تعتمد دول العالم أساليبَ مختلفةً لصناعة إعادة التدوير حسب قدرتها الاقتصادية وثقافة إعادة التدوير لديها، ومما لا شك فيه أن منهج الاستدامة - والتي منها إعادة التدوير - هو من الاعتبارات المهمة للحفاظ على البيئة وتقليل نسبة التلوث؛ بل هي واحدة من طرق الحصول على ثروة مادية تدفع بحركة الاقتصاد، وستكون مفيدة لأنها تعمل على توظيف أيدٍ عاملة محلية وبخاصة لدى الكثير من المدن والمناطق التي تعاني من ارتفاع في نسبة البطالة، كذلك يتحدث الكثير عن أهمية الاقتصادات الدائرية (بمعنى أنه يجب معالجة النفايات التي تنتجها وتدويرها وإعادة استخدامها في البلاد أو بالقرب منها)، وهو نظام يهدف إلى القضاء على الهدر والاستخدام المستمر للموارد، أيضًا هناك عدة مبادرات جيدة في السعودية لصناعة إعادة التدوير، فقد أعلن صندوق الاستثمارات العامة قبل أربع سنوات عن تأسيس شركة سعودية لإعادة تدوير كل المواد القابلة لإعادة التدوير في المملكة، ولكن ما زلنا نواجه الكثير من التحديات الثقافية والعلمية واللوجستية، وهذا ما أردت أن أتحدث عنه في مقالتي. قبل كل شيء، من الواضح أن لدينا مشكلة كبيرة في قلة الوعي العام بأهمية صناعة التدوير على الصعيد الوطني، لذلك نحتاج أن نزيد من وعي المجتمع عبر وسائل متنوعة مثل: نشر الملصقات وتوزيع اللافتات في الشوارع، وكذلك عبر رفع الوعي لدى الطلاب في المدارس والجامعات من خلال مناهج منظمة تتحدث عن أهمية الاستدامة بما فيها صناعة التدوير، نحتاج أيضًا أن نطوِّر حلولًا تقنية وطنية من خلال تعاون الجامعات مع القطاعين الخاص والعام، وأن نعمل على تحسين الحركة التنظيمية لعلاج مشكلة النفايات وتصنيفها كمواد قابلة لإعادة التدوير (المعادن، الخشب، البلاستيك.. إلخ)، بما في ذلك سَن شرائع وإقرار أنظمة صارمة وفعالة خاصة بالنفايات تعمل على التوازن بين مناطق المملكة سواءً المدن الكبرى أو الصغرى أو القرى لأخذها كلها في عين الاعتبار، لذلك أعتقد أننا بحاجة ماسة إلى قاعدة بيانات موثوقة وموحدة تعمل على تكاتف الجهود وتختصر الوقت اللازم لصناعة إعادة التدوير. وفي الختام: من الواضح أننا نحتاج أن نعيد التفكير في صناعة التدوير بشكل أوسع كموردٍ آخرَ للاقتصاد والحفاظ على البيئة. حفظ الله بلادنا وأدام عليها نعمة الأمن والإيمان. * باحث في علوم وهندسة المواد ومهتم بعلوم الإدارة الهندسية