل أكثر مما يحمل هذا الأخير. ولذلك فإنه أعظم الإبل فائدة في جبال الأناضول، لكنه غير ناجح في الصحراء. وتتكون سلالة البعير الأناضولي من ناقة عربية وجمل ذي سنامين مستورد من بلاد القرم. مضيفا بأنه يقال للبعير المولود من ناقة عربية وجمل تركماني (كُفرد) وهو حيوان ضعيف لا يتحمل التعب. وينتج الجمل التركماني والناقة التركمانية بعير يقال له (الدالي) أو المجنون؛ بسبب طبيعته الشديدة المراس. وينتج الجمل ذو السنامين والناقة التركمانية نسلاً اسمه طاوس؛ وهو صغير الحجم جميل جداً ذو سنامين صغيرين يقطع التركمان أحدهما بعد ولادته مباشرة لكي يجعلوه أكثر مواءمة لنقل الأحمال. ولهذا النسل وبر كثيف جداً تحت الرقبة يكاد يصل طوله إلى الأرض. وينتج عن الجمل ذي السنامين والناقة العربية نسل يقال له: مايا وبِشرك، أو البعير التركماني أو الأناضولي الشائع. ولا تجلب النوق أبداً إلى أناضوليا، كما لا يستخدم الجمل ذو السنامين لنقل الأحمال؛ بل تبقى للإنجاب فقط. ولا يوجد لدى العرب إبل ذات سنامين، ولم يرَ بوركهارت كما يقول واحدة منها، أو سمع به، في سورية. وفي أول السنة الثانية من عمر البعير يفطم بمنعه من رضع ضرع أمه وذلك بوضع قطعة من الخشب طولها نحو أربع بوصات تدخل من لهاته وتخرج من منخريه. على أنها لا تمنعه من رعي أعشاب الصحراء. ويربط التركمان حسب وصفه عبر منخري البعير الصغير قطعة من الخشب حادة الطرفين بحيث تخز أمه، فتجعلها ترمح وتبتعد عنه. ولكيلا يرضع صغير الناقة إلا في أوقات مناسبة تربط بعض حلمات ضرع أمه، وربما كلها، في كيس من الوبر يسمى شملة. ويمر الخيط الذي يربطها بكل جسم الناقة، ويبقى في مكانه، عادة، حتى بعد إزالة تلك الشملة. قال بأنه قد رآها على أغلب النوق في الصحراء. ويغطي بعض الناس ضرع الناقة بقطعة رقيقة مستديرة من الخشب بدلاً من الشملة. ولا تلقح النوق في سنوات الجدب. ويضيف بوركهارت بأن البعير الذي له سنة واحدة من العمر يسمى: حوار وما له سنتان: مفرود أو مخلول وما له ثلاثة أعوام حق وما ظهرت رباعيته رباع. وذكر له البدو بأن النوق تبلغ سن الولادة في السنة الرابعة تقريباً. ويقال لها بعد ولادتها الأولى: بكرا وبعد ولادتها الثانية: ثنيّة. ومن المعلوم أن الإبل تعيش إلى أربعين سنة من العمر. ويفضل العرب كما ذكر امتطاء الجمل على امتطاء الناقة مع أنها كما يقال أسرع سيراً منه. (أضاف المترجم بأنهم في نجد حاضرة وبادية تدل كثيراً من أشعارهم على تفضيلهم ركوب النوق). وإذا صار الجمل هائجاً صعب المراس بحسب بوركهارت وكما يحدث كثيراً في فصل التكاثر ثقبوا أحد منخريه ووضعوا فيها خيطاً من شعر ذنب البعير يقال له هلب وربطوه بحبل وبذلك يستطيع راكبه تهدئته والسيطرة عليه ويقال للجمل الذي يعمل به ذلك بعير أو ذلول مخزوم. ويستطرد إلى أنه ليس للبعير البني كما وصفه تقدير رفيع بل إنهم يفضلون المائل إلى الحمرة او الأشعل أو الأشعل بحمرة وعند ما يريد البدو نحر جمل فإنهم يختارون الناقة التي لا تلد. وإذا حدث أن انكسرت رجل بعير نحروه فوراً إذ يظنون أن الكسر لا يمكن علاجه. ويختم هذه اليومية إلى أن قبائل شمال الجزيرة العربية لا تصنع سمناً من حليب النوق بل يشربونه ويسقونه خيولهم وعن وبر الإبل ذكر بأنه من السهل انتزاع باليد نهاية فصل الربيع ونادراً ما يزيد وبر البعير الواحد عن رطلين حيث ينسج منه التركمان سجاداً خشناً أقوى وأفضل من تلك التي ينسجها العرب. الجمل الأناضولي أكبر وأقوى من بعير الصحراء امتطاء الناقة أكثر من الجمل