قُتل عدد من عناصر فصائل مدعومة من إيران الأحد في غارات جوية أميركية استهدفت مواقعهم على الحدود السورية - العراقية. وتأتي الضربات في مرحلة حساسة، إذ تتهم واشنطن فصائل عراقية مرتبطة بإيران بشن هجمات على منشآت عراقية تؤوي عناصر أميركيين، في وقت تتواصل فيه الجهود الدولية لإعادة تفعيل الاتفاق النووي مع طهران. وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي في بيان: إنه "بتوجيه من الرئيس الأميركي جو بايدن، شنت القوات العسكرية الأميركية غارات جوية دفاعية دقيقة ضد منشآت تستخدمها ميليشيات مدعومة من إيران في منطقة الحدود العراقية - السورية". وأضاف: "بالنظر إلى سلسلة الهجمات المستمرة التي تشنها جماعات مدعومة من إيران، والتي تستهدف المصالح الأميركية في العراق، وجّه الرئيس بمزيد من العمل العسكري لتعطيل وردع هجمات كهذه". من جهته، ندد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الاثنين بالضربات، التي اعتبرها "انتهاكاً سافراً لسيادة العراق". وقال في بيان: "يجدد العراق رفضه أن يكون ساحة لتصفية الحسابات ويتمسك بحقه في السيادة على أراضيه ومنع استخدامها كساحة لردود الفعل والاعتداءات، داعياً إلى "التهدئة وتجنب التصعيد بكل أشكاله". واستهدفت الضربات الأميركية، وفق واشنطن، منشآت تشغيلية ومخازن أسلحة في موقعين في سورية وموقع واحد في العراق. وأعلن الحشد الشعبي من جهته في بيان مقتل أربعة من مقاتليه في الضربات الأميركية التي قال إنها استهدفت "ثلاث نقاط مرابطة" داخل الحدود العراقية في قضاء القائم غربي محافظة الأنبار، مشيراً إلى أن مقاتليه كانوا "يؤدون واجبهم الاعتيادي لمنع تسلل عناصر داعش الإرهابي من سورية إلى العراق". وأفادت مصادر من الحشد الشعبي أن القتلى ينتمون إلى كتائب سيد الشهداء، إحدى الفصائل الأكثر ولاء لإيران. وتباينت حصيلة القتلى بين بيان الحشد ومصادر أخرى. إذ أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل سبعة مقاتلين عراقيين على الأقل جراء الضربات الأميركية التي استهدفت "مقرّات عسكريّة وتحرّكات للميليشيات العراقية الموالية لإيران داخل الأراضي السوريّة". رسالة ردع تتمتع المجموعات الموالية لإيران، وعلى رأسها فصائل من الحشد الشعبي، بنفوذ عسكري في المنطقة الحدودية بين سورية والعراق وتنتشر على الضفة الغربية لنهر الفرات في محافظة دير الزور الحدودية. وغالباً ما تتعرّض شاحنات تقل أسلحة وذخائر أو مستودعات في المنطقة لضربات تُنسب لإسرائيل. وتُشكل الضربات الجوية الأحد ثاني هجوم أميركي من نوعه على فصائل مدعومة من إيران في سورية منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه، ففي فبراير، قتل أكثر من 20 مقاتلاً عراقياً في ضربات أميركية استهدفت مواقعهم في شرق سورية، وفق حصيلة للمرصد السوري. وأوضح المتحدث باسم البنتاغون أن المنشآت، التي استهدفتها الضربات الأحد، "تستخدمها ميليشيات مدعومة من إيران تشارك في هجمات بطائرات بلا طيار ضد أفراد ومنشآت أميركية في العراق". ومنذ بداية العام، استهدف أكثر من أربعين هجوماً مصالح الولاياتالمتحدة في العراق، حيث ينتشر 2500 جندي أميركي في إطار تحالف دولي لمحاربة تنظيم داعش. مصلحة وطنية وفجر السبت، وقع هجوم بثلاث طائرات مسيرة مفخخة في منطقة قريبة من القنصلية الأميركية عند أطراف أربيل في إقليم كردستان في شمال العراق. وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن الأحد: "كما يتّضح من الضربات التي شُنّت، كان بايدن واضحاً في أنّه سيعمل على حماية الأفراد الأميركيّين". وتأتي الضربات بعد يومين على تحذير واشنطن وباريس لإيران من أن الوقت ينفد أمام العودة إلى الاتفاق النووي، معبّرتين عن القلق من أن أنشطة طهران النووية الحساسة يمكن أن تتطور في حال طال أمد المفاوضات. وفي سياق ذي صلة، أوضح بلينكن الاثنين أن عشرة آلاف من مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي مازالوا رهن الاحتجاز في معسكرات تديرها قوات سورية الديموقراطية، ووصف الوضع بأنه غير مقبول. وفي كلمة في افتتاح اجتماع في روما لتجديد الجهود الدولية لمحاربة التنظيم المتطرف، قال بلينكن: إن واشنطن تواصل حث الدول، بما في ذلك 78 دولة عضواً في التحالف ضد داعش، على استعادة مواطنيها الذين انضموا إلى التنظيم. وبين بلينكن في كلمته الافتتاحية: "هذا الوضع غير مقبول بالمرة. لا يمكن أن يستمر للأبد. تواصل الولاياتالمتحدة حث الدول التي ينتمي إليها هؤلاء، بما في ذلك الشركاء في التحالف، على استعادة مواطنيها وإعادة تأهيلهم أو محاكمتهم في الحالات التي ينطبق عليها ذلك". وأضاف أن هناك عاملاً إضافياً مهماً وهو أن هزيمة تنظيم داعش بشكل دائم تتطلب معالجة التهديدات التي يشكلها خارج العراق وسورية، خاصة في إفريقيا.