تجد بعض الناس يقلقون من ظهور علامات الشيخوخة وتحولهم من زهرة ربيع الشباب إلى خريف العمر، ومنهم من يتقبل الأمر بصدر رحب، وهو على أتم الاستعداد لهذه المرحلة، حيث يشعر بالسعادة والعشق لهذه التغييرات التي حدثت له سواء في البنية الجسدية أو ظهور الشعر الأبيض، فهو يتقبل الأمر ويرى أنه الواقع الذي يجب أن نمر به جميعًا، ولهذا تجد هذا النوع مقبل على الحياة، يشعر بالفرح والتفاؤل، وأنه في مرحلة جديدة من عمره لا بد أن يتعامل معها بذكاء ووقار. في هذه المرحلة تبدو الذكريات هي مصدر الإلهام الرئيس لكل شخص، واسترجاعها لا يؤثر على حالتك النفسية على الإطلاق، بل أنت ترى شريط حياتك يمر أمامك سواء اللحظات الأكثر فرحًا وسعادة، واللحظات الأكثر معاناة وتجاوزها، وتذوق طعم النجاح، وتذكر القرارات الصحيحة التي اتخذتها في حياتك، والقرارات غير الموفقة، وكأن لسان حالك يقول ليت الزمان يعود بي يومًا لفعلت كذا ولم أفعل كذا. هنا نستطيع أن نعبر عن هذه المرحلة بمرحلة النضج الفكري لدى الأفراد والقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة والاستفادة من خبراتهم من خلال إفادة غيرهم من الشباب سواء كان بنصيحة، أو مساهمة في قرار، أو سرد قصة حقيقية لهم تعلمهم من خلالها دروساً حياتية تنفعهم في قراراتهم المستقبلية. تجد الأشخاص في هذه المرحلة لا يأخذون الأمور بعفوية بل هناك رزانة وحكمة في اتخاذ القرارات وهناك نضج في الحديث وفي التفكير، لذلك يجب أن نتقبل فكرة المرحلة الانتقالية أي من فترة الشباب إلى فترة الشيخوخة، حيث تقبلك للأمر دائمًا ما يجعلك في مصاف أفضل بعيدًا عن الأزمات النفسية حدة الاكتئاب، والتوتر، والقلق، فهذه المرحلة تتطلب منك نظرة مختلفة للحياة. وهي مرحلة تغير شكلي تمنح الإنسان جمالاً أكثر، ويجب أن ينظر الشخص إلى هذه الملامح ويتقبلها ويتعامل معها على أنها مرحلة جديدة في حياته، وأنها سنة الحياة، ويجب أن نمتلك القدرة على التعامل معها وهذا ما نلاحظه، حيث نرى أشخاصًا في خريف العمر الابتسامة على وجوههم وقدرتهم الكبيرة على ممارسة التمارين الرياضية بصفة يومية تجعلهم في صحة جيدة، فهم لا ينظرون إلى العمر فهو مجرد رقم ويجب أن يستمتعوا بالحياة التي يعيشون. تحتاج إلى التخطيط والتفكير في هذه المرحلة بنظرة أخرى ترى من خلالها الحياة من منظور آخر تبتعد فيها عن ضغوط الحياة وزحامها والاستمتاع بكل لحظة تعيشها بعيدًا عن التفكير في أن العمر يتلاشى، الاستمتاع بكل لحظة، تقديم أفكار للشباب الصغار سواء كانوا أبناءك أو أحفادك، فتمتع بحياتك معهم واترك فيهم أثرًا جيدًا دائمًا في حالة من التفاؤل والأمل، والاستمتاع بحياتهم حتى النهاية، وأن يكون لهم أنشطة وبرامج إبداعية يمارسونها ويستمتعون بها بعد مرحلة التقاعد، ذلك يبث في النفوس روح الشباب، فهم لهم تأثير خاص نحتاج إلى الاستفادة من خبراتهم وتجربهم ونبني على وجهات نظرهم الشيء الكثير في أمور الحياة التي نمر بها. يجب أن نعلم أن حياة الإنسان مراحل، والشخص الذكي هو القادر على التصالح في كل مرحلة من عمره، وكيفية الاستمتاع بها وبخصائصها بعيدًا عن النظر للسن. خريف العمر نعتبره بداية جديدة، وتذكر أن الشخص يموت عندما يتوقف عن العطاء لا عن التنفس، لذلك تستطيع أن تحقق أشياءً كثيرة فهي مرحلة جديدة يزداد فيها الشخص حكمة ورزانة ووقاراً.