صورة مع ابتسامة الرضا والفوز وبهجة الاحتفاء، تبدو أثمن ما يمكن الاحتفاظ به في ألبوم ذاكرة الإنجاز، هذا المشهد في لحظة خاطفة من الزمن يحتل مساحة واسعة في القلب، لأن التقدير ليس هدية بل منحة ومكافأة للركض ووقود للعطاء. بالمثل فإن الذين حصدوا كأس بطولة أو الفوز في سباق لم تكن الجائزة هي الاعتراف بالتفوق، إنما مهدت للحماسة والشراهة الإيجابية في رفع الطموح والرغبة، ما سبق ينسجم ويتقاطع بشكل فعلي مع مبادرة وزارة الثقافة في «الجوائز الثقافية الوطنية»، إنها بخطوة واحدة تكفلت بتقديم الدعم والتقدير لكل العطاء الثقافي والإبداعي، ومهدت لمرحلة جديدة أكثر تنافسية وحيوية للعطاء مستقبلًا، وخلال أقل من ثلاثة أشهر ما بين إعلان أسماء الفائزين في الدورة الأولى أعلنت وزارة الثقافة عن بدء أعمال الدورة الثانية على أن تستقبل الترشيحات في موعد ثابت سيكون شهر ديسمبر من كل عام. الجوائز الثقافية الوطنية يمكن النظر إليها من خلال زوايا ثلاث تضمنها الاسم، إنها جوائز وليست جائزة وبما يعني شموليتها وتنوعها لمختلف القطاعات الثقافية من خلال 14 مسارا، وأنها لمختلف الأعمار وللأفراد والمؤسسات. الثقافية لأنها تبرهن على أن الاحتفاء والتقدير والتكريم ثقافة، وأن الانشغال والعطاء في الحقل الثقافي ملاحظ وفاعل ومؤثر. الوطنية لأن السعودية صنعت وقدمت عبر المواهب والمبدعين إنجازات وأعمال حصدت جوائز ونالت الإعجاب والمكانة العالية، ولأنه حان الوقت لأن تجد القيمة من المكان الذي تخلقت فيه وكبرت فيه وعملت على نقل صورة زاهية عنه. وزير الثقافة صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وصف المبادرة بقوله: ‹›الجوائز الثقافية الوطنية تعبير عن مدى تقدير وزارة الثقافة والوطن عمومًا للإسهامات الكبيرة التي يقدمها المبدعون السعوديون في القطاعات الثقافية كافة ودورهم في نمو الوعي والمعرفة››، دلالة على أن العطاء الثقافي أسهم بشكل مباشر في تغذية المجتمع بمنتجات حققت رفعة في الوعي، وقدمت منافذ معرفية ومصادر لاكتساب المعلومة وصقل المواهب، إضافة إلى أنها وفرت خيارات لاكتشاف عوالم والانفتاح على العالم، وكانت رافدًا تنويريًا وملاذًا للحاجة الإنسانية في العثور على المتعة والدهشة. مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية تعمدت في كافة مراحل دورتها الأولى التركيز على أن قيمة الجوائز التقديرية والمعنوية تأتي في المقام الأول، ولأنه بالتأكيد يمتد هذا التكريم لكل من يدخل ضمن المعنيين بالشأن الثقافي بمجرد أنهم ضمن فئات الترشيح، والأهم أن تعمد إخفاء القيمة المالية يعكس حرص وزارة الثقافة أن ترتبط الجائزة بالاحتفاء أكثر مما ترتبط بالمبلغ، وأن المعنى للجائزة المحسوس أبلغ وأعمق من الملموس. أيضًا تعطي وزارة الثقافة تلميحًا مفصليًا أن العطاء والإنتاج الثقافي في مختلف المجالات الفنية والإبداعية تظهر في جزء منها وتنبع من الشعور والتفاعل الداخلي، وهو ما يتماس مع أن الجوائز الثقافية الوطنية لم تصرح بالمقابل المالي بقدر ما عملت على بث رسائل التكريم والاحتفاء وهي الباقية وعميقة الأثر. وأن قيمة الجوائز معنوية ومادية، دافعة على العطاء وتقدير للبذل، والأهم تأسيس لوجهة تحتوي كل المثقفين والفاعلين في الثقافة وتحتفي بهم، ولتكن تجربة استثنائية تقول: لقد نجح الجميع. اللافت أن وزارة الثقافة أعلنت في مطلع شهر يوليو الحالي عن بدء أعمال الدورة الثانية من مبادرة «الجوائز الثقافية الوطنية»، فقد اعتمدت شهر ديسمبر توقيتًا ثابتًا في كل عام لبدء استقبال الترشيحات في كل دورة من دورات مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية، والتي تأتي ضمن برنامج جودة الحياة أحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030، وذلك للاحتفاء بالمنجزات والمساهمات الثقافية للأفراد والمجموعات والمؤسسات في مختلف القطاعات الثقافية. في حين قدّمت الوزارة الدورة الأولى من المبادرة في يونيو 2020م، وتوجت الفائزين بجوائزها في حفل أقيم في قصر الثقافة بحي السفارات بالرياض في شهر أبريل الماضي.