يتراءى للمرء وفقاً لتسارع التغيرات والأحداث أن كل ما هو جديد سرعان ما يصبح قديماً وقد عفى عليه الزمن! وفي غضون أيام قليلة سيتم تعيين إبراهيم رئيسي رئيساً لملالي إيران.. فما رسالة وعواقب هذا الحدث؟ بدايةً، من يشارك في مراسم تنصيب إبراهيم رئيسي إما جاهل أو يتظاهر بالجهل، فإبراهيم رئيسي مجرم كبير ذو سجل أسود حافل ضمن سجلات النظام الفاشي الحاكم في إيران، وكل وثائقه ومستنداته التعليمية مزورة، وتحت مظلة ولاية الفقيه، وسائر على خط الإجرام بحق الشعب ومتورط بإراقة دماء عشرات الآلاف من الأسرى في هذا النظام، إذن فهذه السجادة الحمراء الممتدة في هذا الحفل قد أخذت احمرارها من دماء الشعب الإيراني! توجد أدلة وبراهين قوية على دوره الأساسي في تنفيذ فتوى الخميني -مؤسس الديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران المناهضة للإنسانية- في مجزرة أودت بحياة أكثر من 30 ألف سجين سياسي سنة 1988، ومن يريد التعرف الصحيح على إبراهيم رئيسي فليتعرف عليه على لسان ضحاياه من عموم الشعب والسجناء، وهو معروف في المجتمع الإيراني بأنه مجرم كبير باسم "جلاد 1988". وتصريحات إبراهيم رئيسي كافية للتعرف عليه عندما يقول: "إن كل ما فعله كان من أجل حقوق الإنسان والأمن". فعل النظام ما فعله، ولم ينكر قتل السجناء السياسيين قط، ولم يكتفِ بذلك فحسب بل قال: إنه "فخور" بذلك، إذن فهو مجرم بكل ما للكلمة من معنى، ولمواصلة جرائمه بحق الشعب الإيراني والإنسانية جمعاء سيتم تعيينه في رئاسة جمهورية نظام الملالي. يعلم الجميع وتشهد البشرية جمعاء أن النظام الديكتاتوري الفاشي الحاكم في إيران معادٍ بشكل أساسي لحقوق الإنسان، ويرتكب هذا النظام جرائمه تحت مسمى "العقاب الإسلامي". بينما يتفق علماء الإسلام في العالم على أن النظام الفاشي في إيران هو أيضاً "عدو للإسلام"، وأن الجرائم التي يرتكبها لا علاقة لها بالإسلام والمسلمين. قتل وقمع أهالي الأحواز -محافظة في جنوب غرب إيران- في منتصف يوليو 2021 ليس إلا دليل آخر على هذه السلوكية العدوانية للنظام ورموزه، وإن قمع وقتل أهالي الأحواز الذين يطالبون بمياه الشرب والكهرباء في ظل درجات حرارة تزيد على 50 درجة يذكرنا بقمع وقتل الانتفاضة البطولية للناس في جميع أنحاء إيران في نوفمبر 2019، لقد كانت انتفاضة الجياع في إيران التي قطع عنها الإنترنت بحسب فتوى علي خامنئي لكي يتم محاصرتها والتكتم على قمعها، وقد قتلت سلطات النظام بوحشية أكثر من 1500 شاب ثوري إشارة إلى عدم قبول الجميع بعودة الأوضاع الماضية التي سجلها التاريخ الإيراني، حيث تركت جرحاً عميقاً في جسد الشعب الإيراني. يستخدم نظام الملالي الوحشي الآن كل خبراته السابقة بقطع الإنترنت في منطقة الأحواز للتمهيد لعملية قتل الناس في هذه المنطقة، والسؤال هنا هل سيتمكن النظام من إيجاد مخرج له من مأزقه؟ تزامنت انتفاضة الأحواز مع أيام وصول المجرم إبراهيم رئيسي إلى السلطة، وهذا التزامن وقبل كل شيء يتضمن رسالة تؤكد أنه لا توجد أي علاقة سلمية بين النظام الفاشي الحاكم في إيران والشعب الإيراني، وفي كل الأحوال لن يرضى الشعب الإيراني بأقل من إسقاط هذا النظام! هذه رسالة واضحة من الشعب والرموز القيادية لانتفاضتهم أي المقاومة الإيرانية، إنها الرسالة التي سمعتها شعوب العالم بوضوح بعد أن سمعها النظام الحاكم في إيران. مؤخراً، وفي الأيام من 10 إلى 12 يوليو 2021 عقدت المقاومة الإيرانية تجمعها السنوي بنجاح لمدة ثلاثة أيام، وأيد أكثر من ألف شخصية بارزة يمثلون 105 دول المطالب المشروعة للشعب الإيراني، وأكدوا تضامنهم وتوافقهم مع الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية. وقالت السيدة مريم رجوي -رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية- في المؤتمر: "إن هذا المؤتمر هو صوت الشعب الإيراني، وأنصار الحرية، والثوار، والانتفاضة الباسلة تفيد بأن النظام واقع في مأزق السقوط، وأن الشعب والمقاومة يتجهان نحو النصر، وستتحرر إيران"، وقالت السيدة رجوي أيضاً: "لقد عين نظام ولاية الفقيه جلاد سنة 1988 رئيساً له للوقوف بوجه الانتفاضات القادمة وتفادي السقوط الذي لا مفر منه. ولكنه وبفعله هذا يكون قد حفر قبره بنفسه، فهو مثل العقرب الذي يلدغ نفسه إذا ما حاصرته النيران". وتضيف السيدة مريم رجوي في خطابها قائلة: "لا شيء سوى الخوف من الانتفاضة وحالة الاحتضار السياسي التي يمر بها نظام ولاية الفقيه تفسيراً لمجيء النظام برئيسي إلى رأس السلطة، وفي حينه قال منتظري الذي كان خليفة الخميني عن إبراهيم رئيسي إنه من بين الذين ارتكبوا أكبر جريمة في هذا النظام، وإن اسمه سيكتب في المستقبل كواحد من مجرمي التاريخ". من العلامات التي يمكن من خلالها التأكيد على بوادر المرحلة الأخيرة لهذا النظام هي حقيقة أن أي مطلب للشعب يتحول بسرعة إلى مطلب سياسي للشعب وهو الإطاحة بهذا النظام، وذلك لأن الشعب الإيراني قد وصل إلى مطلب الإطاحة كإجابة نهائية على أن إنهاء العطش والجوع وارتفاع الأسعار والبطالة والقمع والكبت بالإضافة إلى الحفاظ على الهوية الإيرانية تكون من خلال إبادة هذا النظام الديكتاتوري والتحرر من نظام الملالي، وهذا ما تفعله المقاومة الإيرانية منذ أكثر من 40 عاماً، وتقاتل من أجله نظام ولاية الفقيه من دون توقف، لذلك فإن مخاوف علي خامنئي ونظامه لم تأتي من فراغ، فخوفه الأساسي هو من الارتباط العميق والتاريخي بين الشعب والهيئة القيادية للانتفاضة أي المقاومة الإيرانية، وهذا ما سينبثق عنه بزوغ سريع لفجر الحرية في إيران وستصل أضواؤه هذه المنطقة من العالم وصولاً إلى ثبات الأمن والاستقرار. * كاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الإيراني.